صدور رواية “تغريدة” للفلسطينية أثير صفا وترشيحها للبوكر
تتناول الروایة “أزمة الفنان” كموضوع مركزيّ فيها، وتسلط الضوء عليه بنوع من التكثیف الفكري والشعريّ ● صبري حافظ: رواية جديدة ومدهشة تكشف عن كتابة جديدة لقرن جديد
|خدمة إخباريّة|
صدرت أخيرًا رواية “تغريدة” للكاتبة الفلسطينيّة أثير صفا، عن دار ميريت المصرية، لترشّحها بدورها للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لدورة 2014. وكانت الرواية حظيت بمنحة من الصندوق العربي للثقافة والفنون- آفاق، عام 2013.
تتناول الروایة “أزمة الفنان” كموضوع مركزيّ فيها، وتسلط الضوء عليه بنوع من التكثیف الفكري والشعريّ، مع أنّ سيرها روائيّ. علام -بطل الرواية- نحّات وفنان حقيقيّ كُسّرت أجنحته وتماثيله (لتحطيمه للقائم والقالب) تكسّرًا ينعكس في الأسلوب والمبنى الروائيّ المجُزّأ والمتوتر. وهو شخصية تلخّص الفنان الحقيقيّ كإنسان يغرّد خارج السرب، وتنضوي على معاناته وصراعاته مع ذاته والآخر، في ظلّ ما يسمى بالعالم الثالث الذي يُفتقد فيه الكنف الراعي للفن والموهبة، “حيث ينمو الفن وردة في المزبلة” كما جاء في الرواية.
ويشكل علام عصارة فنانين ومفكرين وعلماء (الرواد منم، المجرّبون، المؤسسون، وصانعو التاريخ) عانوا أزمة وجودية واجتماعية على مرّ التاريخ وغيّروا، رغم ذلك، وجه العالم. والرواية لا تتضمن أبدًا سيرًا ذاتية محضة منفصلة عن ذات البطل، لأنّ هذه الشخصيات المحورية في تاريخ البشرية اندمجت مع أبعاد خياليّة مختلقة، لذلك جاء العمل إنسانيًا شبه مجرّد من عنصريِّ الزمان والمكان. ولذلك اعتمد النص أيضًا على إسقاطات وإحالات إلى نصوص وأعمال أدبية وشعرية ودينية ولوحات فنية ونصوص علمية بحتة، معترفًا بها وبأصحابها بالكامل، من دون تنكّر وتضمين يفقدها ماهيتها وكيانها المستقل في التاريخ الإنساني، وفي الوقت نفسه مستدعيًا القارئ إلى إيجاد الروابط بينها والصلات حيث تفضي الفكرة إلى غيرها بشكلٍ لا نهائي، في دعوةٍ إلى الخروج من الأطر الإنسانية الضيقة إلى أفق الكون الواسع، المتعدد، اللامتناهي وتوحُّد الجزئية مع الكلية. ولهذا فالنص في المحصلة الأخيرة نص عن نصوص؛ نصوص كثيرة ومتنوعة متراكبة ومتراكمة، وكذلك مربكة وصادمة.
سيمفونيّة ما بعد حداثيّة
وفي مقالة مطوّلة عن الرواية، تطرّق الكاتب والناقد صبري حافظ إليها قائلاً: “هذه رواية جديدة ومدهشة معًا، بكل ما تحمله كلمتا الإدهاش والجدة من معانٍ. رواية تكشف عن كتابة جديدة لقرن جديد. فهي أكثر الروايات التي قرأتها تبشيرًا بكتابة جديدة ومغايرة يمكن أن أسمّيها برواية القرن الحادي والعشرين. تستشرف أفق الرواية العربية الجديدة، وحساسية القرن الجديد معًا. رواية أتنبأ لها بأن تصبح علامة مهمة على طريق الرواية العربية، كما أصبحت كلٌ من “زينب” 1913 لمحمد حسين هيكل أو “تلك الرائحة” 1966 لصنع الله إبراهيم، علامةً على الريادة والجدّة وفتح آفاق التغيير. ولكنها وقد جاءت بالتحديد بعد اكتمال قرن على صدور “زينب”، وكتبتها امرأة بعد أن كتب رجلان العلامتين السابقتين، تبدو وكأنها على موعد مع الزمن، تكتب علامتها في قرن جديد، لترود بحقٍ حساسية رواية القرن الحادي والعشرين. بنصاعة قطيعتها الحادة والقطعية معهما معًا، ومع كل روايات المسيرة السردية العربية الحديثة بالتقليدي منها والجديد”.
وأضاف حافظ: “كتبت أثير صفا، الفتاة الفلسطينية، فيما يبدو لي الرواية التي كان يحلم بها أحد الشخوص الهامشية البديعة في رواية “الطاعون” ولم يكتبها، لأنه ظلّ طوال حياته يجوّد في سطورها الأولى، كي يقول الناشر حينما يقرأها لمن معه: ارفعوا قبعاتكم أيها السادة! فهذا النص يعد بميلاد كاتب كبير! و”تغريدة” تعِد هي الأخرى بميلاد كاتبة كبيرة تعي طبيعة الكتابة الجديدة وتدرك مسؤوليتها الفادحة معًا، كما تدرك أنّ الكتابة الجديدة، برغم عبء معرفيّتها البادية لا يشغلها الهاجس المعرفي Epistemology)) المهموم بماذا يجري في العالم، أو حتى بفهم مسار الأمور فيه، فقد كان هذا الهاجس هو هاجس المرحلة الحداثية وموجّه بوصلتها، وإنما تنشغل بالهاجس الوجودي الكياني Ontology)) المشغول بالماهية وأسئلتها الملحة التي تستحوذ على “علام”، وتشكّل في الوقت نفسه الحاجز بينه وبين الواقع الرديء المحيط به. وهو بلا شك الهاجس ما بعد الحداثيّ بامتياز، ولكنه في الوقت نفسه، وعلى المستوى الواقعي المحض، هاجس الإنسان المحكوم عليه بالوعي بأن يكتب وجوده وكيانه نفسه تحت الممحاة المستمرة للاغتراب والقمع.
“إنها سيمفونية ما بعد حداثية بامتياز. ففي قسمها الأخير “تغريدتها صرخة”، يبدأ النص في وضع بعض أطراسه تحت الممحاة، فيريق الشك على وجود “جمال” وعلى “دنيا”، طارحًا عبر هذا الشكّ إشكاليات الراوي غير الموثوق فيه في سرد ما بعد الحداثة، حيث يخلق السرد متاهته الخاصة والمغوية معًا، ولكنه يُبقي “علام”، وقد ملأ حائطًا بكتاباته الشيطانية التي لا أمل في فك شفراتها، روحًا عبقرية تسكن النص والقراءة معًا، وتفتّح الفهم والتلقّي، في تلك الكتابة التي يريق بعضها الشك على بعضها الآخر، ويدعمه في آن، على حقيقة وجود الذي يستعصي على المحو، برغم أنه يعيش دومًا تحت الممحاة”.
1 أغسطس 2014
Normal
0
false
false
false
MicrosoftInternetExplorer4
” تغريدة” رواية غنية
بتفاصيلها، مكثفة الأحداث، شاعرية الأسلوب في معظم الأحيان .. إنها بمثابة صرخة في
وجه العالم القبيح.. تقودنا من يدنا لنكتشف غاية وجودنا، لنرى الطريق، لنشعر بانفجارنا الداخلي قبل أن
يحدث، لنبرأ من آلام أرواحنا الدفينة، تشوهات واقعنا، وفساد نظامه السياسي الذي حط
على أكتاف الخلق وكتم أنفاسهم” بالكف نأخذ على قفانا، وبالكفين نصفق
لهم”.. هكذا ينقر الطائر بمنقاره في جدار أصم، ربما استيقظ الناس من سُباتهم
واكتشفوا ذلك الطاغية الذي غمَّى أعينهم مثل ثيران السواقي وألقى طهارتهم في جُب
غيض ماؤه
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”جدول عادي”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:”";
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Times New Roman”;
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}
التعليق
19 يوليو 2014
انا فخوره بوجود كاتبه عربيه فلسطينيه تبدأ بهذا المستوى من الكتابه والتي تعد نقله نوعيه وتاريخيه في الادب العربي كما قال الناقد والكاتب الكبير صبري حافظ.اتمنى لها المزيد من الابداع والتميز وقلم يسيل ادب وشعر دون توقف بمثل هذه الابداعات واكثر..وننتظر بشوق وجود هذه الروايه في مكتباتنا وبين ايدينا..