من المحلّيّة فالمناطقيّة إلى العالميّة، فإلى أين بعد يا ابن البلد؟!../ أسعد موسى عودة
وقد كان مؤثّرًا، فعلًا، أن يدخل المرء منّا موقع تلك المجلّة الافتراضيّ الفخم في الشّبكة العنكبوتيّة، العالي التّقنيّة والتّصميم، ليرى ابن بلده وتِربه ورفيق بعض دربه يتألّق بين أزيَدَ من مِائة يتألّقون، كلٌّ في فئته وكار حياته، الّذي هو فيه، أبدًا، يَكُرّ ولا يفِرّ؛ فزورًا وبهتانًا قالوا: “الهَرِيبِة ثِلْثِين المَراجِل”.
| أسعد موسى عودة |
ما كان الكرام ليمرّوا على خبر كهذا “مرور الكرام”؛ فضمن فئة “Challengers” (“أهل التّحدّي والتّصدّي” – ترجمة بتصرّف) من بين تسع فئات، منها، مثلًا، فئة “Decision Makers” (صنّاع القرار) من القيادات والرّئاسات والزّعامات، أمثال حبيبنا، الرّئيس الرّوسيّ المنصور – بإذن الله – ﭬـلاديمير ﭘـوتين، اختارت مجلّة Foreign Policy “فُورِن ﭘـُولِيسِي” (السّياسة الخارجيّة) الأمريكيّة الصّنع – في عددها السّنويّ السّابع الخاصّ باختيارها المفكّرين العالميّين المِائة الرّوّاد – النّائب أيمن عودة، واحدًا من بين 125 (ليس مِائة) شخصيّة عالميّة – إن توخّينا الدّقّة – هي الأكثر تأثيرًا على مستوى العالم، تحت عُنوان “Foreign Policy’s 100 Leading Global Thinkers” (المفكّرون العالميّون المِائة الرّوّاد لـ”فُورِن ﭘـُولِيسِي”)، باعتباره، أيضًا، من الشّخصيّات الأكثر تشبّثًا بالقيم الدّيمقراطيّة والإنسانيّة في واقع مركّب.
وهذه المجلّة الأمريكيّة الفخمة، النّاطقة بالإنـﭽـليزيّة الأمريكيّة، طبعًا، الصّادرة كلّ شهرين، وتُعنى بالسّياسة، بالعلاقات الدّوليّة، وبالسّياسة الدّاخليّة والخارجيّة للولايات المتّحدة الأمريكيّة، كما تُعنى بالمال والأعمال، والمملوكة منذ عام 2008 لجريدة الواشنطن ﭘـوست، أسّسها قبل نحو خمسة وأربعين عامًا (1970) – مع صديقه وورن منشل – العالم الأمريكيّ الخبير في العلوم السّياسيّة (والشّؤون الأمنيّة والعسكريّة والاقتصاديّة؛ حيث تتقاطع مع السّياسيّة) والمفكّر المحافظ الـﭘـروفسور صامويل فيليـﭘـس هنتنـﭽـتون (1927-2008)، الّذي طرح – من جملة ما طرح، وبمناصرة زميله، عالم السّياسة والاقتصاد السّياسيّ، اليابانيّ الأمريكيّ يوشيهيرو فرانسيس فوكاياما، مؤلّف كتاب “نهاية التّاريخ والإنسان الأخير” (The End of History and the Last Man) – فكرة ومصطلح وكتاب “صراع (صدام) الحضارات” (The Clash of Civilizations) عام 1996، الّذي أحدث ضجّة فكريّة وأكاديميّة عارمة وقُوبل بغير قليل من النّقْد والانتقاد. وقد جاء تأسيس هذه المجلّة متزامنًا مع الحرب الأمريكيّة على ﭬـيتنام، حيث كان الهدف منها – من المجلّة – إتاحة التّعبير عن رؤًى وآراء مختلفة بالنّسبة إلى السّياسة الخارجيّة للولايات المتّحدة الأمريكيّة.
هذا وقد غادر النّائب أيمن عودة البلاد، مطلع الأسبوع، مع طاقم مساعديه ومترجميه، متوجّهًا إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ليشارك في الاحتفاليّة الخاصّة الّتي تقيمها المجلّة احتفاءً بإعلان قائمة أسماء هؤلاء النّخبة المنتخَبة، كما ليضطلع بعرض أحوالنا هناك، نحن – أبناء وبنات “الأقلّيّة” الأصلانيّة – وبفضح السّياسات العنصريّة المنتهَجة والممارَسة ضدّنا، من على ما ستتيحه له الولايات من مسارح ومِنصّات.
وقد كان مؤثّرًا، فعلًا، أن يدخل المرء منّا موقع تلك المجلّة الافتراضيّ الفخم في الشّبكة العنكبوتيّة، العالي التّقنيّة والتّصميم، ليرى ابن بلده وتِربه ورفيق بعض دربه يتألّق بين أزيَدَ من مِائة يتألّقون، كلٌّ في فئته وكار حياته، الّذي هو فيه، أبدًا، يَكُرّ ولا يفِرّ؛ فزورًا وبهتانًا قالوا: “الهَرِيبِة ثِلْثِين المَراجِل”. لكن رغم ما بعثه فينا هذا الاختيار من مشاعر الغبطة والفَخار يظلّ ينتابنا الشّكّ فنتوخّى الحذر – مهما بلغت هذه المجلّة أو تلك، أو مركَز الأبحاث هذا أو ذاك، من “مصداقيّة” أمريكيّة في عصر الدّجّال الأعور – لحرفة هؤلاء النّاس واحترافهم دسّ السّمّ في الدّسم، خصوصًا للمنهكين من أهل الشّرق. علمًا أنّنا لسنا بأدنى حاجة إلى أن تذكّرنا هذه المجلّة أو تلك بصديقنا أيمن، قيمةً وقامةً؛ وعليه، فقلوبنا – يا أبا الطّيّب – معك، وندعو الله لك أن يحميك منهم ومنّا ومنك، لتظلّ أنت كما كنت، ولتكون، يومًا، ما تريد وما نريد.. ما نريد وما تريد..
الإنالة والمَنالِيّة
وفي سياق متّصل أبدًا، كان سألني صديقي أعلاه عن عربيّ العبريّ “הנגשה” (“هَنْـﭽَـشا”) فأجبت: هي – عندي منذ زمن بعيد – الإنالة، يا صديقي.. بمعنى التّمكين من الوصول إلى الهدف أو الغرض. كما أنّ عربيّ العبريّ “נגישות” (“نِـﭽِِـيشُوت”) مَنالِيّة (بفتح الميم وكسر اللّام وتشديد الياء). فما رأي مجمعنا/مجامعنا الموقّر/الموقّرة؟!