كَيْفَ جَلَسَتْ بَغْدَادُ/أَلمُوج بِيهَار
. |أَلْمُوجْ بِيهَارْ| |عن العبريّة: ألطَّيِّب غنايم| ب […]
كَيْفَ جَلَسَتْ بَغْدَادُ/أَلمُوج بِيهَار
.
|أَلْمُوجْ بِيهَارْ|
|عن العبريّة: ألطَّيِّب غنايم|
بغدادُ، بَهْجَةُ الكون، أَجْمَلُ مُدُنِ العالم، تُبَطِّئُ من إيقاعِ وتيرة الماء في ثالثِ أنهار جَنَّةِ عَدَن. فتياتٌ وفتيةٌ يعبرون جُسُورًا، تَتَوَقَّعُ تَفْجِيرًا، ويتلفعّون بِخِمَارٍ سَدِيمِيٍّ مِنْ غُبَارِ الصَّحْرَاء، خَوْفًا من النّار المغوليّة والصّواريخَ الجَوَّالَةِ الذَّكِيَّةِ المُبَرْمَجَةِ بالإِنْجلِيزِيَّةِ (والمستَتِرَةِ تحتَ أَسْمَاءٍ عَتِيقَةٍ سَلِيلَةَ عَوَالِمَ أُخْرَى، مِثْلَ التّوماهوك). في بَابِلَ الجديدةِ تَقَوَّضَتِ الأَبْرَاجُ التي رأسها في السَّمَاءِ، مزروعة بالطّائرات المُتَمَلِّصَةِ المُبَلْبِلَةِ لأجهزة الرّادَارَات، وَفي الأَسْواقِ قَدْ أَزَلَتْ أَدْوِيَةُ الأَطْفَالُ مُنْذُ زَمَنٍ. عَلَى أَنْهُرِ آرامَ- اَلرَّافِدَانِ يَتَضَافَرَانِ بَاكِيَيْنِ، ورُؤَسَاء غرباء يحقِّقُون نُبُوءَاتِ الغَضَبِ العَتِيقَةِ، لَيْسَت لَهُم، ويقصفون أَطْفَالاًنَحْوَ الصُّخُور. ثانيةً، تنزِلُ ثورةُ اللهِ منْ سَمَاءِ الطَّائِرَاتِ، تِذْكَارًا لِحُزْنِ سْدُوم وَعَمُوراه، وَرَمَادُ حريقٍ يمحُو غُرُوبًا وَيُعَزِّزُ غُرُوبًا. سَكْرَانُ مِنْ فَتْكِ سُلْطَتِهِ بالبَشَرِ، يُطَالِبُ بسيادته أَيْضًا عَلى الكَوَاكِبِ وَعَلى الأبراج. مدينة أُورْ-كِشِدِيم قَدْ رَأَتْ كُلَّ المعارك وَكُلَّ الحُرُوبِ القَادِمَةِ، وَأنبياءُ السّلوانِ العراقيُّونَ الجُدُد يَمْشُونَ حُفَاةً في شَوَارِعِ غور أَرْض الرّافدينالمُحْتَرِقَةِ، والتي تجيد تكرار جملتها: “لا انتصارات في الأبد”. مُنِحَت الانتصاراتُ لكلّ العابِرينَ، لكلّ من حقبتُهُ قَصِيرةٌ في التّاريخ، كَمَصِير كُلّ المَمَالِك المُتَبَجِّحَةِ. على غُبَارِ البِلادِ تَجْلِسُ عَذْراءُ بنتُ-بابلَ، وتُبَاشِرُ الغِنَاءَ بِعَرَبِيَّةِ القُرْآنِ، على أَنْغَامِ العُودِ والقَانُونِ المُتَمَرِّسَةِ بِعَزْفِ بَهَجَات الحَيَاةِ بِأَصَابِعِ العَازِفِينَ العميَان: “كيفَ جَلَسَتْ بَغْدَاُد المدينةُ الكثيرةُ الشَّعْبِ كَيْفَ صَارَتْ كَأَرْمَلَة العَظِيمَةِ في الأُمَمِ”.
(القدس، حين وقوع القنابل الأمريكيّة على بغداد، ليلة 20.03.2003 – 21.03.2003)