عباس يقرر إنهاء إمبراطورية دحلان وتصفيتها ومحاسبته
عباس أجرى سلسلة مشاورات مع عدد من المسؤولين العرب، وبعد أن ضمن الدعم لخطواته بدأ بالتحرك ضد دحلان • موقف مصر المؤيد لعباس، وعلاقات التوتر بين القيادة المصرية ودحلان، كان لها أثر كبير في تعزيز قوة عباس وإقدامه على خطوة لا تخلو من المخاطرة
عباس يقرر إنهاء إمبراطورية دحلان وتصفيتها ومحاسبته
|حسن عبد الحليم|
يبدو أن إمبراطورية محمد دحلان في السلطة الفلسطينية تشارف على نهايتها، وحسب مصدر فلسطيني رفيع المستوى، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عازم على قصقصة أجنحة دحلان ووضع حد لإمبراطوريته مترامية الأطراف ومحاسبته.
اللجنة المركزية لحركة فتح قررت في اجتماعها الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تعليق عضوية محمد دحلان من اللجنة المركزية إلى حين انتهاء التحقيقات في التهم الموجهة إليه.
وطالبت اللجنة المركزية بالإسراع بالتحقيق مع دحلان موضحة أن التهم المنسوبة إليه هي: تسليح عناصر خارج الأجهزة الأمنية الرسمية، شق الصف الوطني، والتحقيق في مصادر ثرائه.
اعتقالات تطال موالين وشخصيات مركزية في نظام دحلان الأمني والسياسي
ويقول المصدر الفلسطيني رفيع المستوى في حديث خاص لـ«فصل المقال» إن ذروة الأزمة وصلت قبل عدة أيام حيث شنت أجهزة السلطة حملة اعتقالات طالت العناصر الموالية لمحمد دحلان وجهازه العسكري وحققت معهم، في خطوة تهدف إلى إضعاف دحلان عسكريا وضمان عدم قدرته على تنفيذ أية خطوة من شأنها أن تحدث تغييرا.
وحسب المصدر، بدأت الأزمة بين دحلان وعباس، منذ عدة شهور حيث تأكد لرئيس السلطة الفلسطينية أن دحلان يحرض ضده ويؤلب كوادر فتح على قيادة السلطة في اجتماعات خاصة وعامة، وفي الوقت ذاته يحاول تعزيز قوته في الشارع الفلسطيني، وتعزيز جهازه العسكري.
دحلان: أنا الذي صنعته!
المصدر أكد أن عباس استمع لتسجيل صوتي لمحمد دحلان في أحد الاجتماعات التي عقدها لمواليه وهو يحرض ضد عباس ونهجه السياسي وينتقد ضعفه وفشله في التوصل إلى تسوية مع إسرائيل، ووصفه بأنه لا يصلح لقيادة الشعب الفلسطيني والتربع على قمة هرم السلطة، واحتد دحلان في تلك الجلسة وقال عن عباس: أنا الذي صنعته، أنا الذي حميته وهو يتجول في دول العالم لفتح آفاق «البزنس» لأبنائه”، وفي اجتماع آخر وصف عباس بأنه رئيس بالصدفة.
هذه التصريحات ومثيلات لها واتهام دحلان ومقربيه بأنهم وراء تحريض قيادات في فتح وخاصة ناصر القدوة على أنهم أحق من عباس ورئيس حكومته سلام فياض بالحكم والإمساك بزمام الأمور بالسلطة، جعلت عباس يشتاط غضبا ويتحرك ضد دحلان. ورأى عباس ومقربوه في سلوك دحلان تهديدا مباشرا واعتبروا أن حملة التحريض ضد قيادة السلطة ومحاولات دحلان تعزيز نفوذه في الشارع الفلسطيني واستقطاب موالين وتعزيز جناحه العسكري، وسعيه لتعزيز نفوذه في الأجهزة الأمنية والوزارات في الضفة، تنذر بنيته الإطاحة بقيادة السلطة وقلب الموازين، فسارع عباس بتقديم طلب للجنة المركزية لحركة فتح بتشكيل لجنة للتحقيق مع دحلان حول تصريحاته وتحريضه على رئيس السلطة ونشاطاته ضد السلطة، ومساءلته حول مصدر ثروته وثرائه الفاحش، كذلك حول مسؤوليته عن انهيار السلطة في غزة وسقوطها بتلك البساطة التي سقطت بها وهروبه وجماعته من غزة.
عباس ضمن موقف مصر وبعض الدول العربية قبل التحرك
وأكد المصدر أن رئيس السلطة أجرى مؤخرا سلسلة مشاورات مع عدد من المسؤولين العرب، وبعد أن ضمن الدعم لخطواته بدأ بالتحرك ضد دحلان، وأشار المصدر إلى أن موقف مصر المؤيد لعباس، وعلاقات التوتر بين القيادة المصرية ودحلان كان لها أثر كبير في تعزيز قوة عباس وإقدامه على خطوة لا تخلو من المخاطرة. وقال المصدر إن عباس رفض وساطة مصر والإمارات لحل الخلاف، مشيرا إلى أن اللقاء الذي جمع اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة المصرية ودحلان مؤخرا لم ينجح في تخفيف حدة التوتر بين مصر ومسئول الأمن الوقائي السابق بقطاع غزة على الرغم من حالة الإلحاح في طلب اللقاء من جانب دحلان.
وكانت باكورة الخطوات التي بادر إليها عباس ضد دحلان إلغاء الامتيازات الأمنية عن دحلان وسحب الحراسة عن منزله في رام الله وإغلاق فضائية تابعة له كان مقررا أن تبدأ البث قريبا.
وحسب المصدر فإن لجنة التحقيق التي شكلت برئاسة أمين سر مركزية “فتح” أبو ماهر غنيم ، وبمشاركة أعضاء اللجنة المركزية صخر بسيسو وعزام الاحمد وعثمان ابو غربية بدأت عملها دون إعاقة. ويؤكد المصدر أن عباس عازم على وضع نهاية لإمبراطورية محمد دحلان ومحاسبته مهما كان الطريق شائكا.
وبحسب المصدر، فقد طلبت اللجنة من دحلان توضيحات حول ما نسب إليه من تحريض يقوم به وبعض الكوادر المقربة منه على الرئيس عباس وابنائه، بالإضافة الى تأليب الرأي العام داخل «فتح» وتوقيع عريضة من قبل عناصر وكوادر خاصة في قطاع غزة تطالب بعقد مؤتمر استثنائي للحركة وانتخاب لجنة مركزية جديدة بعد ان ثبت فشل وعجز اللجنة المركزية الحالية التي انتخبت في المؤتمر العام السادس الذي عقد في بيت لحم في شهر أب من العام الماضي.
لماذا في هذا الوقت بالذات؟
وحينما سألنا المصدر، لماذا في هذا الوقت بالذات قرر عباس التحرك، ولماذا كان غافلا عن دحلان طوال تلك المدة، أجاب: ببساطة لأن الأمر بدأ يطال رئيس السلطة شخصيا، وأصبح دحلان يشكل خطرا على النظام الفلسطيني القائم برمته.
وعن قدرة عباس على تصفية دحلان الذي يحظى بعلاقات إقليمية ودولية، قال المصدر إن الغطاء لدحلان هو بالأساس من السلطة فإن سقط سقطت جميع الأغطية. وعن علاقة إسرائيل بخطوات دحلان، قال إن ارتباط المصالح هو الأساس الذي تقوم عليه السياسات، ولكن لا يمكن معرفة دور إسرائيل في خطوات دحلان ولا أريد التكهن، لأن السؤال هنا هل انتهى دور عباس بالنسبة لإسرائيل، ولا أملك إجابة على هذا السؤال.
(عن صحيفة “فصل المقال” وموقع “عرب 48″)