رنة ثالثة هذه المرة/ راجي بطحيش
|راجي بطحيش| يزعق المنبه الخلوي في أذني للمرة الثالثة خ […]
رنة ثالثة هذه المرة/ راجي بطحيش
|راجي بطحيش|
يزعق المنبه الخلوي في أذني للمرة الثالثة خلال 10 دقائق هذه المرة، أجلس على حافة السرير وأسأل نفسي ككل صبح: أين أنا؟ وسؤال ليس أقل جوهريا: من أنا؟ الإجابة… أيوه.. أنا.. أنا… لقد سئمت نفسي من كونها نفسي… أنظر إلى أكوام الملابس السوداء والرمادية والكحلية المتناثرة حولي. آه عرفت من أنا. وأعرف الآن أين أنا. تنتظرني مهام صعبة، أصعبها الزحف نحو الحمام ومحاولة -مجرد محاولة (للمرة الـ 8769)- عدم الجحوظ أمام المرآة نصف ساعة على خلفية صوت خرير مياه أرض إسرائيل عبثا! أقحط نفسي عن السرير… أنبش بين قطع الأقمشة متشابهة اللون علني أجد ضالتي التي لم أحددها بعد. فسراويلي الداخلية (كلسوناتي يعني) متشابهة اللون وكذلك ملابسي القطنية الداخلية ومعاطفي الـ vintage (متى ستكف عن ارتداء هذه الألوان… يزعق في وجهي صديق افتراضي.. صرت تشبه قطعة الفحم المؤنسنة الكلبية) أزحف نحو الحمام. أتأمل في المرأة وفي ذلك الوجه غير الحليق، يجب ان اتخذ قرارا استراتيجيا فوريا بالحلاقة من عدمها كي لا أقضي يوم دوام آخر في غرفة الحمام. أتأمل أكثر بالمرآة:
إيران!
لقد حلمت بالحرب التي تندفع تهديداتها وفظائعها المتخيلة من كل ثقب ممكن (ولا اريد ان أفرط بالتفاصيل هنا كي لا أتهم بإقحام المشهدية الإباحية في كل ما أتفوه به حاسوبيا). لقد حلمت بالحرب.. أو بحرب لا يمكن تحديد أطرافها فسيناريو الحلم كان مبتورا وغير محبوك كما تنقصه الجولة الأولى والثالثة. كان هذا الحلم عبارة عن جولة ثانية ممطوطة وغير مثيرة مما جعلني استيقظ (على مهلي) ومن الرنة الثالثة للمنبه وليست الثانية ككل مرة، وهنا يكمن التغيير الثوري؛ القصة لا تتمحور حول حلمي بالحرب بل باستيقاظي من الرنة الثالثة. معنى ذلك أن الحرب التي كانت داخل الحلم (غالبا مع إيران) لم تكن حدثا جللا أو مفزعا بل على العكس هو حدث تتحضر له برتابة ما مما لا يؤثر على استغراقك بالنوم بل على العكس يكثف العلاقة المصيرية/ التعاركية بينك وبين السرير…
أتأمل أكثر بالمرآة. ماذا تعني إيران بالنسبة لي وكيف يمكنني أن أواجه لجان “الأمر بالممانعة والنهي عن التحرر” بذلك… أنا لا أحب إيران كما أنني لا أكرهها بشكل خاص. كما لا تفرق معي إن كانت هنالك مؤامرة أمريكية-إسرائيلية عليها أم لا.. أو أن هنالك مخططا كونيا لتدمير “الحضارة” الفارسية، حتى لو كانت تشكل خاصرة شرقية للعالم العربي وموصولة كليتها بجهاز الدياليزا.. آه وأمر آخر… لم يعجبني كثيرا الفيلم الإيراني الأخير الذي فاز بالأوسكار…
يحسب كل من أكلمهم حياتهم وفق الحرب الوشيكة مع إيران..”سنقيم هذه الأمسية في الصيف.. طبعا إذا لم تحدث الحرب”؛ “سأشتري بنطال pepe-jeans إذا لم نمت في الحرب”؛ “إذا وقعت الحرب سنفر أنا وزوجتي وولدي إلى عائلتنا البعيدة في السويد”؛ “لن نستطيع الفرار..لأن المطار سيكون قد دمر والحدود موصدة”؛ “إذا وقعت الحرب سنتلقى تعويضات وستمحى جميع ديوننا”؛ أخ من ديوني…
أعود إلى غرفتي التل ربيعية… لم أختر بعد ماذا سأرتدي اليوم… قد أجرب التوركواز مرة في اليوم الربيعي هذا المزركش بأحلام الحرب العذبة. أفتح بوابة الخوف وأشرعها على الدرب الفلورنتيني الضيق. تبدأ رحلة البقاء اليومية. أصلي كي لا تكون البلدية قد حررت لي مخالفة وقوف بسبب تلكئي الوجودي والعضوي في الحمام. فحجوزات التخلف عن سداد مخالفات البلديات باتت تنهش ما تبقى لي من راتب وكذلك الدعاوى من شركة شارع 6-عابر إسرائيل* لذات السبب، وها هو لتر البنزين يلامس 8 شيكلات والكهرباء كذلك، أما أحجار النرجيلة والتبغ فأصبحت للأغنياء فقط. كما لا يمكن شراء كيس فستق حلبي من دون الاقتراب سريعا من حافة الإفلاس. لا أجد مخالفة على زجاج سيارتي. آه فاليوم عيد المساخر** (البوريم) عند اليهود (ويوم المرأة العالمي– أتمنى كذلك الا اتشاجر اليوم مع أي إمرأة كما هي عادتي المحببة). أمضي بعربتي. أفكر بديوني المتبقية حتى موعد الحرب (لماذا لا يبكرون من الحرب وننتهي). أكاد أدهس رجلا… رجلا متخفيا بشخصية الرئيس محمود أحمدي نجاد!
*طريق سريع يعمل بنظام الرسوم
** عيد كرنفالي لليهود يتم فيه التخفي بشخصيات شهيرة والاحتفال بالشوارع
