توقيع ديوان” فوضى الذات” للشاعرة سوسن غطاس
قدمت الشاعرة العديد من قصائدها من ديوانها الجديد بإلقاء مرهف ومميز وشكرت الحضور واشادت باعتزازها بوجودهم لجانبها في هذه الأمسية التي اعتبرتها بمثابة جواز عبور إلى عوالم القصيدة والشعر التي لا قرار لهما في النفس والوجدان
توقيع ديوان” فوضى الذات” للشاعرة سوسن غطاس
<
|خدمة إخبارية|
بمبادرة “المشغل ” الجمعية العربية للثقافة والفنون – ودار راية للنشر في حيفا ، تمت أمسية توقيع الديوان الثاني للشاعرة الراموية ابنة الجليل وجبل حيدر بعنوان “فوضى الذات” والذي صدر مؤخرا بعد ديوانها الأول الذي صدر سنة 2010 بعنوان ” على متاهات الدنى”، وذلك مساء السبت بتاريخ 3/11/12 في بناية المشغل. وحضر الأمسية عشرات الشخصيات المبدعة من حيفا وخارجها ولفيف من الأصدقاء والأهل.
فقرات الأمسية جاءت على النحو التالي: تولت العرافة المربية علا شحادة، مربية للغة العربية في مدرسة حنا مويس الثانوية في الرامة. وتحدث في الامسية كل من السادة الدكتور الأديب والناقد نبيه القاسم، الدكتور الشاعر والمربي نزيه قسيس، الشاعر والإعلامي سامي مهنا، الشاعر فاضل علي، الفنان نبيل عازر عن فرقة يعاد.
كما وصلت الشاعرة العديد من الرسائل الالكترونية والهاتفية من أصدقاء وأدباء تم قراءة نصوصهم ورسائلهم وتحياتهم في الأمسية ، الشاعر الكبير سميح القاسم حيث اعتذر عن الحضور لظروفه الطارئة، الأديب والكاتب الصحفي وارد بدر السالم من العراق، الشاعر الفلسطيني ابن غزة خالد شاهين مدير الجاليري الثقافي – غزة، المربي الناقد الأدبي محمد علي سعيد من شعب ، الرسامة السورية ريما الزعبي التي قدمت رسمتها لغلاف الديوان ، المبدع الفلسطيني الكاتب أنطوان شلحت والذي قدم نصا جميلا تظهيرا لديوان فوضى الذات، والباحث الشاعر الفلسطيني أحمد القاسم والشاعر الكاتب في جريدة الحياة اللندنية راسم المدهون الذي كان سباقا لنشر مقال في جريدة الحياة عن الديوان الأول على متاهات الدنى.
هذا وقد تألقت الفنانة من القدس ريم تلحمي بتقديم أغنية “فوضى الذات” أحدى قصائد الديوان بأدائها المميز حيث غنتها للمره الأولى على شرف الأمسية، القصيدة من ألحان الفنان المبدع حبيب شحاده مدير المشغل وقد رافق ريم بعزفه على العود. وقدم الفنان والملحن نبيل عازر قصيدة “أمي نيروز الفرح” من الديوان بشكل صلاة بلحن بيزنطي كنسي من تأليفه وغنائه.
وقدمت الشاعرة العديد من قصائدها من ديوانها الجديد بإلقاء مرهف ومميز، من هذه القصائد: بوصلة الرؤى أهدتها لروح المربي الراحل غطاس يوسف غطاس، سرد واحتراق، طلاسم الرؤى، تداعيات الناي، وأخيرا قصيدة عناق لهامات الشرفاء قصيدة أهدتها للسجناء الشرفاء في السجون. وشكرت الحضور واشادت باعتزازها بوجودهم الى جانبها في هذه الأمسية التي اعتبرتها بمثابة جواز عبور الى عوالم القصيدة والشعر التي لا قرار لهما في النفس والوجدان.
<
فوضى الذات.. وتنظيمها
|وارد بدر السالم|
هذه تحية أولى الى الشاعرة سوسن غطاس لمناسبة صدور كتابها ” فوضى الذات” وهي تحية مقرونة بالكثير من التقدير لشاعرة فلسطينية، أفهم معنى أن تكون في فلسطين، وأن تكتب الشعر، وأن تؤثث لمشهدها الشعري صوراً لا تبتعد إجمالاً عن واقعة يومها، ولا واقعية المشهد الشعري العام المنتَج في حاضنتها اليومية بالرغم من اختلاف وجهات النظر؛ فنيا؛ في الإنتاج الشعري العام.
أفهم أن سوسن غطاس تكابد كثيراً كي تكتب نصاً لا يشبه غيره، وهذه المكابدات أوصلتها أن تكون في ذروة النص النثري – شعرياً بغرض إطفاء الإيقاع المتسرب بين ثنايا الصور التي تبتكرها في معادلات الذات الذاهبة للبحث عن الحرية في أجواء القصيدة – الحياة.
هذا الإطفاء المتعمَّد لإيقاع موسيقى القصيدة يقابلهُ مدّ صُوري سيكون أكثر ملاءمة لفَرش القصيدة بمعطياتٍ مُجدية بصورٍ غزيرة تغترف من الطبيعة والذاكرة معا لتصل الى إنشاء جماليات شعرية من هذا الفيض “النثري”القابل لأن يتحول الى مشاهد شعرية حافلة بطقوس الذات في تجلياتها المختلفة.
هذه الذات ؛ وهي الأنا ؛ لا تحفل كثيراً بالحاضر، مع أنه يوفّر لها طقساً ممكناً لمعادلة توليفية في مزج الأزمان وتحرّيها وتحريكها أيضا، لكن القصيدة لدى الشاعرة هي محاكاة آنية تفرضها طبيعة النصوص في تأسيس متن شعري تحاول فيه سوسن غطاس أن يكون بلا مرجعية شعرية مسبقة، أي يكون ضمن طقسها الشخصي ولغتها التي لا تبتعد عن الطبيعة كثيراً ولا عن الذاكرة أيضاً، وهذا ما يمكن أن يشكل في مجمل نصوصها ثنائية الطبيعة – الذاكرة التي يدور حولها ( فوضى الذات) الى حد معقول.
وأنا أحيي الصديقة الشاعرة سوسن غطاس أشير الى ثيمة أخرى تتكرر في نثرياتها الشعرية، وهي ” الغياب” بمعناه النفسي والواقعي، فالغياب يشكل جزءاً اساسيا من الذاكرة كونه أحد طرفي ثنائية الطبيعة – الذاكرة ؛ ومع أن الغياب (هو العدم) كما تقول غطاس، غير أنه يقع في جوهر ذاكرة النص الشعري لديها وهو جوهر كامن في روح القصيدة بشكل عام ( ضع الذاكرة في كؤوسٍ من الورد) وهذا يعني أن ذاكرة القصيدة لا تنفصل عن ذات الشاعرة في فوضاها التي تحاول تنظيمها بين قصيدة وقصيدة عبر ثنائية الطبيعة – الذاكرة في جسدها الشعري.
وأنا أحيي الشاعرة سوسن غطاس في هذا اللقاء، لابد أن اشير الى ثيمة أخرى، ستبدو منفصلة عن سياق استشفافنا للثنائية المشار إليها، لكنها تلتصق بها التصاق العطر بوردته، وهو الشائع في الشعر الفسطيني عموما، وأقصد بها : ثيمة الحرية التي تتنازع الذات في فوضاها المختلفة، وهذه الشفرة الفلسطينية عامة هي بؤرة من بؤر الشعر الفلسطيني عبر مر تاريخه، وحتى ننتبه الى هذه النقاط مجتمعة في ديوان الشاعرة، وكي لا نغرق في تفاصيل كثيرة، نقول بوضوح أن الشاعرة سوسن غطاس في كتابها الشعري ” فوضى الذات” وقفت على ثيمات شعرية بذاتها ولا تغادرها إلا بين قصيدة وقصيدة، في محاولة للإمساك بخيط واحد يمتد من الذات الى الآخرين، ثم يعود الى الذات بوصفها منتجاً فردياً.
هذه الذات المنتَجة في ثنائية الطبيعة – الذاكرة والتي توزعت بين الغياب والحرية والحب والرجل وغزة والوطن والفقدان والأمل ربما تمكنت من تنظيمها سوسن غطاس في (فوضى الذات) الى حد جيد..
تحيتي الى سوسن غطاس شاعرةً..وهذه تحية ليست نقدية في الأحوال كلها ؛ إنما تحية إنسانية بمقامها الأول وقبل كل شيء..
تحيتي لكم جميعا..
(كاتب عراقي عمل في عدد من الصحف العراقية والعربية، وكتب القصة القصيرة والرواية والنصوص الحرة والرحلات. له من الإصدارات 17 عشر كتاباً آخرها رواية “عجائب بغداد“، الصادرة في بيروت قبل فترة قصيرة، وهي رواية ترصد تداعيات الإحتلال الأميركي على بنية المجتمع العراقي)
.