بتوقيت غيمة صامتة/ نصر جميل شعث
ملف “مطر على فلسطين”: استسقاء فلسطيني
بتوقيت غيمة صامتة/ نصر جميل شعث
|نصر جميل شعث|
أكتبُ إليكِ بتوقيت غيمةٍ صامتة لمّا تزلْ تفُضّ أفواهَ الدعاة والسرّاق وعشاق صوتِكِ راعي الموسيقى في قلبيَ الصغيرِ المُصابِ بوخزةٍ حقيقيةٍ الآن.
صار الإنتظارُ بيتًا للغزَلِ في طلاقة جوّكِ المُشمس، وصار قلبي حشيشًا لغزلان أسرع من موسيقى دمي في مرآةٍ تَرى زرقة الأوردة الخافتة في ظلّ هذا الجسد الخفيفْ.
أوَتسمعين بحّة صوتي اللحوح انْسابتْ على خُصلةٍ تخفق فوق أُذنِكِ كرنّة جرسٍ تـقطّعت في قطن المَلْبسِ، وأطفأتْ شمعةً طوال الليل على طاولة الخشب؛ صداها استحالَ فراشةً على سفح كتفك العارية إلا من ملاك الحسنات وقُبلٍ بيضاءَ وطويلةٍ حزّمَها خيطُ السّوتيان الأسودِ الرفيع كحبل طوّقت به فلاحةٌ حُزمة نعنع أوّل هذا الضحى الذي تطرأ عليه غيمة صامتة؟
فإذا انقطعَ الخيطُ تَجلّي. وإذا انقطع الغاز والكهرباء اطبخي كميّة الأرز حبّة حبّة على لمع أظافركِ المُشمسة. وإذا انقطعتِ الشمسُ أشعلي النار وابكي مثل فلاحة تقنص الشررَ جوار الحوض بدمعاتها؛ لئلا يَحترقَ ثوبُها المطلّخُ بطمْي سنواتٍ قديمة، والمطرّز بنجوم عتيقة تُجمّلُ وجهَ البرْكة الراكدة حين تقف الفلاحة على صورتها وتعدّ الضفادعَ في القاع الذي أصابته النجوم.
كَوّني الغيمَ، لنقصِّ أحلامي، من رؤاكِ التي تسبق كلّ صباح مرايا البيتِ في رسم أناقتكِ على فجاءةِ الحدس، قبل أن تنزلي عن سريركِ وتفتحي الشبّاك لهواء ذلك الجبل الملفوفِ بأصوات بناتِ المدرسة المكرّسات لرسم آلة العودِ على قماشةٍ قاسَها حدسُ عينيكِ بحجم الغيمة الصامتة.