زيادان/ زياد خدّاش
|زياد خدّاش| ذلك هو نهاري: … رزيناً، وجديّاً، ومل […]
زيادان/ زياد خدّاش
|زياد خدّاش|
ذلك هو نهاري: … رزيناً، وجديّاً، وملتزماً بهندام “محترم”، ممشطاً شعري وأفكاري، عقائديّ الابتسامة، مضبوط الضحكة والخطوة، مفتعلاً دور حارس القيم، كاتباً باجتهاد تاريخ كل يوم على السبورة، صارخاً في وجه طالب يمدّ رجله (باسترخاء وقح) من تحت المقعد، مراقباً ألفاظي، محتشداً بتقطيبات؛ وجه حفاظاً على هيبتي، محتفظاً بدفتر علامات، يقيس تفوّق طالب وعدم تفوق طالب آخر. أمامي مسطرة، أقيس بها حدود ضحكات الطلاب وأصواتهم أثناء شرحي، عارفاً كل شيء، مجيباً بتفاصيل هائلة عن كل سؤال، متأكداً من كل شيء… أقف أمام طلابي كل صباح.
ذلك هو ليلي: … وقح المخيلة، متدفق الحواس، عشوائي الابتسام، فاتحاً القفص على مصراعيه لذئابي المسعورة، جاهلاً باستمتاعٍ تاريخ اليوم، مطلقاً صنبور لغتي المحبوسة، بجانب سريري خزانة أسئلة غزيرة، هائج الشعر والبدن، سائل الزمن، متنقل الأمكنة، مهزوزاً برشاقة، مهزوماً بوعي، لا أعرف أي شيء، غير متأكد من أي شيء، عارياً من الإجابات، مضطرب الخطوات، متخبطاً في عتمة روحي وبيتي، أقف أمامي.
يحدث أن تدك مدافع نهاري صفاء ليلي، فأهرب إلى قعري/ مدرستي إلى أن تستعيد جحافل جيش ليلي انتصارها، فأقف متأجج الوجه على عتبة رحلة داخلية زاهية وغامضة. يحدث أن يتشابك الاثنان معاً على أرض جسدي، فأصير مشروع شبح أعمى يتنازع عنقه المرخية المسترخية سور مدرسة وجناح طائر، فأنشطر إلى اثنين مثل (الفسكونت المشطور) بطل رواية الإيطالي الرائع كاليفنو، الذي شطر جسده مدفع تركي ذات حرب شرسة، فعاش بين الناس بشطرين مشتتين يتبادلان الغيرة والغضب والتهديد.
يحدث أن أموت وأحيا كل يوم. يحدث ألاّ أكون.