عشيّة الاحتفاء بـ “الزّمن الموازي”، الفاهوم: “لا يكون المسرح مسرحًا إن لم يكسر ويغيّر ويكشف”
“أي عمل فني لا يستطيع تصوير تجربة الأسير بشكل شامل، قد يتمكن من معالجة جوانب جزئية من عالمه المليء بالتجارب والتفاصيل… أنا أقدر النتيجة التي خرجت بها المسرحيّة على الخشبة، وأعتقد أنّ مجرد طرح هذه القضيّة يعتبر خطوة على قدر من الأهميّة”
|خدمة إخبارية|
الكاتب والمحامي ورئِيس الهيئة الإداريّة في مسرح الميدان في حيفا، وليد الفاهوم، يتحدث عن مسرحيّة الزّمن الموازي، الإنتاج الأخير للمسرح، والذي يُحتفى به اليوم السبت (7.6.2014)، وسط مجموعة كبيرة من المسرحيين والسياسيين والصحفيين والناشطين.
الإبداع كجزء من تجربة الأسر
“إنّ أي عمل فني لا يستطيع تصوير تجربة الأسير بشكل شامل، قد يتمكن من معالجة جوانب جزئية من عالم الأسر المليء بالتجارب والتفاصيل، وهكذا فعلت مسرحيّة “الزّمن الموازي”. إنّني أقدر النتيجة التي خرجت بها المسرحيّة على الخشبة، وأعتقد أنّ مجرد طرح هذه القضيّة، وفي هذا الوقت الذي يخوض فيه المعتقلون الإداريّون إضرابًا عن الطّعام، يعتبر خطوة على قدر من الأهميّة”، يقول الفاهوم، ويسلّط في حديثه الضّوء على الجانب الإبداعي الذي يبرز في تجربة الأسرى السّياسيّين بعامة، فيتناول الأسرى اليونانيّين في السجون التركية مثالا: “لقد اخترع الأسرى اليونانيّون آلة وترية تسمى “بغلامَه” وآلة نقر كالطَّبلة، بحجم كف اليد كي يسهل تهريبها. ولا زال اليونانيون، بعد 100 سنة من اختراعها، يستخدمونها في موسيقاهم الفلكلوريّة، وهم بهذا يخلقون تراثًا. تمامًا كما يفعل الأسير السّياسي الفلسطيني الذي يصنع آلة عود من طاولة الزّهر في المسرحيّة”.
التعاطي مع حقل ألغام القضيّة
لا شكّ أنّ التعاطي مع قضيّة عامة ومركبة وحساسة كقضية الأسرى السياسيين، من خلال الفن، هو أشبه بالغوص في حقل ألغام ويتطلّب حذرًا عاليًا، “وبالرّغم من أنّ مخرج المسرحيّة، بشّار مرقص، هو مخرج واعد، إلا أنّه خرج من هذا الحقل بسلام. فقضيّة الدخول إلى تجربة ونفسيّة السّجين هي أمر شائك وصعب، خصوصًا لدى من لم يخض تجربة الأسر”، يقول وليد الفاهوم. ويضيف ما برأيه شكل رافعة إضافيّة لهذا العمل المسرحي: “ثم إن المسرحيّة اخترقت الحواجز والكليشيهات المكوّنة في عقليتنا عن الأسير، إنها تتحدث عن التجربة الإنسانيّة الصرفة، خالية من دهن وشحم الشّعارات السّياسية”. إن التعامل السّائد مع قضيّة الأسير تفصله عن هذه التجربة الإنسانيّة، وتضعه في خانة سياسيّة جاهزة، إلا أن وليد الفاهوم، وبعد أن عاش آلاف التجارب داخل القضبان، من خلال موكّليه، عذاباتهم وأحلامهم ورغباتهم، يرى أنّه من المجحف بحق الأسير أن توضع هذه الجوانب الإنسانية جانبًا عند الحديث عنه.
الفن من أجل الكشف والكسر والتغيير
“أنا لا أومن بالفن من أجل الفن. لا أعوّل على عمل مسرحيّ إن لم يكن هادفًا، ينطبق الأمر كذلك على الحقول الفنية الأخرى كالكتابة والفنّ التشكيلي وغيرها”، يقول الفاهوم، ويردف: “ثمّة واقع ملموس نواجهه في حياتنا اليومية، وينبغي أن يجد المسرح الخيوط التي تربطه مع هذا الواقع. فلن يكون مسرحًا حقاً إن لم يسعى إلى إحداث تغيير ما، إن لم يكسر الموروث العادات والتقاليد، وإن لم يحاول أن يكشف المسكوت عنه، وكثيرة هي القضايا المسكوت عنها في مجتمعنا، هنا يكمن دور المسرح والفن”. ويتطرق الفاهوم إلى دور ومكانة مسرح الميدان بشكل خاص، قائلا: “مسرح الميدان هو مسرح فلسطيني قطري، يعمل فوق الأحزاب وفوق المؤسّسات وفوق المصالح الشّخصية، ويهدف إلى الاستمرار في بناء مشهد مسرحي حقيقي، بجهود ومساعٍ جماعيّة. هناك حراك حيوي ومرئي في مسرح الميدان، والذي إن احتاج أي شكل من أشكال النّقد، فعلى الأخير أن يكون بناءً يطمع في إيصال المسرح للأهداف التي تأسس من أجلها، وهي أهداف فنية ومهنية وإبداعيّة بحتة. هذا النَّوع من النقد نشرع أبوابنا له، بل نحتاجه، على الدوام”.
وفي نهاية حديثه، تقدم وليد الفاهوم بالشكر والاحترام الشديدين لكل أفراد طاقم العمل على مسرحية “الزمن الموازي”؛ المؤلف والمخرج بشار مرقص، تمثيل: شادن قنبورة، خولة إبراهيم، أيمن نحاس، مراد حسن، شادي فخر الدين، دريد لداوي، هنري إندراوس. سينوغرافيا: مجدلة خوري، تأليف موسيقي: فرج سليمان، تصميم إضاءة: فراس طرابشة، تنفيذ ملابس ومساعدة إنتاج: غريس دعبول، تنفيذ ديكور: يعقوب جريس، بناء العود: فيليب شاهين، تصميم الملصق والمادة الإعلانية: وائل واكيم.