عن البدايات/ ميسان حمدان
بعدين صرت أفكّر في بدايات الحياة، حياة أشخاص. قديش في ناس بييجوا على حياة، مش مرغوب بوجودهن فيها. وهيك ما بيكون في طعمة لحياتهن، لا في بدايتها ولا في نهايتها.
| ميسان حمدان* |
“فش قوانين للبدايات”. هيك قالتلي رشا لمّا سألتها اذا بنفع أكتب النّص في العاميّة.
كلمة بداية، مرتبطة معي بأشياء جميلة، بعرفش ليش، زي كأنّه في صورة معيّنة راسخة في بالي، بتقول إنّه البدايات إشي منيح.
بس في الحقيقة، انا ولا مرة فكّرت في البدايات، وكنت دايما أقول: أنا بحبّ البدايات. بحبهن وبتعلّق فيهن. وكنت دايما أسأل حالي: ليش البداية بتخلص؟ بنفعش نظلنا فيها؟
بعدين فكّرت، شو يعني بداية أصلا؟ هي الأول؟ يعني الأصل؟
رحت أقرا عن بداية الكون، بداية الخلق في الأديان، وقرأت كثير تفسيرات، واستنتجت انه حتى على البداية مختلفين، مش بس على النهاية زي ما كنت متخيلة. زهقت، بطّلت بدي أعرف شو يعني، زي ما بطّلت بدّي أعرف شو النهاية، حسبهن.
بعدين صرت أفكّر في بدايات الحياة، حياة أشخاص. قديش في ناس بييجوا على حياة، مش مرغوب بوجودهن فيها. وهيك ما بيكون في طعمة لحياتهن، لا في بدايتها ولا في نهايتها.
قديش في نساء مثلا، بداية تنفّسهن شكّلت همّ لعيلتهن، بس لانهن نساء، والعيلة كان بدها ذَكَر.
هذول الناس كلهن، كيف بدهن يحبّوا البدايات؟
****
البدايات عادةً، بتحمل كثير معاني، زي التجديد، اللهفة، التنوّع، الترقّب، الغرابة، الغموض والشّك.
والبدايات، بشكل عام، هي خطوة ما قبل المألوف، خطوة ما قبل الاعتياد. قبل ما يصير الاشي نمط.
مثلا، أول مرة قرأت فيها، كان عمري خمس سنين، ولمّا صرت صف أوّل ابتدائي، قرأت لكلّ صفوف الأوائل في المدرسة، قصّة اسمها “قمر المساء”.
من وقتها لإسا، وأنا أقرا. صار عادي الاشي. بس اذا برجع بفكّر في الفرحة اللي غمرتني لمّا كنت أول مرة بقرأ فيها، بفهم شو يعني بداية.
وهيك بدايات الفصول، بداية الشتا مثلا، بتفيّق فينا كثير مشاعر، بعدين خلص، منبطّل نستحملها. بصير الشتا هو النمط، بياخذ شكله الاعتيادي ومنمشي معه. ومنزهقه.
مرّات، أنا بكتفي في بداية رواية، او بداية فيلم، أو حتّى بداية حب. بحسّ كثير إني بديش أتخيّل حتّى إنه في نهاية، خوفي من شكل النهايات بخلّيني أكتفي. هيك أحسن. بدّيش أعرف أكثر.
بخاف من نهاية الرواية، أو الفيلم، بخاف من نهاية الحب، بخاف من نهاية حياة أشخاص، بخاف من نهاية حياتي كمان. بخاف من نهاية مشوار حلو، بخاف من نهاية يوم حلو، بخاف من نهاية الوقت.
بحبّ البدايات. حلوة البدايات. فيها غبطة مش ممكن تشبهها أو توازيها أي سعادة ثانية، إذا عرفنا نعيشها.
إلا بداية الفقدان، بتيجي لتقلب كل الموازين.
معقول يا ترى، في قوانين للبدايات؟