صدور “بر-حيرة-بحر”، جديد راجي بطحيش
“بر-حيرة-بحر” هو محاولة من الكاتب للقيام بعملية مونتاج لحياته وأماكن تواجده، حيث يجلس على مدار الصفحات مع المونتير في غرفة المونتاج ليزرع داخله مزيدًا ومزيدًا من الحيرة. وينجح الاثنان أحيانا ويفشلان في معظم الوقت حين تقف لهم بالمرصاد عوامل تلعب دور البطولة في الكتاب
صدور “بر-حيرة-بحر”، جديد راجي بطحيش
|خدمة إخبارية|
عن دار “أزمنة” في عمان صدر مع مطلع العام 2011 الكتاب النثري الجديد للكاتب الفلسطيني ابن الناصرة راجي بطحيش، تحت عنوان “بر-حيرة- بحر”. وعرّف الناشر الكتابَ الذي يقع في 110 صفحة على أنه بورتريه منثور، فيما قامت بتصميم غلافه الفنانة الفلسطينية (ابنة الناصرة أيضًا) والمقيمة في لندن، غريس عبدو.
“بر-حيرة-بحر” هو محاولة من الكاتب للقيام بعملية مونتاج لحياته وأماكن تواجده، حيث يجلس على مدار الصفحات مع المونتير في غرفة المونتاج ليزرع داخله مزيدًا ومزيدًا من الحيرة. وينجح الاثنان أحيانا ويفشلان في معظم الوقت حين تقف لهم بالمرصاد عوامل تلعب دور البطولة في الكتاب، كفصول السنة (لذلك تم تقسيم الكتاب إلى أربعة أبواب تعبر عن الفصول الأربعة للسنة)، إضافة إلى الأماكن حيث يلبس النصّ بشكل كامل أحجبة المكان الذي يتحدث عنه وعِبأه الشعوري ويتمحور الكتاب خاصة حول مثلث “تل أبيب-حيفا-الناصرة”، في محاولة لنقش الشكل الحالي لمدن وطرقات وملامح فلسطين 48، كما تشكل مسألة “الارتطام الإنساني” مع الغريب-العدو في النص بمثابة الوقود الذي يشحن محرك السّرد ليقوده نحو الانفجار أو التفكك.
“بر-حيرة-بحر” هو كتاب عن الهوية الجنسية والإغواء والموت والكآبة والأبوة والثقل التاريخي العائلي وعن بيوت فارغة غادرها الجميع وعن فئات آخذة بالتلاشي.
يذكر أنّ الكاتب هو من المجموعة المؤسّسة لموقع “قديتا” الثقافي والسياسي (www.bizover.qadita.net) وهو يقوم حاليا بتحرير زاوية “مثليون ونص” التي أثارت ضجة كبيرة وجدلا واسعا لما تطرحه من مواضيع تخصّ الهويات الجنسية المتعددة وتسلط الضوء على مجتمعات “أحرار الجنس-الكويرز” في فلسطين والعالم العربي.
صدر للكاتب أيضًا: “الظلّ والصدى”، شعر، الناصرة 1998؛ “العري وقصائد أخرى”، شعر، دار الشروق- عمان، 2002؛ “حديقة للشتاء..ظل ربيع ضاع”، نثر، دار الشروق-عمان، 2003؛ “مجموعات قصصية: بدل الضائع “(2005)؛ “غرفة في تل أبيب” (2007)؛ ملح كثير..أرض أقلّ” (2009) الصادرة جميعها عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت.
من “بر-حيرة- بحر” نختار المقطع التالي:
مشهد حالم وضبابي من أجواء المدينة التي أنهكها الحرّ
ها أنا أقف عند موقف الحافلات. يعبر باص رقم 40، تضع الفتاة الشاحبة خدّها على الزّجاج الملوث.. في الداخل تحتمي عيونها بجسور وأنفاق المدينة وبانعكاسات أبراجها المنتصبة الجاهزة للإيلاج في ثقب التاريخ والجغرافية في أية لحظة معطاة. تحتمي بجسر المشاة فوقها وفوق الحافلة.. يقطع صخب جماعة الفتية اللاجئين من دارفور حبل أفكارها.. يتحدث زعيم الشلة عن مغامراته هو وأمه حين عبرا الحدود السودانية المصرية فالمصرية الإسرائيلية فالإسرائيلية الفلسطينية فالعربية الإسرائيلية فالفلسطينية الفلسطينية فالشرقية الغربية فالإسلامية اليهودية فالإيرانية السعودية فالموالاتية المعارضاتية.. في طريقهم إلى أرض البرتقال المهندس وراثيا يقول الزعيم الدارفوري: “هل تشاهدون؟ رصاصة الجندي المصري لا تزال في جيبي!”
تحتمي الفتاة الشاحبة بخيالات جسر عملاق تتوارى جثث القطط المتعفنة بين أعمدته.. تحتمي من لحظة حميمية واحدة ستجمعها بعد قليل مع أمها وأخيها حول ذكريات طفولة بعيدة في قرية قرب تشرنوبيل، عندما تحوّلت الطابة الحمراء إلى كتلة صفراء من الحيرة.
12 يناير 2011
مبروك الف مبروك راجي… تحياتي
12 يناير 2011
ياي.. كتيييير حلو