أصوات شبابية من داخل فلسطين تصدح في بيروت/ وائل قبيسي
عقدت مجموعة من الشباب الفلسطينيين القادمين من أراضي الـ 48 ندوة في إحدى قاعات الجامعة الأميركية في بيروت ضمن برنامج أصوات شبابيّة من داخل فلسطين بدعوة من مركز الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة ومقهى تاء مربوطة.
| بيروت – وائل قبيسي |
في ظلّ الحراك الشعبي الأخير في الأراضي الفلسطينية المحتلة والهستيريا الجماعية التي تصيب المجتمع الإسرائيلي وسياسة التضييق والتنكيل التي تمارسها سلطة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وفي ظل التقاعس الذي يمارسه جزء كبير من الإعلام العربي ،كان لنا الحظّ في بيروت أن نلتقي مجموعة شبابية فلسطينية كسرت القيود وتحدت السلطة الصهيونية بمجيئها إلى لبنان تكريساً للامتداد الثقافي والجغرافي الطبيعي الذي يجمع البلدين لعقد سلسلة لقاءات وندوات لشرح الواقع الفلسطيني وسرد حقائق عن النضال اليومي بكافة أشكاله للشباب الفلسطيني أمام بطش الاحتلال وسياسته الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني.
عقدت مجموعة من الشباب الفلسطينيين القادمين من أراضي الـ 48 ندوة في إحدى قاعات الجامعة الأميركية في بيروت ضمن برنامج أصوات شبابيّة من داخل فلسطين بدعوة من مركز الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة ومقهى تاء مربوطة.
غصت القاعة بجمع من الطلاب والمشاركين المهتمين بالقضية الفلسطينية، كان بعضهم من فلسطينيي الشتات الذي وُلدوا وترعرعوا في لبنان، كانوا سعداء بلقاء أبناء بلدهم وبدت عليهم علامات التأثر وهم يستمعون إلى شباب يعيشون في القرى والمدن التي تهجّر منها أهلهم وأجدادهم في تجربة ربما لم يعايشوها من قبل بسبب التعقيدات القانونية التي تحول دون دخول فلسطينيي أراضي الـ 48 إلى الأراضي اللبنانية.
بدأت الناشطة أصالة أبو خضير الندوة بالحديث عن ممارسات سلطة الاحتلال بحق المقدسيين وأسهبت في الكلام عن إجراءات تعسفية يجهلها معظمنا بسبب شبه الغياب الإعلامي المواكب لمشاكل المقدسيين ومعاناتهم اليومية في ظلّ سلطة الاحتلال. تكلمت أبو خضير عن قانون الضرائب الذي يُلزم كل فلسطيني يرغب في بناء منزل في القدس بدفع مئة ألف دولار ثمن رخصة البناء قبل المباشرة بأعمال البناء ما يثقل كاهل المقدسيين ويمنعهم من بناء المنازل، يقابل ذلك تسهيلات للإسرائيليين وذكرت أبوخضير قانوناً غريباً لم نسمع به من قبل يتمثّل في دفع ضريبة سنوية قيمتها 400 دولار لكل فلسطيني يقتني تلفزيوناً في منزله!
ثم انتقلت أبو خضير للتكلم عن الإعدامات في شوارع القدس، مستهلة كلامها بالحديث عن أسباب الانتفاضة التي لخصتها بخيبة أمل المواطن الفلسطيني من سلطته المتقاعسة والانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس وبناء جدار الفصل والاعتقال التعسفي الإسرائيلي لمئات الفلسطيني والاعتقال الإداري الذي يحصل دون توجيه تهمة للمعتقل ويخالف القوانين الدولية. ثم تكلمت عن أسباب أخرى منها تشجيع الحكومة الاسرائيلية المستوطنين على الاعتداء على الفلسطينيين من خلال جماعات المستوطنين المتطرفين التي تدعمها حكومة الاحتلال، وأشارت أبو خضير إلى السبب الأبرز الذي يعايشه الفلسطيني في حياته اليومية وهو تقسيم الأقصى والقمع والاعتداءات المتكررة على المصلين. وذكرت أبو خضير بعض الإجراءات التعسفية التي تمارسها سلطة الاحتلال بحق المشاركين في الأحداث الأخيرة من قانون سحب الهويات من أهالي الشهداء إلى رفض تسليمهم جثامين أبنائهم بالإضافة إلى التفتيش اليومي المذلّ للفلسطينيين ومنع التجول وغيرها من الإجراءات التعسفية لسلطة الاحتلال.
أشارت أبو خضير أخيراً إلى السيناريوهات المحتملة في ظلّ الهبة الفلسطينية الأخيرة مؤكدة على أنّ السيناريو الأكثر قابلية للتطبيق يتمثّل في مواجهة السلطة الفلسطينية للانتفاضة وقمعها إرضاءً للجانب الإسرائيلي والمجتمع الدولي.
في القسم الثاني من المحاضرة، تكلمت الناشطة الكرملية ميسان حمدان التي افتتحت محاضرتها باعتذارها عن ارتجاف صوتها بسبب تأثرها لوجودها في بيروت التي لم تشعر فيها بأنها غريبة عن حراك “ارفض، شعبك بيحميك” معرفة عنه وعن أهدافه ونشاطاته. هذا الحراك الشبابي الذي انطلق قبل سنة ونصف السنة هو حراك نسائي بقيادة نسائية يكسر أولاً مفهوم الذكورية الطاغي في المجتمع الفلسطيني ويرفض الخدمة الإجبارية المفروضة على الشبان الفلسطينيين الدروز ويعمل بالتوازي مع ذلك على رفع الوعي الجماعي للفلسطينيين بأن الطائفة المعروفية الدرزية هي جزأ لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، حيث كانت ضحية مؤامرة صهيونية حيكت ضدها، في محاولة لكسر الصورة النمطية عن الفلسطيني الدرزي ومنع إحداث الشرخ بين الدروز والفلسطينيين.
تكلمت حمدان بإيجاز عن التجنيد الإجباري المفروض على أبناء الطائفة الدرزية في الداخل الفلسطيني وعن عقوبات التهرب من الخدمة العسكرية وممارسة سلطة الاحتلال سياسة الترهيب والترغيب فارضة قانوناً مخالفاً للقوانين الدولية التي تمنع تجنيد الأقليات. ثم تكلمت حمدان عن إنجازات الحراك الذي نجح في تحقيق 70 حالة توجّه لرفض الخدمة العسكرية. اختتم الندوة الشاب سامر عساقلة الذي تكلم عن تجربته الشخصية في رفض أداء الخدمة العسكرية.
علّ هذه الزيارة تكون فاتحة لزيارات أخرى للشباب الفلسطيني إلى الأراضي اللبنانية وتعيد التواصل الجغرافي الطبيعي بين البلدَين وتعزّز ثقافة المقاومة وتعرّف بالجيل الجديد من الفلسطينيين الرافضين لممارسات الاحتلال والمتمردين على واقعهم.