أطفال ونوافذ/ زياد خدّاش
|زياد خدّاش| أمام عمارة قيد الإنشاء، في صباح مبكر، كانت […]
أطفال ونوافذ/ زياد خدّاش
|زياد خدّاش|
أمام عمارة قيد الإنشاء، في صباح مبكر، كانتا تنتظران حافلة الرّوضة، جالستين ملتصقتين إحداهما بالأخرى، بثبات مؤدّب وجمّ على الرصيف، تشيران بالسّبابة نحو نوافذ العمارة، تعدّانها بصوت صامت: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8… وأسمعهما تختلفان على العدد؛ تقول إحداهما: (ثماني)، وتقول الأخرى (تسع) ولا ينهي خلافهما الهامس سوى وصول الحافلة. ما الذي كنت أفعله هناك في صباح مُبكر أمام طفلتيْن كانتا تختلفان على عدد نوافذ عمارة قيد الانشاء؟
جلستُ على الرصيف، نظرتُ إلى العمارة، أشرت بسبابتي إلى النوافذ، بدأت أعدّها، وصل العدد إلى ألف، تعبتُ من العدّ، توقّفتُ. لماذا لم تأت حافلتي بعد؟ نظرت حولي، لم يكن أحد بجانبي أختلف معه، لكني واصلت العدّ حتى وصلت المليونَ، فسقطت إصبعي إعياء، ولم تعد العمارة قيد الإنشاء، فقد اكتملت وسكنتها عائلات كثيرة، وصار الأطفال يُطلّون عليّ من النوافذ، يشيرون بسباباتهم نحوي ويعدون: “1″.
لم أسمعهم يختلفون .
23 مايو 2012
يا لك من نص مدهش يا زياد