آن سكستون و الكلمات/ دينا عبد الهادي
الكلمات والبَيض تحتاجُ إلى عناية/ متى تكسّرت لا سبيل/ لإصلاحها.
>
|ترجمة القصيدة و تقديم: دينا عبد الهادي|
“إنّ الكتاب الجيّد كمعول يحطّم الجليد بداخلنا” (كافكا)
آن
كانت آن سكستون من أكبر المُعجبين بتلك العبارة.. وآمنت بأن الشعر معول ضخم يُحطم الجليد والصمت بداخلنا. بدأت في كتابة الشعر لمحاربة الاكتئاب المزمن الذي كانت تعانيه، هكذا نصحها المعالج النفسيّ، فبدأ مشوارها مع الكلمات في خمسينات القرن الماضي في ورشة شعرية مع الشاعر جون هولمز، و لم يمضِ الكثير حتى نشرت أولى قصائدها في النيو يوركر ومجلات أدبيّة أخرى.
تميّز شعر “آن” بطابع شخصي جدًا، أشبه بالاعترافات Confessional Verse، ربما أشعرها ذلك بالارتياح لتتخلص من عبء مشاعرها على الورق، وربما كان أيضا سببًا لنجاح قصائدها المتفردة في سبر أغوار الذات، لكن كما يقول النقاد وضعها ذلك في نطاق ضيق وشاب أفكارها بشيء من التكرار.
بعد مرور اثنَي عشر عاما من تلك الحادثة، مرورًا برحلة شعرية مضطربة، أصبحت “آن” من أكبر شعراء أمريكا و حازت جائزة البوليتزر الأدبية للشعر عام 1967 عن كتابها “عِش أو مُت” “Live Or Die”. وقد جمعتها صلات الصداقة بالشاعرة الأمريكيّة المُنتحرة سيلفيا بلاث التي اشتهرت بكتابها “الناقوس الزّجاجيّ” “The Bell Jar”، و كانت زوجة الشاعر الإنجليزي الشهير تيد هيوز. بعد هذه الرحلة أهدتها تجربتها الشعرية -التي كانت جزءا من العلاج يوما- مكانتها المتميزة في الحياة و الأدب.
لكن، هل حرّرتها الكلمات؟ هل أودعت اضطرابها الأوراق وبذلك تخلصت منه، أم أنها أهدته الأبدية بتوثيقه في سجلات الشعر الأمريكي؟ هل حقاً حاربت اكتئابها أم لأنه بات مصدر إلهامها للكتابة، أطلقت له العنان، فانتصر عليها في النهاية؟ الكلمات سلاح خطر ، لذلك كتبت “سكتون” توصي بالحذر منها!
فلنستمع إليها تروي ما لديها عن تجربتها مع الكلمة:
.
كَلمات
حذارِ من الكلمات،
حتى الرائعة منها.
لأجل روعتها نذهبُ لأبعدِ مدى،
أحيانا تتجَمهرُ كحشراتٍ صغيرة
فلا تلسع بل تودِعُ قُبلة.
قد تكون ماهرة كأصابع اليَد.
قد تكون راسخةً كالصّخرة
التي تَرتَكُنُ إليها.
إنها اقحواناتٍ وكدمَات في ذاتِ الآن
مع هذا فأنا أعشقُ الكلمات.
إنّها يماماتٌ تتساقطُ من السقف.
إنّها ستّ برتقالات تتربّع في حضني
إّنها الأشجار ، سيقانُ الصيفِ،
والشّمسُ، وجهُها المتّقد.
لكنّها كثيرًا ما تخذلني..
فلديّ الكثيرُ أودّ أن أرويه،
قصصٌ/ صورٌ ، أمثالٌ، وهلمّ جرًا.
لكنّ الكلمات تُعجزُني،
يُقبّلني ما عطب منها.
.
أحيانًا أطيرُ كنسر
له أجنحة طائر مغرّد صغير.
لكنّي أحاولُ أن أحاذِر
وأرفقَ بها.
فالكلمات والبَيض تحتاجُ إلى عناية
متى تكسّرت لا سبيل
لإصلاحها.
.
(تبيّن فيما بعد أنّ الشاعرة آن سكستون كانت تعاني مرض “Bipolar disease ” و هو مرض يسبب التأرجح بين قطبي الهستريا أو Mania و الاكتئاب. توفيت عام 1973 بعد أن نجحت آخر محاولاتها للانتحار.)
23 مايو 2015
أشكرك على تعليقكِ الكريم ..خير الذكرى تلك لشاعرة عظيمة قلّما ذكرناها مع أنها رائدة في الشعر و كانت أيضا مُترجِمة رائعة .
31 مارس 2015
عادت نازك الملائكـة من أمريكافي ١٩٥٣؟ محملـة بالأفكار ونضارة الرؤيـا وكان من جملـة إبداعاتها محاضرتان حول المـرأةحوالي ١٩٥٣ أو ما يقارب (أتكلم من الذاكرة) من صميم الفكر الحداثي حول المرأة وكذلك كتبت أكثر قصائدها حداثة في تلك الفتـرة الغنيـة وبـوّأها إنجاز تلك الفتـرة مكانة رياديةرائعة وكان شعرها في تلك الفتـرة رائعـا، ومن جملة ما كتبته من قصائد مبتكرة قصيـدة :أغنيـة حب للكلمـات”.نشرتها في الآداب البيروتية وتستحق القراءة والحفظ لكنا أمـة بلا ذاكـرة. ذكرتني بكل هذا قصيدة سكستون.