آل بتشينو والمصالحة/ تغريد عطا الله
لا نملّ ترديد الترنيمة المقدسة: “مين.. مين اللي بلّش أوّل؟ خصوصًا أنّ حصيدة إجابة هذا السؤال هي مصدر رزق لفيف كبير من المتابعين -وعن كثب- لمسار المصالحة الفلسطينية الحاليّة بين حركتيْ حماس وفتح
>
|تغريد عطا الله|
اللقطات الختامية للأفلام، وخصوصًا الرومانتيكية منها، توقعنا في فخ الأحلام الجميلة، ومن أجل ذلك نحبّها، نعيد مشاهدتها مرّات عديدة، وكيف لا وهي التي تشعرنا بتصافِ وودّ مفرطِ، لم نعتد عليه، بل لم نتوقع مشاهدته بأعيننا يوما مًا!
وإذا اختلف السياق وبدأ المشهد بسلام وهدوء انسيابيّ، نتعجّب قائلين: “أبصر شو رح يصير، لأنّه لو ضلّ هيك بيصير مش حلو”، لتزيد وتزيد حالة الترقّب حتى يهلّ هلال الحدث الأعظم للفيلم، فتهدأ وتيرة انفعال المتفرج: “إنّو مع شوية هالآكشن صار فيلم زيّ الخلق”. وسيناريوهات الأفلام أصلًا مأخوذة من الحياة، ولا تختلف عنها في شيء. فـ “كثرة الأحزان يا عمّي جعلتنا مفاجيع أفراح”- بحسب قول الشاعر ابراهيم نصر الله… جعلتنا نشتهي الفرح إذا لمحناه عن قرب أو بعد أو عمق.. أو حتى في خيالنا؛ المهم أن يأتينا!
وليس من الضروري أن نصدّقه أو نكذّبه/ نعيشه، أو أن نغنيه مثلما فعل الثلاثي فيروز ونصري شمس الدين، في اسكتش المصالحة: “صالح أبو صالح، أنا ما بصالح، وانتا يا بو صالح.. وأنا ما بصالح، خلصت الإيّام وما خلصت العداوي، رح يصيروا عشرين سني، بدنا نعرف ليش، هوي بلّش.. هوي بلّش.. هوّي بلّش!” ولا نملّ ترديد الترنيمة المقدسة: “مين.. مين اللي بلّش أوّل؟ خصوصًا أنّ حصيدة إجابة هذا السؤال هي مصدر رزق لفيف كبير من المتابعين -وعن كثب- لمسار المصالحة الفلسطينية الحاليّة بين حركتيْ حماس وفتح: الاعلاميين منهم والناشطين الشباب والمحللين السياسيين،المراقبين والمؤيديين المتشائمين والمتفائلين والمتشائلين المستميتين في الدفاع عن رغبة حقيقية بالوحدة الوطنية، وبطبيعة الحال كُل يُدلي بدلوه.. وما الغريب أو اللافت أو الجديد في كلّ هذا؟ طالما أنّ الجميع مستمتع بأجواء دافئة كهذه، قلمّا يعيشها أهالي قطاع غزة.
إذن، أهلا بالدفء.. أهلا بالمصالحة، حتى إنّ بطليِّ الفيلم الأمريكي “Frankie and Johnny“، ومنذ عام (1990) زمن انتاج الفيلم، يُشاركان بدعمهما لأيّ مصالحة إنسانية من خلال مشهد يهدي فيه جوني (آل بتشينو) لمحبوبته فرانكي (ميشيل فايفر) وردة حمراء تعيد المياه إلى مجاريها بعد خصام احتدم بينهما.