الطّالب العربيّ في إسرائيل أدنى تحصيلًا من نظيره في دول العالم الثّالث!/ أسعد موسى عَودة
|أسعد موسى عَودة| كثير من الأخبار الأهمّ نجده منشورًا ف […]
الطّالب العربيّ في إسرائيل أدنى تحصيلًا من نظيره في دول العالم الثّالث!/ أسعد موسى عَودة
|أسعد موسى عَودة|
كثير من الأخبار الأهمّ نجده منشورًا في الصّفحات الدّاخليّة من وسائل الإعلام المقروءة، دون أخبار الضّجيج الإعلاميّ والإعلانيّ الّتي تُفرَد لها صدور الصّفحات الأولى؛ شأنه في ذلك شأن ما يكون مكتوبًا بأحرف صغيرة، تكاد لا تُرى بالعين المجرّدة، في أيّ نشرة أو إعلان تجاريّ؛ حيث تكون هي – في الحقيقة – المقرِّرة والأهمّ. وهذه هي حال التّربية والتّعليم، اليوم، الفِقْرة الأقوى والأضعف في كيان أيّ مجتمع بشريّ. ففي صفحة متخلّفة من عدد يوم الثّلاثاء الأخير لصحيفة “معاريڤ” الإسرائيليّة، جاء خبر مفصّل عن وضع التّحصيل العلميّ لطلّاب المدارس في إسرائيل، استنادًا إلى بحث معمَّق تمّ نشر نتائجه في التّقرير السّنويّ لمركَز “تاوْب” لبحث السّياسة الاجتماعيّة في إسرائيل، برئاسة الپروفسور دان بن داڤيد، تناول وضع التّعليم المدرسيّ في إسرائيل في العَقد الأخير (2000-2010). ومن جملة ما جاء فيه ويهمّنا بشكل خاصّ، نحن – من أصبحنا الأقلّيّة العربيّة في دولة إسرائيل – أنّ التّحصيل المدرسيّ للطّالب العربيّ في البلاد أدنى من تحصيل نظيره في دول العالم الثّالث!
إنّ هذا الخبر الكارثيّ أثار فيّ – من جديد – السّؤال: أما آنَ لنوّابنا العرب – والعرب جدًّا – في البرلمان الإسرائيليّ – ونحن على أبواب انتخابات برلمانيّة جديدة – أن يكون أمر التّربية والتّعليم الخاصّ بطلّاب المدارس العرب – وهم نصف تَعدادنا، وإن كانوا بعض حاضرنا فهم كلّ مستقبلنا – شاغلهم وشُغلهم ومَشغلهم، ليلًا ونهارًا وسرًّا وإعلانًا، في الدّورات النّيابيّة القادمة بدلَ الفائتة (بَدَلِ لْلِي دايْرِين عَلِيه!..) قبل اتّهام الجلّاد؟!.. أما آنَ لهم أن يصنعوا الحدث بدل أن يطفوا على سطح الأحداث؟ أما آنَ لهم ولغيرهم من رؤساء سلطات وبلديّات وأصحاب نفوذ – مهما كان مَخْصِيًّا هذا النّفوذ – أن يُدركوا أنّ مواجهتنا الجوهريّة مع الدّولة ومؤسّساتها وإعلامها وأعلامها هي مواجهة فكريّة تربويّة تعليميّة تَوْعَوِيّة ثقافيّة حضاريّة؟ أما آنَ لنا أن نملك الشّجاعة والجَراءة والإقدام على تنظيف مؤسّساتنا ونُظمنا الإداريّة كافّةً.. وعلاقاتنا وتعاملاتنا وذواتنا.. من كلّ ما يُمكن أن ينطبق عليه قول: دودُه من عُودِه؟ أما آنَ لنا أن نُلْبِس العُودَ كي يَجود؟ أما آنَ لنا…؟! عسانا، يومًا، نستلّ قَبَسًا من العلم الحقّ من وسْط هذا النّفق المزدحم بظلمة الجهل.. فنمضي شعاع نور في العالَمين!.. إنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِم!..
ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!
رئيسة الوزراء فُلانة أم رئيس الوزراء (عَلّانة)؟!..
أتاحت أكاديميّة اللّغة العبريّة (مَجمَع اللّغة العبريّة) مؤخَّرًا – من دون إلزام – تأنيث صفات الوظائف، إذا ما كانت امرأة تَتَشَغَّل بهذه الوظيفة أو تلك من الوظائف الّتي لا تزال تُعتبر، لغةً على الأقلّ، إن لم يكن ثقافةً، أيضًا، حِكْرًا على الرّجال دون النّساء. حيث يُمكن – من اليوم – القول: “روشات هميمشالاه” (رئيسة الوزراء فُلانة) فضلًا عن: “روش هميمشالاه” (رئيس الوزراء (عَلّانة))، وعلى ذلك قِس.
ما يجدر بنا أن نَلْفِت إليه هو أنّ مثل هذا الإشكال غير موجود في سيّدة الألسنة – لغتنا العربيّة؛ فنحن نقول: رئيسة وسفيرة ونائبة ومستشارة ومراقِبة ومديرة ومحاسِبة ومُذيعة… وغيرها وغيرها.. اللّهمّ إلّا في الألفاظ الّتي أصلها مذكَّر؛ حيث نقول: عضو البرلمان، ولا نقول (عضوة البرلمان).. ولا يأتي ذلك – في لغتنا وثقافتنا – من باب الاحتكار أو التّفضيل (تفضيل جنس على جنس)، إنّما من باب لغويّ أسلوبيّ صِرْف؛ حيث يُمكننا أن نقول: نائبة البرلمان، مثلًا، بدلًا من (عضوة البرلمان) هذه، الّتي يُصرّ عليها، عبثًا، بعضٌ من أنصار المرأة – وكلّنا أنصار المرأة!
درس التّذكير والتّأنيث في علم اللّغة والأساليب درس واسع رحب، لا يتّسع المجال لتناول تفاصيله الآن، لكن ما يجب أن نكون مقتنعين به تمامًا أنّ اللّغة العربيّة – إذا ما أمعنا النّظر – أكرمت الأنثى بقدْر ما أكرمت الذّكر.. أو أكثر.. وكيف لا، وهي لغة كرامة الإنسان في كلّ زمان ومكان؟
ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!
لعينيك رام الله..!
كنّا بالأمس مع عيني غزّة.. عينَيها الزّرقاوَيْن النّجلاوَيْن.. وهما تحدّقان إلى الألم.. والأمل.. ونحن، اليوم، مع عيني رام الله.. عينَيها الخضراوَيْن العاليتَيْن.. وهما تَجْتَرِحان النّصر؛ حيث انتزعت فِلَسطين من أنياب العالَم اعترافَه بمكانتها (المؤقّتة) دولةً مراقِبةً غيرَ عضوٍ في الأمم المتّحدة، وذلك كلّه في توقيت فيه من الرّمزيّة والدّلالة ما فيه، يوم التّاسع والعشرين من تشرين الثّاني/نوڤمبر؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1947 اتّخذت الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة نفسُها قرارَها بإنهاء الانتداب البريطانيّ في فِلَسطين وتقسيم أرض فِلَسطين التّاريخيّة بين دولتين – عربيّة ويهوديّة – وتدويل القدس؛ إبقاء القدس وما حولها مِنطقة تخضع للرَّقابة الدّوليّة. وكم راهنوا على فشلها في مَسعاها الأخيرِ فِلَسطين.. وكم حاولوا، عبثًا، ثنيها.. أو تقزيم تأييدها.. لكنّه يبدو حقًّا أنّه والله ولّى زمن الهزائم وحلّ (وجاء) زمن الانتصارات.. تحيا الإرادة الفِلَسطينيّة.. تحيا الدّبلوماسيّة الفِلَسطينيّة.. تحيا فِلَسطين حرّة أبيّة..!
ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!
وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!
(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم ومحرّر لغويّ؛ الكبابير/ حيفا)