تطبيق «زقاق»: باب إلى القدس المحتلّة/ رشا حلوة
أشار طاقم المشروع إلى أنّ «زقاق» يهدف إلى إتاحة مصدر موثوق للمعلومات عن البلدة القديمة في القدس، وبأنّه يحتوي على صور ومعلومات وخرائط وإحداثيّات ومعالم وأسواق وعيادات ومدارس وحارات داخل البلدة القديمة.
| رشا حلوة |
ما من علاقة سياحيّة مطلقة مع أي مدينة من مدن فلسطين المحتلّة، كأن تذهب لزيارتها، والتجوال فيها، والانبهار بتاريخها ومعمارها وآثارها فقط. فالتاريخ حاضر، والواقع السياسيّ في ظلّ الاحتلال مستمرّ بتشويه المكان ومحو معالمه وهويته. وبالتالي، المدخل الأساسيّ للتعرف على المكان هو إدراكك التام بأنّ هاجس الاحتلال المستمرّ، هو كيف ينزع من المكان روحه، المكان الإنسان والمكان الحجر. فكم بالحريّ، لو كانت المدينة هي القدس؟
الإجابة على هذا السّؤال نهج حياة مستمرّ، يعمل بحسبه الفلسطينيّون عامةً، والمقدسيّون على وجه الخصوص، في بحث دائم عن سُبل تضمن الحفاظ على تفاصيل المكان/ القدس كلّها. من تلك السُبل المقدرة على خلق أشكال الصمود والبقاء، كالتواجد في المدينة، وممارسة الحياة اليوميّة فيها، والمشي في أزقتها، وطقس تناول وجبة الإفطار، سواء من الحمص أو الكعك والفلافل، إضافةً إلى ابتكار مشاريع إبداعيّة تساهم في ذلك النهج. من تلك المشاريع مبادرة فريدة من نوعها لطاقم «مؤسّسة الرؤيا الفلسطينيّة» الذي أنشأ تطبيق «زقاق ــ المشي بالقدس زقة زقة» للهواتف الذكيّة.
ولدت تسمية التطبيق من حقيقة وجود أزقّة كثيرة في القدس، واستغرقت فترة تصميمه وتجهيزه ستة أشهر، وهو متوفر حالياً باللغتين العربيّة والإنكليزيّة، على متجرَي «غوغل بلاي» و «آب ستور». ويضمّ التطبيق ثلاثة أبواب: «أين أنا؟»، «اختر حيًّا»، و «معالم تاريخيّة». وبالإمكان استخدامه على الهواتف الذكيّة والـ «آيباد» والـ «تابلت»، بالإضافة إلى الموقع الإلكترونيّ. التطبيق الذي مرّ أسبوعان فقط على نشره، وصل عدد مستخدميه إلى 3000 حتى الآن.
في نصّه التعريفيّ، أشار طاقم المشروع إلى أنّ «زقاق» يهدف إلى إتاحة مصدر موثوق للمعلومات عن البلدة القديمة في القدس، وبأنّه يحتوي على صور ومعلومات وخرائط وإحداثيّات ومعالم وأسواق وعيادات ومدارس وحارات داخل البلدة القديمة.
ويقول مدير «مؤسّسة الرؤيا الفلسطينيّة» رامي ناصر الدين لـ «السفير»: «إنّ الرواية الإسرائيليّة حول القدس هي الطاغية. وبالمقابل، نحن كفلسطينيّين، معلوماتنا حولها ركيكة وفي مرات كثيرة مغلوطة أيضاً. أن نعمل على تطبيق يدمج المعرفة والتكنولوجيا، يهدف من جهة إلى دحض الرواية الإسرائيليّة، ومن جهة أخرى، سيكون بمقدور الفلسطينيّ الممنوع من زيارتها والعربيّ أيضاً أن يراها ويقرأ معلومات صحيحة عنها من خلال تطبيق سهل الاستخدام».
البعد السّياسيّ حاضر بقوة في التّطبيق أيضاً، من خلال توفيره لمعلومات حول الكاميرات التي يضعها الاحتلال داخل أزقة البلدة القديمة، وحاراتها وشوارعها وبيوتها، بالإضافة إلى المستوطنات. «إنّ ما يميّز هذه المعلومات»، يقول ناصر الدين: «هو كونها غير متوفرة في أي مكان. بالإضافة إلى أنّ الرواية الإسرائيليّة تروّج بأن هذه الكاميرات موضوعة «لحمايتنا»، بينما من المهم النشر والكشف عن أن هذه الكاميرات وضعت لمراقبة المقدسيّين».
في الظرف السّياسي الذي يعيشه الفلسطينيّون في ظلّ الاحتلال والحواجز العسكريّة واللجوء، وفّرت التكنولوجيا مساحة واسعة للتواصل، من التواصل الإنسانيّ اليوميّ إلى التواصل الإنسانيّ المُنتج. كما أتاحت فرصة للفلسطينيّ اللاجئ والممنوع عن بلده وزيارتها، بأنّ يلقي نظرة عليها، بما في ذلك من غصّة قلب، من خلال صور وفيديوهات متوفرة عبر الإنترنت، أو تلك التي يُرسلها أصدقاؤه في فلسطين. كما يعمل الفلسطينيّون مؤخراً على استغلال التكنولوجيا لإبداع وخلق مشاريع تحافظ على الهويّة وتحمي المكان ومن بقي من ناسه فيه.
في خانة هذه المشاريع، يقع تطبيق «زقاق»، لا ليعطي معلومات عن القدس المحتلّة أثناء التجوال فيها فحسب، إنّما ليمنح أيضاً فرصة «رؤيتها» لكلّ من أُبعد عنها قسراً ومنع من الاستماع إلى قصصها وهو يمشي فيها.
حول أهمية تطبيق «زقاق» في ظلّ الظروف التي تمرّ بها مدينة القدس هذه الأيام، يقول ناصر الدين: «في ظلّ السّياسة الإسرائيليّة لتفريق مدينة القدس، التطبيق يؤكّد على شكل القدس الحقيقيّ. وعلى المستوى المحليّ، هو يدعو المقدسيّين لمعرفة مدينتهم أكثر، وكذلك يدعو كل من هو خارج القدس لزيارتها، ويؤكد على هوية القدس العربيّة والفلسطينيّة». ويضيف: «قضية تهويد القدس لن تمرّ مرور الكرام، والتطبيق هو أداة لمساعدة الشباب المقدسيّ للتأكيد على هويته العربيّة والفلسطينيّة. شبابنا يحتاج إلى المعلومة والمعرفة، وليس فقط إلى المهارات. وللأسف، المعرفة غير متوفرة بشكل كافٍ، خاصة في مناهج التدريس.. معرفة البلدة القديمة مهمة وضرورية، ومن المهم البقاء فيها».