عيد القدّيس جيفارا…
في الذكرى الـ83 لميلاد الثائر تشي جيفارا نقدّم نصًا مترجمًا من “The Motorcycle Diaries” ، يوميّات رحلته في أمريكا اللاتينية قبل انخراطه في الثورة. فليتحدّث جيفارا الإنسان عن نفسه…
عيد القدّيس جيفارا…
|ارنيستو تشي جيفارا|
|عن الإنجليزية: مجد كيّال|
السبت، الرابع عشر من حزيران، 1952، ها أنا، أصل هرمًا إلى جيل 24، إنها حدود ربع القرن القدريّة، زواجي الفضّي مع الحياة التي لم تظلمني ظلمًا مبالغًا فيه. ذهبت إلى النهر منذ الصباح لأسترد حظّي مع الأسماك، إلا أن الصيد مثل القمار: في البداية تبدأ بالربح، ثم تأتي الخسارة. في المساء لعبنا مباراة كرة قدم، ووقفت حارسًا للمرمى مثل العادة، إلا أنني نجحت أكثر من المرات السابقة.
في الليل، بعد وجبة عشاء كبيرة وشهيّة في بيت الدكتور برشياني، نُظمت على شرفنا حفلة في غرفة الطعام، كان فيها الكثير من المشروب الوطني- بيسكو. كان ألبيرتو قد مر بتجربة معينة مع تأثير هذا المشروب على جهازه العصبي. وعند نشوة المزاج رفع رئيس الجالية كأسًا وحيّانا بكلمات ودودة جدًا. أما أنا، وبعد أن كنت غارقًا في البيسكو، نجحت بأن أقول شيئًا من هذا القبيل:
“حسنًا، إني أشعر بأنه من واجبي شكر الدكتور برشياني أكثر بكثير مما هو مألوف، إلا أنه في وضعنا التعيس، ليس بإمكاننا أن نعبر عن شعورنا إلا بالكلمات، وعبر الكلمات أود أن أعبر عن شكري -أنا وصديقي في السفر- لكل العاملين في الجالية على الود والصداقة الطيبة التي أبديتموها، وعلى احترامكم لنا دون أدنى معرفة مسبقة بنا. وبالطبع، أشكركم على شرف احتفالكم بعيد ميلادي كأنه مناسبة شخصية لكل واحد منكم. وشيء إضافي: في الأيام القليلة القادمة سنترك أرض بيرو. إذن، فلكلماتي يوجد داع آخر؛ أن نقول الوداع. بودّي أن أشكركم من كل قلبي، لكم ولكل أبناء هذا البلد الذين غمرونا فضلًا دون أي تردد منذ وصلنا إلى هنا عابرين حدود تكنا.
والآن أود أن أضيف أمرًا آخر وإن كان خارجًا عن الموضوع: بالرغم من أننا نصغر أمام الخطابة لأجل هذا الهدف، إلا أننا نؤمن –خاصةً بعد هذه الرحلة- بأن أمريكا مقسّمة لوحدات وطنية وهمية ودون أي أساس. من المكسيك حتى مضيق ماغيلان، كلنا أبناء عرق مختلط واحد، وبيننا قواسم قومية واضحة توحدنا، لذلك أحاول قدر المستطاع أن أمتنع من كل محدودية في نفسي، أو ضيق أفق. لذا، فلنشرب الآن نخب بيرو، ونخب أمريكا الموحّدة!”
لقد لاقى خطابي تصفيقًا وهتافا حارّيْن. الحفلة انتهت عند الثالثة فجرًا، بعد أن تحوّلَتْ في هذا الجزء إلى سعي للقضاء على أكبر كمية ممكنة من الكحول..
ملاحظات حول الترجمة:
1)العنوان “عيد القديس جيفارا” هو العنوان الأصلي للفصل كما ظهر في الكتاب، ويأتي العنوان سخرية من تزامن ميلاد جيفارا مع عيد أحد قديسي أمريكا اللاتينية.
2)في بعض النسخ الإنجليزية يُدمج فصل آخر بهذا الفصل، دون ترابط بالأحداث والموضوع، إنما عودة إلى فصل سابق، ما لم ندرجه في هذا الموضع.