بلاكبيري والخمسمئة دقيقة: Talkin’ To Me؟؟
عندها اقترب مني فخري وهمس لي بالجواب الذي يشرح سياسة ال […]
بلاكبيري والخمسمئة دقيقة: Talkin’ To Me؟؟
عندها اقترب مني فخري وهمس لي بالجواب الذي يشرح سياسة الشركة في هذه الحالة، وجعلني أحلف ببُرداية معمر القذافي البنية بأنني لن أخبر أحدًا بالأمر، وإلا فصلوه فصلا مُميتًا، مما يقد يعني اندلاع نيران اللقلقات والتبرّمات والشكاوى بين الأنسباء، على محور الجش-عكا-أبو سنان
مع أنني نادرًا ما أتحمّس للتجديدات والاختراعات التقنوية التي تغزو حيواتنا يومًا إثر يوم، إلا أنّ أناقة وفخامة ووسامة جهاز البلاكبيري (BlackBerry) أسرت لُبي، فاصطحبت المدامَ برأيها الرّشيد، لتراقب وتفحص وتحارب، فرأت واطمأنّت، ثم قالت: يدخل بيتي بسلام- فدخل.
والحقيقة أنّ الصدمة التي استولت عليّ جراء حمل جهاز مُعقد كهذا في جيبي تراجعت فورًا لتحتلّ محلها صدمة استهلاكية من نوع آخر، كُنهها المفارقة، والسخرية قدرها. فحين جلستُ إلى الرفيق (العربي) في شركة “بيليفون” (الترجمة من العبرية: مصّاصو الدماء) علمنا في بُرهة-سُرعة- ومضة البرق أنه صديق أخي، وأنه يعلم أنّ أحد المسؤولين الكبار في فرع الخدمات الذي كنا فيه واحد من أنسبائنا اللزم، ويعلم أيضًا أنّ عليه اقتراح أفضل الرّزم الموجودة في الشركة على الإطلاق، وإلا اشتعلت نيران اللقلقات والتبرّمات والشكاوى بين الأنسباء، على محور الجش-عكا-أبو سنان.
قال لي الرفيق فخري (كرّم الله قميصه الأبيض البيليفونيّ الناصع): سأعطيك رزمة لم تحلم بها. وأنا صدّقوني، سوى الأرق المزمن الملازم لي منذ ليالٍ طويلة، لا أحلم إلا بكنبة صغيرة في مكتبي أضعها للاستلقاء ظهرًا، أو بتلفزيون قديم أنصبه بقربي في شارع البنوك وألعب عليه بلايستيشن معظم النهار. لكن فخري أصرّ وكشف تفاصيل الصفقة: جهاز بلاكبيري 9300 على سنٍّ ورُمحٍ؛ 1200 دقيقة اتصال لكلّ الشركات في الشهر؛ 1200 إس إم إس لجميع الشركات في الشهر؛ ورزمة إبحار في الإنترنت بسعة 2 غيغابايت في الشهر- وكل ذلك بـ 280 شيكلا شاملة لضريبة القيمة المضافة!
ورغم أنني جاهل أشدّ الجهل بعالم الخليويات وأصوله ولا أعرف النقاش أو المطالبة بأية أمور في هذا المجال، كما يفعل نزار طيلة النهار، إلا أنني شعرتُ وهو يشرح لي بأنّ هذه صفقة أخت شَليتة. ومما زاد من تأكدي اللكزة التي تلقيتها من كوع المدام فوق الطحال مباشرة، حيث لم أكد أنظر إليها متألمًا حتى ابتسمت ابتسامة عريضة وواسعة، أذكر أنها لم تبتسم لي مثلها إلا عندما تحشّرتْ بي وقتها في مكتب “عدالة” القديم في شفاعمرو، وهي تسألني بجانب ماكينة التصوير: إنتي جديد هون؟
والآن إلى المفارقة التي وعدتكم بها في أول المقالة: اتضح لعبدكم الفقير، وبعد تكتكات سريعة داهمة من الرفيق فخري، أنّ شركة “بيليفون” تكرهني أشدّ الكراهية كزبون، حيث أنّ معدل استخدامي للهاتف المحمول بلغ 170 دقيقة حكي شهريًا و160 إس إم إس لا غير! أي أنني بالكاد أتحدّث 6 دقائق يوميًا في هاتفي النقال وأبعث 5 رسائل نصية.
بعد أن نظر إليّ فخري من فوق لتحت، ومن تحت لفوق، بنظرة تعني “في منك على شوكالاطة؟”، قال إنّ هناك مشكلة جدية! اللكزة الثانية من المدام لم أفهمها ولكنها هدّدت هذه المرة سلامة الكلية اليمنى. قال فخري عزّ وجلّ: لازم تحكي 500 دقيقة بالشهر وإلا رح تدفع 80 شيكل بالشهر زيادة على الـ 280. لم أفهم في البداية، ولما أعاد تلاوة ما تيسّر من سورة الرّينغتون، سألتُه: بس ليش؟ مش من مصلحة الشركة أحكي أقلّ في قلب الرزمة؟… عندها اقترب مني فخري وهمس لي بالجواب الذي يشرح سياسة الشركة في هذه الحالة، وجعلني أحلف ببُرداية معمر القذافي البنية بأنني لن أخبر أحدًا بالأمر، وإلا فصلوه فصلا مُميتًا، مما قد يعني اندلاع نيران اللقلقات والتبرّمات والشكاوى بين الأنسباء، على محور الجش-عكا-أبو سنان.
بعد أن خرجنا من مركز الخدمات وأنا متسلح “بثمرة العليق السوداء” (BlackBerry) شعرتُ بالورطة الحقيقية: من 170 دقيقة في الشهر عليّ أن أطوّر مقدرات كلامية تفوق الـ 500 دقيقة (وأنا حتى لا أفكر مجرد تفكير في الـ 1200 دقيقة المتاحة أصلاً)! فجأة شعرتُ بركبتيّ تضعفان: هل سأضطر إلى التحدث إلى الناس من الآن فصاعدًا بدلا من بعث إيميل أو إس إم إس؟ يا إلهي: 500 دقيقة في الشهر!!
وعليه، أصدقائي ومعارفي وكل من يملك رقم هاتفي، هذه دعوة مني صادقة وحقيقية: من يرغب بالتحدث معي هاتفيًا أرجو منه أن يرسل لي رسالة نصية بكلمة واحدة: “إحكيني” (Talk To Me!)، وسأبادر للاتصال بكم على الرّحب والسّعة.
ألم أعدكم بمفارقة؟… هل بلّغت؟ اللهم فسَمِّسْ (وبرجعلك)!