صدور كتاب “غواية العنوان” للبروفيسور محمود غنايم
ضمّ بين دفّتيه مجموعة دراسات “تسعى إلى الوقوف على توظيف اللهجة المحكية الفلسطينية بتشكيلاتها المختلفة، في القصة الفلسطينية المقيمة في البلاد في حدود ما قبل 1967، عبر عناوين هذه القصص.
| إعداد: سيمون عيلوطي |
صدر مؤخّرًا عن مجمع اللّغة العربيّة في الناصرة كتاب: (غواية العنوان، النص والسّياق في القصّة الفلسطينيّة) للبروفيسور محمود غنايم. يقع الكتاب في (240) صفحة من الحجم الكبير. جاء بطبعة أنيقة وغلاف قشيبوذلك انطلاقًا من أن العنوان يعتبر عتبة نصية بالغة الأهمية يمكن من خلاله الكشف عن دلالات شتى حين التعامل معه سيميائيًا كعلامة لفظية تنطوي على دلالات رمزية.”
يستهل الباحث كتابه بالشكر والتقدير إلى أولئك الذين لولا مؤازرتهم له في عمله هذا، ما كان لهذا الكتاب أن يرى النور، شاكرًا أيضًا دار النشر هاراسوفيتش harrassowitz)) في ألمانيا التي أخذت على عاتقها نشر الصيغة الإنجليزية لهذا الكتاب وخصصته بالصيغة العربية.
في توطئة الكتاب المعنونة: “أمّا قبل،” يشير الباحث إلى أن “أهميّة دراسة الأدب الفلسطيني عمومًا والأدب في الداخل الفلسطيني خصوصًا”، تنبع في نظره “من إحدى الرّكائز الهامة لنظرية الأدب التي تعوّل كثيرًا على سيرورة الأدب المتدافعة من الهامش نحو المركز وعلى حركته المعاكسة المطاردة من المركز إلى الهامش، وهذه النظريّة التي ترقب هذه الحركة المستمرة لدى الأفراد والتيارات المنظمات الأدبية في صعودها وهبوطها وتستخلص منها قوانين النشوء والارتقاء والتهالك والتّحادث، لا بد لها أن تشغل الباحث الذي يرصد الأدب الفلسطيني وهو يتابع بين كرّ وفرّ مركز الحياة الثقافية في محاولته أن يتبوأ مكانًا له على خريطة الأدب العربي المعاصر”.
حول التساؤل الذي قد يطرحه البعض عن جدوى دراسة العنوان في القصة الفلسطينية في الداخل وهل تختلف عن القصة العربية أو الفلسطينية عمومًا، يقول الباحث: هذا “سؤال يطفو على السطح ليُبْرِز في الإجابة عنه خصوصية القصة الفلسطينية التي تكتسبها من خصوصية السياق الثقافي والسياسي والاجتماعي لأقلية تتشبث بهوية فارقة بكل ما تملك من أدوات لإثبات كيانها والمحافظة عليه، فتسعى لإشهار ذلك عبر نص أدبي يحفل بقسريات السياق وآثاره.”
يقسّم البروفيسور “غنايم” كتابه على محاور، تتفرع تحت عناوينها عدّة دراسات تسعى جميعها “إلى الوقوف على توظيف اللهجة المحكية الفلسطينية بتشكيلاتها المختلفة، سواء من خلال الألفاظ أو التعابير أو الأمثال أو من خلال استيحاء الأجواء الشعبية في القصة الفلسطينية في البلاد عبر عناوين هذه القصص، وذلك انطلاقًا من أن العنوان يعتبر عتبة نصية بالغة الأهمية يمكن من خلاله الكشف عن دلالات شتى حين التعامل معه سيميائيًا كعلامة لفظية تنطوي على دلالات رمزية. كما أن استعمال اللهجة المحكية بتوظيفاتها وتشكيلاتها المختلفة كثيرًا ما يحمل دلالة فارقة من حيث تاريخ الأدب، سواء بالتدليل على حقبة معينة أو الإشارة إلى تبني مدرسة، أو فلسفة أو الانضواء تحت مظلة أيديولوجية ما. وانطلاقًا من ذلك، يجدر بنا بحث هذا الموضوع سينكرونيًا للوقوف على وظيفة اللهجة المحكية في العنوان، ودياكرونيًا لتلمّس تطور الرؤية الأدبية والاجتماعية والسياسية التي ينضوي تحت لوائها هذا الأدب.”
يتناول الباحث في المحور الأول، بعنوان: “بين الكلاسيكية والرومانسية، مجموعة “لمن الربيع” لنجوى قعوار فرح، “طريق الآلام وقصص أخرى” لمصطفى مرار و “أزهار برية” لحنا إبراهيم.
المحور الثاني جاء بعنوان: “الطريق نحو الواقعية” تناول فيه، “سداسيّة الأيام الستة” لإميل حبيبي و”الأصيلة” لمحمد نفاع.
في المحور الثالث المعنون: “في خضمّ الواقعية”، نجد أن البروفيسور محمود غنايم خصصه لدراستين، الأولى حول مجموعة “عائد الميعاري يبيع المناقيش في تل الزعتر” لمحمد على طه. الثانية كانت حول مجموعة “ريحة الوطن” لحنا إبراهيم.
أما المحور الرابع الذي حمل عنوان: “الغوص في الشعبي”، فقد اختار رواية “إخطية” لإميل حبيبي، “الخيط والطزّيز” لفاطمة ذياب، “كلام غير مباح” لميسون أسدي و “كارلا بروني، عشيقتي السريّة” لعلاء حليحل.
يختتم الباحث محاوره بمحور خامس يخصصه كما جاء في عنوانه “للالتزام والحداثة” تناول فيه مجموعة “جبل سيخ وقصص أخرى” لناجي ظاهر، “حوار الشرفات الصامت” لرياض بيدس ومجموعة “تحت سطح الحبر” لسهيل كيوان.
يطلعنا الباحث، البروفيسور محمود غنايم في سياق آخر، ولكنه ذات صله بإصداره الجديد، “غواية العنوان، النص والسّياق في القصّة الفلسطينيّة”، بأنه من الصعب الخروج بنتائج حاسمة من خلال عدة أعمال قصصية، ومع ذلك لنا أن نطرح بعض التصورات التي تحتاج إلى مواصلة البحث والدراسة لتأكيدها أو نفيها، ويضيف: “رأينا سينكرونيًا ما للعنوان من أهمية بالغة كعتبة نصية في تحديد شعرية النص وسيمياء الأدب. وقد اتخذت المحكية عبر العنوان سبلاً ووسائل شتى بتوظيفها في القصة الفلسطينية في الداخل، سواء على مستوى اللفظة، التعبير، المثل، الأصداء الشعبية، الاستعارة والرمز.”
تجدر الإشارة إلى أن الكتاب أثار اهتمام العديد من الكتّاب والدّارسين والمهتمّين بالحركة الأدبيّة عامة، لما يطرحه من دراسة بحثيّة تُعتبر جديدة من نوعها في نقدنا الفلسطيني والعربي.