إلى هذي الأرض أنتمي: ناجي رحيم عن الذكرى 67 للنكبة
في عين الأمّ أبجدية تصرخ. طفلان يختبئان، ثلاثة وجوه في حضن جبل، مطرودة من بيتها إلى جهات من أسئلة، تدور ولا إجابة
إلى هذي الأرض أنتمي: ناجي رحيم عن الذكرى 67 للنكبة
ز
|ناجي رحيم |
مطرودين من أرضٍ إلى الأرض، أمّ تحتضن أطفالها، تحاول ازاحة ذرّات الخوف عن مسام روحها أو ما تبقّى منها، أفراد من العائلة وصلوا إلى أعلى الجبل حيث سموات لا تسمع نحيبًا، الأب، الزوج لم يعد، أخ في التاسعة لا يستجيب، بيدين يابستين زرع آخر نفثة من هواء تخثّرت تحت صخرة لا تغادر، مسمومين يمسكون برؤوس تتقاطر، وفود تفحّ، هذي أرضنا، أهداها لنا الخليفة، كتب لنا ميثاقًا بها، نغسل خطواتكم عنها، نطهّرها من رجس أدعية لا يعرفها ربّنا العادل، ربّنا لنا وحدنا.
ربٌّ في حيرة. كان منشغلاً في أمور الخلق، يسيّر شؤون الكائنات. لم يتابع أو لا يدري ما يقول ربّما. أمّ تتكوّر على روحها وتبحث عن رحم الأرض التي ولدتها. هذي هي الصورة، هذا إطارها العام، ترى، هل يستقيم وسياق المناسبة، وأيّة مناسبة يمكن أن تستقيم في عالم لا يصغي ولا يريد؟
•
في عين الأمّ أبجدية تصرخ. طفلان يختبئان، ثلاثة وجوه في حضن جبل، مطرودة من بيتها إلى جهات من أسئلة، تدور ولا إجابة.
الإنسان هويّتي، لا أعرف لغة هذي الأمّ، لست وطنيًا أصلاً، بل أنتمي إلى هذي الأرض. بكيت وأنا أتابع محنة الأيزيديين في العراق، هل أقارن مع محنة فلسطين؟ هل من أواصر في الحالتين؟ هل هناك ما يجمع؟
نعم، نعم لأنه الإنسان ومحنته.
ما بين ألم وألم مسافة، ما بين بَوح وبوح، مسافةٌ قد تكفي لترميم حياة لا تنسى حياتها، انسان ينتزع من أرضه ليأتي وافد يحلّ مكانه، على مرأى العالم. أساطير تخلق كي تنسجم مع عهر سياسة، مع فنون شطب وبيع وإذعان. لا أريد تكرار ما نعرف ويعرف الكون كلّه، تكرار ما لا تريد دول من رمل ونفط أن تلامسه حفاظا على عروش عوائل، ساعدت على تأسيس دولة مسخ، دولة مسخ هنا في شام الحضارة، وهناك في عراق سومر والثور المجنّح يشكو من هشيم أضلاعه، يشكو بينما سيقانه مثل نخلة واقفة أو مثل زيتونة معمّرة نهبوا كبدها وظلّت شاخصة. أخيرا أقول:
“قلبي مقبرة”، كتبتُ، كم كنتُ مخطئاً،
قلبي حديقةٌ من وجوه، لكلّ وجهٍ وردة.
(شاعر عراقيّ)