في خوف الأربعين/ راجي بطحيش
|راجي بطحيش| 1 رجل الأربعين يجر حقيبة سفر صغيرة مليئة ب […]
في خوف الأربعين/ راجي بطحيش
|راجي بطحيش|
1
رجل الأربعين
يجر حقيبة سفر صغيرة
مليئة بقصاصات صحف تحوي اسمه
وذاكرة جفنيه وما حولهما..
من تشققات ناعمة.. ناعمة
لا يقرأها أحد.. تلك القصاصات
ولا تظهر على شاشة البلازما السائحة
تلك التشققات..
فثمة نظارات بإطار أسود أنيق
تحجب الخوف
2
رجل الأربعين
يهرول إلى بيته ليلا..
ثمة هشاشة قاتلة
عند المساحة التي تفصل بين
أنامله البيضاء المدللة الناعمة
وسواد المقود…
“يعتقد الجميع أنّ ليبيا قد تحررت بعد “الزنجة زنجة”..”
ولكنه يجلس وحيدًا أمام الشاشة ينظر إلى شفته الملتوية
التي تنتظر أحدًا كي يحقنها خمرًا حارقا
يرقب الثوار وهم في طريقهم الأبدية إلى طرابلس
“متى سأضع v على دولة أخرى.. أنا”
“هل تخاف إلى هذا الحدّ من الانتظار؟”
يجيبه الهاتف الذكي
3
رجل الأربعين
يسير ومن حوله أطفال شقر
لقد بدأ شعره يميل إلى البياض الزّجاجي
الذي يشبه شفافية قد تقتحم قلعة محصنة
مع أنّ مؤخرته مُمعنة في التشكل
والتكوّر من جديد..
يفكر من تلك الغيمة الجلدية التي تفصل الشرج عن الخصيتين:
“كيف لو تفجرنا جميعنا الآن
أو دهستنا حافلة…
أيّ طفل سيستحيل أشلاء وأين سيجدون رأسي
ومن من الأطفال سينجو ليروي حكايتنا المفبركة
في برامج الثرثرة بعد الأخبار..”
… يداعب العرق المنزلق حلمته الوردية المنسية.. ثم يمضي
يشرح لأطفاله عن الخفافيش التي تستوطن هذه الشرفة القوسية كل ليل
من دون نجاح يُذكر…
تمرّ شاحنة الدهر مهرولة.. تكاد تخطف ظفيرة الطفلة الشقراء
يلقي سائق الشاحنة سيجارته على بقعة وقود طازجة
“علام أنت خائف يا رجل”
4
رجل الأربعين
يجلس في المطعم المحتفي بضوضائه
يشاهد أنفه الطويل المعقوف في عيني من تجلس قبالته
لا يفهم شيئا مما تقول… أو هو لا يركز كثيرًا
لا يهم
أكل اللحم من شيم الرجال.. وإلى جانبه النبيذ
خاصة اللحم السميك..
يتجوّل رجل الأربعين بنظره، يراقب اللحوم
وآكليها، يرتشف قطرة نبيذ، تكاد تتكسر شفته على حافة الكأس
يلتقط حبة كاجيو محمصة ويقضمها..
تقول مرآة أنفه شيئا… يهز رأسه ارتباكا
يحضر النادل طبق اللحم
يجرح الرجل اللحم السميك الممتدّ على الطبق
ينز الدم خارجا..
“عذرا- لقد طلبت شريحة لحم مستوية بشكل ممتاز…
ما هذا القرف؟”
“هذه تعليمات الشيف
هل يخاف سيدي من منظر الدم”
5
رجل الأربعين
يزحف على الحرير المداهم بين الطريق من هنا
حيث تتبعثر الأوراق الممحية بمنطق مذهل
وبين مقبرة الأريكة التي تحتضر من شدّة نظافتها
يستلقي على ظهره
لا الحرير حريرا.. ولا هو نظيف لدرجة مقبولة
يصل اللسان نحو خده.. يلعق بقايا رغوة حلاقة وغسول وجه
تمتص شفاه أعالي العنق وتكاد تجتث ما فيه
من عصائر حسرة صامتة..
تتسلل أنامل… تمرّر ذاتها عبر الشعر
تندلق القصيدة نحو الفراغ المُندسّ تحت الحنجرة
يلعق اللسان تلك اللحمة الطرية الزئبقية عند حافة الأذن
فيجر رجل الأربعين
حقيبة سوداء صغيرة مليئة بورق الورد المنتوف
ويضع على عينيه نظارات شمسية بماركة سخية
تحجب اللا- خوف…
21 يوليو 2011
بتخيل جزء من الجمال هو البعثرة
اعجبني!
19 يوليو 2011
راجي , حاول ترتب أفكارك قبل الكتابة, هذا سيحميك من التبعثر.
تقبل رأيي رجاء