مُفَرْقَعات نَثْرِيَّة في لَيْلِ الصَّحْراء/ سامر خير
وَلَنْ أَحْزَن/ إِنْ نَسِيَ النَّاسُ اسْمي/ كَأَسْماءِ سبعةِ ملياراتٍ آخرين/ مِنَ النَّاسِ العادِيِّين
مُفَرْقَعات نَثْرِيَّة في لَيْلِ الصَّحْراء/ سامر خير
| سامر خير |
بِئْسَ أمةٍ يكدّس بعضُها المالَ
كما يُكدِّس فقيرٌ مِنْ أَبْنائِها أَحْزانَهُ
جَبَلًا جَبَلًا
وَلا يَجِدُ آيةً واحدةً في مَلاهي مَعابِدِها
يُشْهِرُها في وَجْهِ الظّالِم..
متى تعودُ مِنْ منفاكَ
يا سيّدي أبا ذرّ؟
***
حينَ وُلِدْتُ
لَم تلمعْ أيّةُ نَجْمة
لم ينتظرني أحدٌ سِوى والديَّ
زادَ العالَمُ مُجَرَّدَ شَخْصٍ واحدٍ آخَر
.. وَمِنَ المُرَجَّح أَنَّهُ حينَ أموتُ
لن ينتبه أحدٌ
أنّ السبعة مليارات نقصوا شخصًا واحدًا
إلّا الأستاذ الّذي يُسَجِّل أسماء
مَنْ غابوا عن الدَّرس
إن كانَ هذا الأستاذ
حاضِرًا أصلًا
***
ما أقْسى الثّوْراتِ في هذِهِ الصَّحْراءِ المُوشّاةِ بالآيات.
كَأَن لا شَيْءَ تَغَيَّرَ مُنْذُ اضْطُرَّ صَحابَةُ رَسولِ الله إلى طَلَبِ مُساعدَةٍ أجْنَبِيَّة
فَاسْتَغاثُوا بِالمَلِكِ النَّصْرانِيّ
.. فَلِماذا تَلومونَ الآنَ ضَحايا المَجازِر وَالِاغْتِصابِ الجَماعِيّ؟
***
أطمَحُ أحْيانًا
يا عَدُوِّي العادِلَ مَع أَهْلِك
أن أنتمي إليك
فأنا ابنُ أمّةٍ
كَالنَّار
تأكُل بعضَها
إن لمْ تجدْ ما تأكُلُه
***
غَريبٌ أَمْرُ شُعَراءِ هذه الأُمَّة، فَمِن مُعاصِريهِم مَنْ تَتَعَثَّرُ في قَصائِدِهِ بِفوهاتِ بَراكين ثَوْرِيَّة وَتكادُ مِنْ شِدَّةِ حَماسِهِ أَنْ تَقْفِزَ من النّافِذةِ حامِلًا صَليبَك، بَيْنَما أَكْبَرُ جِهاداتِهِ لا يَتَعَدَّى فَكَّ أَزْرارِ قَميص..
أَلَمْ يَتَغَنَّ المُتَنَبِّي بِأَنَّ الخَيْلَ وَاللَّيْلَ وَالبَيْداءَ تَعْرِفُهُ وَالسَّيْفَ وَالرُّمْح، وَفي أَوَّل مُواجَهَة مَع فارِسِ جُبان لَقِيَ حَتْفَهُ؟
***
قالَ الفُقَراء:
لا تَنْسَوْا أَنَّنا
مِنْ شِدَّةِ نِسْيانِنا يَبْتَدِئُ التَّاريخ
ثَوْراتُنا كانت عَن غيْرِ قَصد
وَمَسيحُنا ماتَ
ظانًّا أَنَّهُ احْتَرَقَ عَبَثًا
مِن شِدَّةِ الكَرامَة
لكنَّ التّاريخ ظَلَّ يُولَدُ دائمًا كَغَيْمَة
مِنْ بُخارِ أَوْجاعِنا
عَنْ غَيْرِ قَصْد
لا تَنْسونا بَعْدَ قَليل
وَتَنْسبوا عُروشَكُم إلى السَّماءِ وَحْدَها
فَنَحْنُ أيْضًا نُعْطي المُلْكَ لِمَنْ نَشاء
وَنَنْزَعُهُ مِمَّن نَشاء
***
أمشي كَالسّلحفاةِ
بَطيئًا
عَلى الضِّفاف. لكنَّني
عَلى الأقلِّ أَمشي
وَأَتَمَلَّى ما أَرى.
فَلماذا أَنتُم واقِفون
تَنْتِظرونَ مَصَبَّ القِيامَة؟
واقِفونَ كَأَنَّكُم راجِعون
في مِياهِ النَّهْر؟
***
غَريبٌ أَمْرُ هؤلاءِ العلْمانيِّين، يُقَدِّسونَ رُموزَهُم وَيُعَلِّقونَهُم أَيْقوناتٍ في مَعابِدَ بِلا رَبّ، وَيَكادونَ يُؤَلِّهونَهُم كُلَّما طالَ عُمْرُ مَوْتِهِمْ
بَيْنَما يَهْزَأُونَ بِمَنْ يُسَمُّونَهُم جَهَلَة لأنَّهُم يُقَدِّسونَ الأنْبِياء
***
طُموحُهُم مَكْسورُ الرَّقَبَة
يُديرُ وَجْهَهُ إلى الوراء:
أعْظَم قادَتِهِم لا بُدَّ أن يكونَ صَلاحَ الدِّين
أعْظَمُ شُعَرائِهِم لا بُدَّ أن يكونَ المُتَنَبّي
أعْظَمُ دُوَلِهِم لا بُدَّ أَن تَبْدَأَ مِنْ مَكَّة
.. أما مِنْ جَديدٍ تَحْتَ الشَّمْس؟
أَما مِنْ جَديدٍ تَحْتَ نُجومِ اللَّيْل؟
مَتى يَخْرُجُ المُسْتَقْبَل
مِن زنْزانَةِ الماضي؟
***
تِلْكَ الفَتاةُ المِصْرِيّةُ أو التُّونسِيَّة
كَيْفَ تجرَّأَتْ عَلى التّعرّي خارِجَ مِرْآتِها؟
كَيْفَ تَجَرَّأَتْ عَلى خَلْعِ لِحائِها
خارِجَ غُرَف القُصُورِ الأُسْطُورِيّة
المُمْتَدَّة عَلى ضِفافِ نَهْرِ النَّفْط؟
أَما كانَ بِالإمكانِ استيرادُها
بِطائِرَة خاصَّة شغّالَة 24/24
في خِدْمِةِ قَضايا الأُمَّة؟
***
“ما يُفيدُكَ يا بُنّيَّ عِلْمُك
إِذا لَمْ تَجِدْ عَمَلًا؟
يكفيكَ يا بُنَيَّ أَنْ تَتَعَلَّمَ شَيْئًا واحِدًا:
تَعَلَّمْ أَنْ تَأْكُلَ غَيْرَك”
.. لا أَحَدَ يَذْكُرُ
أَمِنَ الفَقْرِ والجوعِ
أَمْ مِنْ هذِهِ الحِكْمَة
ابْتَدَأَتِ الفِتْنَة
***
مُذُ قَرَأْتُ مُذَكَّراتِ بَعْضِ الشُّعَراء، ورأيتُ كيْفَ أَنَّهُ صَدَّقَ كِذْبَتَهُ عَلى النَّاس وَكِذْبَةَ النَّاسِ عَلَيْه، وَاكْتَشَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سِوى أَعْرابِيٍّ مُنْقَرِضٍ بِرَبْطةِ عُنُق يُفاخِرُ بِأَنْسابٍ صَحْراوِيَّةٍ
حينَئِذٍ تَقَبَّلْتُ بِكامِلِ الرِّضا أَنَّني إِنْسانٌ عادِيٌّ جِدًّا كَالحُزْن لَا أَدَّعي النُّبُوَّةَ وَلا أُعاني من قِلَّةِ الاهْتِمام
كالجَميعِ خِرْقَةٌ في الرِّيحِ أَنا
وَكَالجَميعِ عَظيمٌ
لَنْ أَيْأَسَ في أَرْذَلِ العُمْر
إِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ شِعْري سِوى الحِبْر
ما دامَ جَسَدي إلى زَوال
وَلَنْ أَحْزَن
إِنْ نَسِيَ النَّاسُ اسْمي
كَأَسْماءِ سبعةِ ملياراتٍ آخرين
مِنَ النَّاسِ العادِيِّين
إِنَّ هذه لَنِعْمَةٌ
كَمْ يَتَمَنَّاها المُصابونَ بِجُنونِ العَظَمَة
مِثْلَ الفارِسِ المسْكين أَعْلاه
الَّذي في حياتِهِ
ما امْتَطى صَهْوَةَ حِصان!
***
عظيم
برافو.. برافو
(تصفيق لمدّة تنهيدَتَيْن)..
لكنّكَ يا هذا البَهْلَوانُ الرّائِع
لا تسوى أَكْثَر مِمَّا على أَغْصانِك
مِن قَليلِ أَوْراقِ المال
وما دامَ لا أحدَ يشتري أوراقَ كُتْبِك
لِأَنَّ أوراقَ التَّبغِ أَهَمّ
فَعَلَيْكَ أَن تَعودَ سريعًا
إلى العَمَل الشّاقّ مع زُملائِكَ الحَمير
ففي هذا الوَطَنِ المُمِلِّ كَانْتِظارِ المَوْت
النرجيلة أَهَمّ من الفنّ
والموسيقى
والشِّعْر
***
لقد خيَّبتُم آمَالَ الملايين
وأنتُم تسحَلون الفتاةَ المُنَقَّبَةَ ذاتَ الصّدريّةِ الزَّرْقاء
في ميدان التحرير
.. لماذا لم تُكْمِلوا الفيلم؟
لماذا قطعْتُم المَشْهَدَ كَأَنَّكُم تخرجون إلى فقرةِ إِعْلان؟
لماذا لمْ تُرونا ما تحتَ القُبَّتَيْنِ الزرقاوَيْن؟
.. والبِنطال؟
لماذا ظلَّ عالِقًا مثل يَدَيْنِ عَلى حافَّةِ هاوِيَة؟
يا سَفَلَة
يا مُنْحَطُّون!
***
في وَقْتِ الأَزَماتِ كانَ المغلوبُ عَلى أَمرهِم في إنجلترا موقِنينَ تمامًا بِالعَوْدَةِ القَريبَةِ لِلْمَلِكِ آرثر من البُحَيْرَةِ المَسْحورَةِ حَيْثُ تَحْرُسُهُ الجِنِّيَّاتُ أو مِنَ الكَهْفِ الفَضائِيِّ الَّذي يخْتَبِئُ فيه مُنْذُ مِئاتِ السِّنينِ..
لم يَذكروهُ إِلَّا كَما يَذْكُرُ مُعْظَمُ النَّاسِ إلهَهُم في أوقات الضِّيقِ، ثمَّ سرعانَ ما كانوا ينسونَهُ مُعْتَدِّينَ بِأَنْفُسِهِم لأنَّهُم صَمَدوا كَالماء وانتصروا كَالنَّار وَحْدَهُم، رغْمَ أَنَّ حامِلَ السَّيْفِ لَمْ يَعُدْ كما وَعَدَتْهُمُ الأساطير.
لكنْ عجيبٌ أَمْرُنا نحنُ
هَلْ كانَتْ حياتُنا كُلُّها أَزْمَة منذُ مِئاتِ السِّنين، لِذلِكَ بَقينا نَنْتَظِر عَوْدَةَ مُلوكِنا المّيِّتين؟
أَمْ أَنّ السِّرَّ كامِنٌ في أَنَّنا لم ننتصِرْ أَبَدًا منذُ غابوا؟
***
أَكُلَّما ازْدادَ عددُ الأبطال
زادتِ الهَزائِم؟
وَكُلَّما ازْدادَتِ الهَزائِم
زادَتِ النَّياشينُ وَالأَوْسِمَة؟
***
آهٍ يا وَطَني الكَبير
المُقَسَّمَ مثلَ كَعْكَةِ عيدِ ميلادِ طفل
على طاولَةِ الأجانِب..
أنا الوَحيدُ الَّذي أُغَنِّي لك أَنتَ يا وطني:
Happy birthday to you
فلا تخذلْني!
samer-khair.blogspot.com
1 فبراير 2012
اسعدني قراءة نصوصك الشعرية بل تعبك و ارهصاتك البلاغية و سقوط الفارس عل منبع النيل و الثورات قد تلوّن باللون الأحمر خذ النهدين ربما مشهد مسلسل ممل كباب الحارة يجمع الناس أكثر من قصيدة متنورة أحسدك يا رفيقي عل دعاة سخريتك قد اصابت الكبد
فما يسعني إلا أن نشكرك و نحثك بالخروج من قفصك القمقمي لتعود مضرجا ليس من باب شاعرك المفضل بل أقرب لدعاة الابتلاء عند اب ذر فتكن كاللسعة النارية تأخذنا إلا اللامكان
فعد بنا بمشوار و الأنكى بأنك شاعر مشهود
فأشهد بقربك سوية من قص قد تطال أو تصغر نحيي ابطك ببنطال ربما لا يطول
فلا تسألني بما تكون قد أقصيت القسم و بقيت كما عاهدتك شاعراً