اسمي سحر أبو ليل/ سحر أبو ليل
المدينة الكبيرة تشبه “دراكولا”، ساحاتها تعجّ بالقصص الحزينة، شوارعها تشبه الطريق إلى جهنّم، درجة الحميميّة داخل بيوتها لا تعلو عن الصفر وأنا أكره صاحب الظلّ الطويل لأنني أكتب له الرسائل كلّ يوم ولا يجيب
>
|سحر أبو ليل|
(1)
اسمي سحر أبو ليل، لا أعرف شيئاً عن اسمي في الحياة السابقة بيدَ أنني أمتلك الآن اسماً آخر اخترعتُهُ تماهيًا مع شخصية امرأة سياسية وفيلسوفة، عارضت الحرب العالمية الأولى ودعت إلى المساواة بين طبقات المجتمع كافةً، من دون تمييز.
أحببتُ المرأةَ وكرهتُ الاسم وكلّما نادوني به ظننتُ أنّهم ينادون شخصًا آخر وتذكّرتُ أني أعيش داخل حكاية.
في اليوم الذي لم أستطع فيه أن أصرخ بـ-”لا” بدأتُ الكتابة.
ثمة من يظن أنّ الشعراء أمراء يعيشون في قلاعٍ مترفة وحين يكتبون يشعلون شمعةً، يبتسمون ثم يبدؤون بكتابة قصيدتهم المفعمة بألف طعنةٍ ودمعة.
حمقى، لا يعرفون أنّ الشعراء روّاد الخسارات الكبيرة!
(2)
قبل أن أخسر كلّ شيء كنتُ أظنّ أنّ “الدنيا ريشة في هوا” وأنّ “هاللو دولي” لُحنت لي خصيصًا كي أبتسم وأنّ “لويس أرمسترونغ” لم يكن فقيرًا بل كان يغنّي كي يمضي وقت فراغه، وأنّ “سيزيف” كان سعيدًا وهو يحمل صخرة الكون كله على كتفيْه، كذلك نحن!
(3)
فشلتُ في صبغ شعري للأشقر كي أشبه “مارلين مونرو” ولو قليلاً؛ فبشرتي فاتحة اللون مثلها وعيناي مصبوغتان بلون العسل، لكنني ما زلت أشتري فساتينَ بالستايل نفسه كي أصدّق أنّ أمريكا طيّبة وأنّ قتلى حروبنا اليومية مجرد كابوسٍ أطلقه علينا الدّب القطبي الكبير، لكنني ورغم كلّ المنوّمات فقدتُ القدرة على النوم الهادئ وأدركتُ مأساة “سيوران”.
(4)
بعيدًا عن خدش الحياء العام، ركّز معي جيدًا، فهناك مؤخرات جميلة تأخذ شكل الإجاصة وتستحقّ أن يُكتب عنها قصيدة كمؤخّرة “سيرين عبد النور”، مثلاً، وهناك مؤخرات مدهشة ومكتنزة كحبّ الرمّان تمامًا، إلا مؤخرات الدول العربية (ماخدة شكل الشلوت تمام)!
(5)
المدينة الكبيرة تشبه “دراكولا”، ساحاتها تعجّ بالقصص الحزينة، شوارعها تشبه الطريق إلى جهنّم، درجة الحميميّة داخل بيوتها لا تعلو عن الصفر وأنا أكره صاحب الظلّ الطويل لأنني أكتب له الرسائل كلّ يوم ولا يجيب.
(6)
لا أعرف لماذا تذكّرني قصة “الجميلة والوحش” بتفاصيل حكايتنا؛ فقبل أن أعرفه اتخذتُ أقوال “سارتر” سلاحاً في معركتي مع الموت وعبثيّة وجودي كي أتأكّد بأنني ما زلتُ أتنفس ولو بصعوبة. ومنذ اليوم الذي سكنتُ فيه قصره صار عليّ أن أنتبه لتلويح يده بالكتاب المقدس ومضامين الثواب والعقاب كلّما اطلقتُ رصاص ضحكي على المسرحيات التي تُنسج في نشرات الأخبار، وعلى ابتسامتي العفويّة لنادل المطعم، وعلى إلقاء التحيّة على جارنا صاحب اللوحات التي لا يشتريها أحد..
ومنذ ذاك اليوم الذي ألقيتُ فيه بالتلفاز وأنا أبحث عن حلقات الوصل بين الوجوديّة والأديان، لم أجد إلا دموعي ..
(7)
اسمي سحر أبو ليل، أكتبُ لأنني كشجرة التين كلّما ازداد لحائي المعطر بالانتفاخ وحبلتُ بالوجع، ألقيتُ بقلبي في بحر الورق خوفاً من الانفجار..
(8)
اسمي سحر أبو ليل وأحبّ اسمي، لكنني كلما تذكرتُ أنّ حبيبي يتمنّى لو أنّه لم يلتقِ بي في كلّ مرة يغمض فيها عينيْه، أكرهُني.. أكرهُني!
25 مايو 2014
التعليقthanks for who you are sahar