نهار شاسع/ كون أون
كون أون: رائد الشعر المعاصر في كوريا | تر […]
نهار شاسع/ كون أون
كون أون: رائد الشعر المعاصر في كوريا
| ترجمة: سهيل نجم وتقديم: ألن غينزبيرك |
قابلت كو أون في سيؤل في العام 1989 أثناء دعوة لقراءة شعرية. إنه باحث فطن أجبر ليخدم في الجيش الشعبي ثم صار راهباً يشحذ الصدقات لعشر سنين، بعدها تحول إلى رئيس تحرير لصحيفة بوذية وشاعر صدرت له دواوين، ثم صار رئيس كهنة في معبد حتى خلع أحزمته كلها ليغدو عدمياً يائساً. وبعد ذاك أصبح مدير مدرسة الجزيرة الجنوبية للإحسان، ثم كاتباً غزير الإنتاج وسكيراً حتى أوشك على الانتحار ثم ناشطاً عسكرياً متمرداً ضد الحكم البوليسي ثم السكرتير العام لجمعية الفنانين من أجل الحرية، بعدها محتجزاً وسجيناً سياسياً، وفي الوقت نفسه يمارس الكتابة والترجمة والنشاط الأدبي بغزارة.
في الخمسين من عمره أمسى زوجاً وأباً. وكان في ذلك الوقت أيضاً مؤلف ملاحم تاريخية وسجيناً في العام 1980 وشاعراً ملحمياً لملحمة “جبل بيكادو” وشاعراً سردياً لشخصية تصور “عشرة آلاف حياة” سلسة بارزة لسير “شخصيات” كتبت باللغة الكورية الدارجة، وأخيراً أصبح البوذي العارف الذي ساقه الشيطان إلى الشعر الكوري، وهو المتحمس والمألوف والغزير والمسكون بالخلق الشعري والواسع المعرفة، ليكون بالنتيجة “رائد الشعر المعاصر في كوريا” اعتماداً على مترجميه.
وإذ كنت قد اطلعت على البعض من قصائده المترجمة خصوصاً بعض الأجزاء من الحياة الطبيعية الخادعة من “عشرة آلاف حياة” –التي تضم بورتريهات رقيقة إنسانية وقصصاً متضادة “أليفة” ذات نهايات مفاجئة ومرحة، تكاد توازي شخصيات و.س. وليامز وتشارس رازنيكوف، فقد توقفت ملياً عند النصوص الحالية. إنها قصائد كوان (تضاد) تستدعي التوقف للتفكير لأنها تقدح الذهن. لم يحدث لي أن مارست طقوس الزن البوذية، فأسلافي ينحدرون من كاجيو التبتيين، الذين يجلسون وهم يرتدون القبعات الصفر ويقومون بنوع من التأمل التحليلي. لكن أي متعلم شرقي يعرف مذاق ألغاز الكوان والهايكو والغاثا والدوها التي ليس لها مفاهيم واضحة –أو أنها مفاهيم تتجنب التأمل المفاهيمي.
يأتي كو أون من سرديات “حكمة مجنونة” مبكرة وهو يقدم هنا ما يمكن أن اسميه قصائد زن قصيرة. لا يمكنني فهمها تماماً، بل فقط أفهم نصف تضميناتها وتجذبني إليها من خلال شعريتها التي تبدو غير ناضجة وصعبة المنال –على الرغم من أنها ممتلئة وفارغة في الوقت نفسه: قبل أمك/ كان خريرك”، العبث المرح الذي لديك قبل أن تولد.
إن هذه القصائد تذكرنا بإعلان إيكيو عن “شونياتا” (الفراغ): “آه نعم الأشياء موجودة، كما صدى صوتك عندما تصرخ عند قدم الجبل العالي”. يلاحظ كو أون بينما يسير أسفل الجبل:” “النسيم الخريفي يتقلب ويموت/ مثل جلد أفعى منسلخ “.
إن السخرية المشعة في شعره واضحة: “مخمور… أترنح إلى هنا وإلى هناك،/ ستون تريليون خلية مخمورة كلها!” وكذلك الإحساس بالقضاء السريع للزمن:”ذلك الكلب الذي سيموت غداً/ لا يعلم أنه سيموت/ إنه ينبح بشراسة”.
إن كو أون شاعر مدهش، خليط من البوذي العارف والسياسي ذو العقل التحرري والمؤرخ الطبيعي.
قصائد من ديوانه “ماذا؟”
الهبوط من جبل
وأنا أنظر خلفي
آها!
ليس ثمة أثر للجبل الذي هبطت منه للتو.
أين أنا؟
النسيم الخريفي يتقلب ويموت
مثل جلد أفعى منسلخ.
رجال الأدغال
رجال الأدغال الأفارقة
دزينة كلمات تكفيهم
لحياتهم بأكملها.
آه يا أبي الحقيقي، يا إبن الروح المقدسة،
يا رجال الأدغال!
اختبار
تعال.
بلا أقدام.
أو أرسل كلبة
تعض قدميك.
أنت يا إبن الكلبة!
تعال غداً.
غداً؟ أي غد؟
يا ابن الكلبة!
مشاعر عميقة
لعقود أنتظر زهرة ثلج واحدة
جسدي توهج كالفحم
ثم ذوى.
كان هناك صوت غناء
حشرات الزيز ثم تلاشى.
الراهب جيونغو
أنت لست أنت
إن لم تعرف عن النبيذ والنساء.
ناهيك إن كنت لا تعرف عن البقية
لذلك بنى زوج قديم من العقعق
عشهما على رأسك.
نهار شاسع
فضلات جافة
من دون ذباب يحوم حولها.
هل هذه هي الفردوس؟ لا.
ابتسامة
واقف أمام الابتسامة
على وجه رأس الخنزير المسلوق
لأكون كريماً بلا أدنى شك.
مخمور
لم يحدث لي أبداً أن كنت كياناً فرداً.
ستون تريليون خلية!
أعيش جماعياً.
أترنح إلى هنا وهناك،
ستون تريليون خلية مخمورة كلها!
عن “كيكا”