دي جي في أم الدنيا/ رشا حلوة
وصلتني رسالتك: “عزيزتي، خبريني إذا الأصدقاء بالقاهرة عايزين أي مساعدة ببناء مواقع. وممكن أبني موقع بإطار موقع قديتا لتوثيق رحلتك من كتابات، صور، فيديو وما شابه.. ممكن بناء محطة راديو مشتركة بين القاهرة، حيفا ورام الله.. سلام حارّ لشجعان الميدان…”
دي جي في أم الدنيا/ رشا حلوة
.
|رشا حلوة|
عزيزي سامي،
لم أكتب لك يوماً رسائل طويلة، فكانت رسائلنا قصيرة دائماً من خلال الفيسبوك أو الإيميل حين كان هنالك عمل يجب أن يُنجز منذ أن بدأ مشوارنا مع “قديتا”. لم أكتب لك شيئاً منذ رحيلك قبل عام، ولم يكن سهلاً أن أبدأ رسالتي هذه، لكني أرغب بأن أشاركك القليل من الحديث الذي لم تتيح لنا الحياة أن نشاركه وجهاً لوجه.
قبل رحيلك بيومين، كنت قد عدت من القاهرة. والقاهرة تذكرني بك كثيراً، كون المرة الأولى التي سافرت بها إلى مصر مع الأصدقاء، كنتَ موجوداً معنا. كان ذلك في آذار/ مارس 2010 حين ذهبنا لحضور حفلة زياد الرحباني في القاهرة. أذكر حين التقينا صدفة في “خان الخليلي” وسألتني عن موعد مغادرتي القاهرة. أجبتك: “غداً”.. وأنت بقيت لعدة أيام أخرى، وكنت سعيداً لأنك ستقضي أيام أكثر فيها. ومنذ تلك الزيارة، لم تغب القاهرة عن حوارتنا السّعيدة.
في أيلول/ سبتمبر الماضي عدتُ من القاهرة بعد قضاء 30 يوماً هناك. كانت العودة من الرحلة تحتاج إلى إستيعاب مدته أسبوع على الأقل، لكن بعد يومين من وصولي إلى فلسطين، كان عليّ وعلينا أن نستوعب رحيلك بعيداً. بعد وصول الخبر، دخلت فوراً إلى موقع الفيسبوك كي أبحث عن الرسالة الأخيرة التي أرسلتها لي حين كنتُ في القاهرة. أذكر بأنّ الرسالة وصلتني وأنا أقضي سهرة مع أصدقائي في مكان بعيداً عن القاهرة. كنا بحاجة للقليل من الهدوء والموسيقى والكحول.. فجأة، وصلتني رسالتك، كان عنوانها “سلام من يافا وقديتا”، كتبت فيها: “عزيزتي، خبريني إذا الأصدقاء بالقاهرة عايزين أي مساعدة ببناء مواقع. وممكن أبني موقع بإطار موقع قديتا لتوثيق رحلتك من كتابات، صور، فيديو وما شابه.. ممكن بناء محطة راديو مشتركة بين القاهرة، حيفا ورام الله.. سلام حارّ لشجعان الميدان. محبة، سامي”.
لقد عدت إلى القاهرة بعد أيلول. وفي كلّ زيارة كنت حاضراً دوماً. خاصة في “أفتر إيت”. أعتقد أنك تعرفه. لم نتحدّث عنه أنا وأنتَ. لكن من معرفتي المتواضعة بك تجعلني متأكدة بأنك كنت تبحث عن الأماكن التي تبثّ الموسيقى والأغاني والرقص حين زرت أم الدنيا. كنت أذهب إلى “أفتر إيت” عند كلّ أحد وثلاثاء. كان المكان ممتلئًا بالفرح. كالفرح الذي نجحت بأن تنقله لنا حين وضعت موسيقاك وأعطيتنا مساحة للرقص. لربما كنت من مناصري فكرة “الحلّ هو الرقص”. لربما كنت في “أفتر إيت” يوماً ما أثناء زيارتك للقاهرة ورقصت مع الأصدقاء هناك. لربما طلبت من الدي. جي دينا أن تعطيك بعض الدقائق لأن تلعب القليل من الموسيقى.. وبالتأكيد كانت قد ابتسمت لك.. وأعطتك المنصّة وذهبت لكي تشرب سيجارة. لكن بالتأكيد، كنت المناصر الأول –بنهجك وحياتك- لنيتشه في مقولته: “دون الموسيقى تغدو الحياة خطأ”.
عزيزي سامي، منذ رحيلك وأصدقاؤك يتذكرونك بالطرق غير التقليدية، يطبقون تعالميك في الحياة. ويحيونك في الموسيقى، أنتَ الذي لا زلت تسمعنا الموسيقى من السّماء.
أرقد بسلام يا صديقي.
محبتي،
رشا