أمسيتان ومظاهرة لذكراه: “من قتل جوليانو؟”
المشاركون في الأمسية الفنية في ذكرى عام على اغتيال جوليانو مير-خميس يطالبون السلطة الفلسطينية وجهات التحقيق بالكشف عن الحقيقة * جوليانو حاضرًا في وجدان جمهور ومحبيه “حضوره طاغٍ حتى في غيابه، غيابه طاغٍ مثل حضوره”
أمسيتان ومظاهرة لذكراه: “من قتل جوليانو؟”
|خدمة إخبارية|
أقيمت مساء أمس الأول الأربعاء، الرابع من نيسان 2012، في مسرح “الميدان” في مدينة حيفا ومسرح “السرايا” في يافا، أمسيتان لذكرى مرور عام على اغتيال الفنان جوليانو مير-خميس، شارك فيهما جمهور واسع من أصدقاء ومحبي جوليانو. كما تظاهر العشرات من أعضاء وأصدقاء مسرح “الحرية” في جنين وأصدقاء جوليانو وفنانون أمام مقر الشرطة الفلسطينية في “المقاطعة” في رام الله، تحت شعارات المطالبة بالكشف عن قتلة جوليانو، بعد مرور عام على اغتياله.
وفي أمسية يافا قام طلاب جوليانو من مسرح “الحرية” في جنين بتقديم عرض متواصل لمدة 14 دقيقة، مكوّن من مسرحيات “أليس في بلاد العجائب” و”مزرعة الحيوانات” و”شظايا فلسطين”، كما عُرض فيلم فراس خوري وسري بشارات, وقدم عدي خليفة فقرة خاصة وقدمت فرقة “دام” أغنية جديدة خاصة بجوليانو، وتولت الممثلة سلوى نقارة عرافة الأمسية. وقالت نقارة إنه يجب تحويل هذا اليوم (4/4) إلى يوم” “الانسان الفنان الحر، لعلنا نجد صيغة مجدية لقيم جوليانو”. وقد غصت القاعة بالحضور الكبير، مما اضطر المنظمين لنصب شاشة كبيرة في الخارج.
وتخلل أمسية حيفا عرض مقاطع موسيقية مؤثّرة، ومقاطع سينمائية خاصة لأفلام عن جوليانو وله ولطلبته، واستعراضًا لمستجدات القضية وبيانًا باسم أصدقائه ومسرح “الميدان” طالبت السلطة الفلسطينية وجهات التحقيق بالكشف عن الحقيقة والقتلة.
بدأت الأمسية بمقطع فيديو من توليف الفنانيْن فراس خوري وسري بشارات، شمل مقاطع “رسوم متحركة” سياسية احتجاجية الطابع على خلفية مقولات بصوت جوليانو تحدّثت عن المسؤولية السياسية والتاريخية للقضية الفلسطينية ومركزية الفنون في مقاومة الاحتلال والفصل العنصري والنضال ضد واقع الظلم وقمع الحريات.
وقدّمت المحامية عبير بكر، موكلة عائلة جوليانو، استعراضًا قانونيًا حول مستجدات القضية والتحقيقات، حيث أشارت إلى أنّه لا تلوح في الأفق القريب إمكانية تقديم لائحة اتهام ضد مُتهم عينيّ، وأوضحت أنّ عائلة جوليانو رفضت أسلوب التحقيق والاعتقال ضد المشتبه بهم من مسرح “الحرية”، لأنّ جوليانو كان سيرفض هذه الأساليب والانتهاكات، لكنها أكّدت على أهمية الإسراع في استكمال التحقيق خلال الفترة القريبة القادمة لكشف الجناة والقتلة وعلى ضرورة مشاركة الجمهور في الخطوات الاحتجاجية في حال استمر التقاعس وعدم الكشف على الأقل عن تفاصيل حادث القتل ذاته.
ثمّ قدّم الرابر مودي قبلاوي برفقة المغنية من فرقة “دمار” أغنية خاصة بجوليانو مير خميس، أعدّها فنانون فلسطينيون شباب من جنين ومن مناطق 48 بعد اغتياله، عبّرت عن تأثرّهم بهذه الجريمة وبشخصية جوليانو الملهمة وإصرارهم على إكمال طريق الفن الحر.
ثم شاهد الجمهور مقطعًا من الفيلم الوثائقي “طيارات مميتة” الذي ظهر فيه جوليانو وهو يقدّم عرضًا إنشائيًا في أحد شوارع تل أبيب، متحديًا الجمهور الإسرائيلي ومثيرًا غضبه بمقولاته حول الحرية وضد الاحتلال والفاشية، وبحركية العرض التي عبّرت عن الألم والقسوة، وبحواره السّاخر والصريح مع المارّة الذي وصل حدّ الاعتداء عليه، وشمل المقطع حوارًا مع جوليانو تحدّث فيه عن فكره السياسي الرافض للتعصّب والرضوخ للفاشية.
وقدّم الفنان الموسيقي ريمون حداد أغنية “Hey You” لفرقة الروك “بينك فلويد” التي تخاطب كلماتها إنسانًا عزيزًا بعيدًا، وتنتهي بالقول: “يا أنت، هناك على الطريق، تفعل ما كنت تقول دائمًا، هل بإمكانك مساعدتي؟ يا أنت، هناك وراء الجدار، تكسر الزجاج في القاعات، هل بإمكانك مساعدتي؟ يا أنت، لا تقل لي إنه لا أمل بالمرة، معًا نقف.. متفرقين نسقط!”.
بعد ذلك قدّم الممثلون بشار مرقص وهنري أندراوس ووسيم خير وشادن قنبورة قراءة لمشهد من سيناريو لفيلم روائي تحت عنوان “انتيغونا في جنين”، عمل جوليانو، قبيل اغتياله، على كتابته برفقة الكاتب علاء حليحل.
ثمّ شاهد الجمهور الفيلم الوثائقي القصير “الملاكم”، الذي أعدّه طلبة قسم الإعلام من قرية إعبلين بتوجيه مهني من جوليانو، حيث روى الفيلم قصة ملاكم من أم الفحم أدى اعتداء عليه إلى تحطيم حلمه بالمشاركة في الأولمبيادة لكنه أصرّ، رغم الإصابة، على مزاولة الرياضة والتمسّك بحلم البطولة في مجالٍ رياضي جديد وملائم رافضًا اليأس والاستسلام.
في نهاية الأمسية قرأ الفنان رياض مصاروة، مدير مسرح “الميدان”، بيانًا مؤثرًا باسم المسرح وأصدقاء جوليانو قال فيه: “صحيح أنهم قتلوه، لكنهم خلّدوه أيضًا. اجتماعنا اليوم هنا بفضله، تمامًا مثلما كنا نجتمع في المسرح والسينما والميادين، بفضله ومعه” و”نحن نبحث في زوايا الذاكرة عنه، لكنّ الذاكرة كلها له. حضوره طاغٍ حتى في غيابه، غيابه طاغٍ مثل حضوره”.
وطالب البيان بالكشف عن الحقيقة من وراء الجريمة: “نحن نقولها بحزم كما كان جوليانو سيقولها: من قتلني؟ من أخرسني؟ من سكب الماء البارد على نار الحبّ؟… نسأل السلطة الفلسطينية وجهات التحقيق: من قتل جوليانو؟ من سعى لوقف مشروعه وإسكات نبضه الجميل؟”
.
.