موقع حكايات غزة: كمنجة ورصاص وصيادو سمك
يشكل الموقع حاضنة لمساهمات متنوعة من داخل قطاع غزة وخارجه، حول تجربة الحرب القاسية تلك وما نتج عنها، والتي لا تشكل بدورها أرضية للوقوف على تجربة الحياة والتمعن في مثل هذه التجربة القاسية فحسب، وإنما أرضية لحكاية بديلة للتاريخ الفلسطيني المعاصر
موقع حكايات غزة: كمنجة ورصاص وصيادو سمك
|خدمة إخبارية|
أطلق برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطَّان العام المنصرم، الموقع الإلكتروني “حكايات غزة“ ، بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للعدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وسكانه أواخر العام 2008. ويتمثل الهدف الرئيسي لتأسيس هذا الموقع في تشكيل حاضنة لمساهمات متنوعة؛ شهادات، وروايات أكانت مكتوبة أم بصرية أم مسموعة، من داخل قطاع غزة وخارجه، حول تجربة الحرب القاسية تلك، وما نتج عنها، والتي لا تشكل بدورها أرضية للوقوف على تجربة الحياة كما فقدانها في مكان محاصر، والتمعن في مثل هذه التجربة القاسية فحسب، وإنما أرضية لحكاية بديلة للتاريخ الفلسطيني المعاصر أيضاً.
وقد رأى هذا المنبر إلى الآن مواد غنية على المستوى الفكري والفني والإنساني، منها ما كان موجوداً أصلاً وتم جمعه، ومنها ما تم استكتابه من هيئة تحرير الموقع، ليتم بذلك تكوين فسيفساء راح يشارك في خلقها كتاب وفنانون، وأناس عاديون وأطفال، حوّلت شيئاً من نتائج تجربة الحرب تلك إلى فعل خلاق ومبدع.
فمثلاً؛ من النصوص التي يضمها الموقع نص لنجاح عوض الله، بعنوان “أغنية حزينة”، وهو عبارة عن يوميات طالبة موسيقى تحت القصف، ويبدأ بـ:
“القوسُ مشدودٌ تماماً، يحاكي أوتار كمنجته، فيما طائر ضخم يضرب ضرباته الأولى، يرتعدُ البرجُ السكني. يرتدُّ قوسُ الكمنجة إلى الخلف مرتجفاً، أضبط إيقاعه محاولة السيطرة على خوف في عيون معلمة الكمنجة”.
وينتهي بـ:
“ما زال الرصاص المصبوب ينصب على المدينة. يمنحون الأجانب الحق في مغادرتها، يستثنونهم من الحرب. أتصل بمعلمتي، يخبرني زوجها أنها غادرت… أخرج كمنجتي من تابوتها وأعزف “أغنية حزينة”، تتورم جفوني فأخجل أن أبوح لزوجي أنني أبكي رحيل مدرستي ووحدة كمنجتي. الآن فقط أصبحت غزة يتيمة”.
وفي قصيدة لناصر رباح بعنوان “جارنا الجديد” يأتي:
“لو نزرع الرصاص
ما الذي تنبت الأرض يا ترى؟
جثثاً يانعة
أم شجراً ميتاً؟”
ومؤخراً، بادر الموقع بتهيئة ملف حول موضوعة معينة وهي: “الصيادون وبحر غزة”، وقد تضمن الملف تحقيقاً صحافياً بالإضافة إلى مقابلات مسموعة مع بعض الصيادين، الذين تحدثوا عن مصاعبهم المختلفة التي يواجهونها بسبب الحصار. كما يقدم الموقع معرض صور لأربعة فنانين من غزة: ماجد شلا، شريف سرحان، باسل المقوسي، سامي أبو سالم، الذي يقتفي مشاهد الحياة في غزة عند حافة البحر وحتى داخله.
وعملياً، تشي تهيئة هذا الملف، وهو أمر تطمح هيئة التحرير القائمة عليه إلى عمله شهرياً، بأن الموقع تدريجياً لم يعد يقتصر على نشر موادّ تتعلق بتجربة الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة في شتاء 2008. فبعد انطلاقه، سرعان ما اتضح أن على الموقع أن يعتني بالقدر نفسه بتفاصيل الحياة وشرطها الخاص في غزة عبر العقود السبعة الأخيرة، حيث ما انفكت تعاني حروبًا وحصارات علنية وغير علنية. وهكذا راح الموقع يطمح في تكوين ما يشبه النافذة على غزة، وكل ما من شأنه أن يقدم سرداً للمكان عبر أزمنة مختلفة، كما جاء على لسان من قطنها ومن لم يقطنها. وهنا يورد الموقع مثلاً قراءة لـ”ورقة من غزة” (1956) من تأليف الأديب الشهيد غسان كنفاني، يقدمها الكاتب والمفكر البريطاني-الفرنسي جون برجر.
بذلك، يأمل الموقع، الممثل بلجنة التحرير القائمة عليه، كما أصدقائه، وهم مجموعة من الكتاب والفنانين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين، في استقطاب مساهمات أشخاص عاشوا أو يعيشون في غزة، ومن خارجها لأشخاص لم يعيشوا فيها، لكن تربطهم بها علاقة خاصة يستكشفها نص أو عمل ما لهم؛ سواء أكانوا بالغين أم أطفالاً، أناساً عاديين أم فنانين، ومبدعين؛ فلسطينيين وغير فلسطينيين على حد سواء. ويرحب الموقع باستلام أيٍّ من هذه المساهمات ومراجعتها بهدف النشر، على أن يتم إرسالها إلكترونياً على العنوان البريد الإلكتروني التالي: info@narratinggaza.net ،
أو على: http://www.narratinggaza.net/contribute.asp?lan=2 .