عن كذبة اسمها “النضال من أجل المسكن”/ فراس خطيب
قادة الاحتجاج يعتقدون أنَّهم يعيشون في دولة أخرى، غير تلك التي تبني المستوطنات وتهدم البيوت لأصحاب الحق على بعد ساعة سفر من “الكامبينغ”. هم يعتقدون أنَّ الدولة المحتلة ليست تابعة لهم، هي ربما دولة أخرى، اسكندنافية على الأرجح
عن كذبة اسمها “النضال من أجل المسكن”/ فراس خطيب
|فراس خطيب|
في نهاية أيار الماضي، عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من رحلة حياته في الكونغرس الأمريكي حين صفق له داعمو الحرب على العراق وافغانستان أكثر من 19 مرة في خطاب واحد. ملك الساحة الأمريكية عاد إلى البلاد سعيدًا بما أنجزه. والجمهور الإسرائيلي أيضًا كان سعيدًا بما أنجزه بيبي. حظي الأخير بنسبة تأييد تجاوزت الخمسين بالمئة. لكنه اليوم، بعد شهرين من خطابه الأمريكي، تراجعت شعبيته، بسبب “أزمة الإسكان”…
ومن السهل التنبؤ اليوم، أنَّ قضية الإسكان في الدولة العبرية لم تولد قبل شهرين، أي بعد عودة بيبي من الولايات المتحدة، فالأزمة راسخة منذ زمن. لكنَّ انخفاض شعبية رئيس الوزراء بهذه الحدّة يؤكد أن الجمهور الإسرائيلي يفصل بين السياسة والاقتصاد، فهو يؤيد نتنياهو في مواصلة الاحتلال كما أكدّ في الكونغرس ومواصلة البناء في المستوطنات (حيث بوجد فائض بناء) ، لكنه يعارض سياسة نتنياهو الاقتصادية الرأسمالية الداخلية. وفي هذا المبدأ المؤيد للاحتلال والمعارض للسياسة الداخلية مسرحية هزلية، يجعل من هذا النضال وهذه الخيّام نكتة عابرة وحتى لو أنجز هؤلاء حلولاً مؤقتة.
يحاول قادة الاعتصام على عشب الحدائق الخضراء في المدن الكبرى التوضيح دائمًا أنَّ احتجاجهم “ليس سياسيًا”، ونضالهم ليس “يساريًا” خوفًا من الوقوع في صلب “السياسة”. فإذا كان هؤلاء لا يعون أنَّ احتجاجهم ضد الحكومة يعني صراعًا ضد الرأسمالية فهذا محزن. وإذا كانوا يعرفون أنَّ نضالهم هو ضد الرأسمالية ويتجاهلونه فهذا أشدّ حزنًا. فماذا يسمي هؤلاء مقاومة الرأسمالية إذًا؟ ماذا يمكن تسمية معارضة الحكومة والمطالبة بإقالة وزير مالية؟ هل هذه قضية “رياضية”؟! إنَّ هذا الاحتجاج هو صلب القضايا السياسية التي لا يمكن تجزئتها. والرؤية السياسية واضحة وضوح شمس تموز في تل أبيب. فكيف لا يخطر على بال هؤلاء “المناضلين” ربط أزمتهم السكنية بالبناء بالاستيطان مثلاً؟ فحين تشكو “الطبقة الوسطى” من قلة المساكن وأسعارها لم نر مظاهرة جديّة واحد على مدار سنوات ضد ورشة البناء في الضفة الغربية التي لم تتوقف للحظة منذ 44 عامًا.
كيف لا يخطر على بال هؤلاء “المناضلين” ربط أزمتهم السكنية بالبناء بالاستيطان مثلاً؟ فحين تشكو “الطبقة الوسطى” من قلة المساكن وأسعارها لم نر مظاهرة جديّة واحدة على مدار سنوات ضد ورشة البناء في الضفة الغربية التي لم تتوقف للحظة منذ 44 عامًا
لكنَّ منظمي الاعتصام ليسوا أغبياء، هم يخشون من “وصمهم” باليسارية، لأنَّ اليسار مرتبط بـ “التضامن” مع الفلسطينيين ومعارضة السياسة الحكومية (وهو ليس كذلك أصلاً). وإذا تجرأ أحدهم وتحدث عن البناء في المستوطنات، قد يخسر “شركاءه” في “النضال” ولن تبقى حال الخيام كما هي عليه الآن.
حين كان نتنياهو يتمنع عن التصريح ويتخبط لإيجاد حلول، كشفت صحيفة “هآرتس” هذا الاسبوع عن مخطط استيطاني يقوده الجيش الإسرائيلي للسيطرة على أراضٍ إضافية لبناء المستوطنات في الفضة الغربية وشمالي البحر الميت وغور الأردن وغيرها. مخطط سيقطع أي امكانية لإقامة دولة فلسطينية حتى في حال قرر الفلسطينيون الموافقة على تبادل الأراضي كما اقترح الرئيس الأمريكي باراك أوباما. لم يرفع “المناضلون” شعارًا واحدًا يطالب بوقف هذا المخطط الضخم حتى أنَّ الإدارة الأمريكية لم تعرب عن “قلقها” بعد. فهذه الأدراة التي تعرب عن “قلقها” منذ العام 1967 حتى صارت المستوطنات دولاً في الضفة الغربية، لا تزال صامتة حتى بعد هذا المخطط، فشريكهم العزيز في أزمة. وفي مثل هذه الأزمات يتوجب عدم “اعراب القلق”. وكذلك ايضًا المحتجون. قادة الاحتجاج يعتقدون أنَّهم يعيشون في دولة أخرى، غير تلك التي تبني المستوطنات وتهدم البيوت لأصحاب الحق على بعد ساعة سفر من “الكامبينغ”. هم يعتقدون أنَّ الدولة المحتلة ليست تابعة لهم، هي ربما دولة أخرى، اسكندنافية على الأرجح…
إنَّ نتنياهو لم يخف يومًا رؤيته الاقتصادية واعجابه بـ “السوق الحرّة” والخصخصة منذ أن كان وزيرًا للمالية في حكومة أرييل شارون. سياسته كانت كفيلة في الأعوام الأخيرة إلى تعزيز قبضة كثير من المستثمرين. ونتنياهو ليس وحده، هو جزء من نهج إسرائيلي تاريخي. إذ كشف الباحث شير حيفر، مؤلف كتاب “الاقتصادي السياسي للاحتلال الإسرائيلي”، أن هناك 18 عائلة اسرائيلية تسيطر على 60 بالمئة من أسهم الشركات. وهذه الرؤية الرأسمالية لا تقتصر فقط على السياسة الداخلية، إنَّها أيضًا نهج للسيطرة على الأراضي داخل وخارج الخط الأخضر. فهذا كله يندرج ضمن السياسة الاقتصادية الاسرائيلية المرتبطة رباطًا وثيقة بالقضايا السياسية وخصوصًا بالاحتلال. ومن يريد أن يعارض جزءًا من هذه السياسة ويترك أساسها لقمع الآخرين فهذا نضال مزيف بالمبدأ.
لا فرق إذا دفع نتنياهو كرسيّه ثمنًا لهذا الاحتجاج أم لا، ولا فرق إذا قدّم أصلاً 50 أو 70 ألف وحدة سكنية جديدة أم لا. ببساطة هذا لا يهم ما دام “النضال” يتجاهل أساس الأزمة وهي الاحتلال والاستيطان. لكنَّ ما يهم فعلاً هو ألا تأتي حلول نتنياهو، في حال قدّمها، على حساب الفلسطينيين في الداخل. فحتى الآن لم يوضح نتنياهو أين سيبني آلاف الوحدات السكنية: هل هي في الجليل مواصلاً مشروع تهويد الجليل والنقب؟ أم في المستوطنات؟ أم على حساب أراضي عربية صودرت أو ستصادر؟
ولكن حتى الآن، وفي حال طالب المعتصمون بحق المسكن لهم، متجاهلين حق الفلسطينيين في المسكن داخل وخارج الخط الأخضر، فسيظل هذا النضال يليق بالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة دومًا. فالنضال حين يكون شرعيًا في تل أبيب وخارجًا عن القانون في الشيخ جراح ومجد الكروم والعراقيب فهذا “نضال” سطحي. علمًا بأنَّ خيام الاعتصام في القرى العربية أصدق ومطالبها أكثر عدلاً وإنسانية، خصوصًا وأنه هذه الخيام لم تبن في الحدائق، انما على أنقاض بيوت كانت قائمة وهدمت.
2 أغسطس 2011
كل الاحترام والتقدير على النظرة الثاقبة لما يسمى احتجاجات اسرائيل
31 يوليو 2011
جميل جداً
31 يوليو 2011
شعب أناني. لم يتحرك الا عندما نقصت حصته من غنائم الاحتلال. المقال دقيق. تحركهم الآن لا يعنيني.
30 يوليو 2011
كل إشي لازم نشوفو من منظار العربي المضطهد؟!
29 يوليو 2011
وأنا اعتقد ان اي حراك شعبي يمكن ان يتحول الى تغيير ايجابي اذا تم توجيهه واحتوائه من الاجسام المطلوية ويمكن ان يتم احتوائه من قبل اجسام مظلمة تخنق هذا الحراك وتمنعه من الوصول الى مرحلة التغيير الطبقي التي هي اساس التحسن في كل سياسة داخلية كانت ام خارجية.(كما يحدث في ميدان التحرير في الوقت الذي اكتب هذا التعليق-الثورة تسرق ببثٍ مباشر)
التضامن الطبقي في كل النضالات, الشيخ جراح, الخيام في المدن الكبرى, الاطباء, هدم البيوت في اللد,والعاملين الاجتماعيين وكل نضال..امكانية ربط هذه النضالات مع بعض هي ستكون اساس التغيير, هي التي ستفهم المجتمع الاسرائيلي اليهود انه يعيش كذبة ليس الا وهي التي ستفهم الشارع الفلسطيني ايضا ان مشكلتنا ليست مع اهل جنوب تل-ابيب او غيرهم الذي لا يملكون متراً واحداً من ما سرق منا !!!
فالنظام الصهيوني يمتلك اكثر من 90% من الاراضي التي فقدها العرب خلال 63 سنة !!
هذا التضامن الشعبي هو الذي سيتمكن من تغيير الظروف والواقع الذي نعيشه.
وأعود واشدد انا لا اقول ان اصحاب الخيام سيطالبون بانهاء الاحتلال غدا…وانما انه اذا تم توجيه هذا احراك واستثماره في الاتجاه الصحيح سنرى واقعاً اخر.
29 يوليو 2011
التحليل بالنسبة لفصل الاقتصاد عن السياسة هو صحيح للاسف.
لكن قولك ان هذا النضال ليس الا سوى نكتة عابرة ولا يعول عليه , هو تأكيد على الاستعلائية التي تنظر اليها الى الواقع والى الاحداث(كما كل الكاتبين في هذا الموقع).
الشعوب الغاضبة واي حراك شعبي دائما تخرج لسبب عيني ومحدد, وهذا التحرك في الشارع الاسرائيلي هو نقطة أمل ان المجتمع الاسرائيلي اليهودي بدأ باستيعاب الامور التي تجري حوله..وبدأ باخراج رأسه من حفرة القومية والتهديد الامني. فها هو يخرج الى الشارع مطالباً بحقوقه دون اكتراث بالعوامل والاحداث الخارجية.
أنا لا أقول ان هذاه الجموع ستطالب غدا بتحرير فلسطين وانهاء الاحتلال…
انا اقول ان هذه الجموع مع انها حتى الان لم تستطع الربط المباشر بين سياسة النظام الاستعمارية والحال الاقتصادي الباديء بالتدهور في الدولة.
اصحاب الخيام لم يفهموا بعد ان السياسة الخارجية للنظام هي التي تأتي بالعنصرية نحو الاقليات داخل الدولة وهي ايضا في مرحلة معينة ستبدأ بظلم واستغلال ونفي الفقير والعامل وكل شخص حتى لو كان من المجموعة التي تشكل الاغلبية في الدولة.
هذا هو النظام الرأسمالي الفاشي..
لكنني بنظرتي المتواضعة, أرى في هذه الخيام بداية صحوة-آمل ان تستمر- لكي يرى هذا المجتمع ان الاحتلال والاستيطان لا
يمكن ان يكون جيدأ الا لاقلية بسيطة تزيد أرباحها وتفتتح لنفسها أسواقاً جديدة. وان خدعة الامن القومي ليست الا كذبة يستعملها النظام لتحصيل المطامع التي يريد.
28 يوليو 2011
اكثر من رائع