“تخت شرقيّ”: هكذا تكون الحوارات
يكمن الفرق بين عمل درامي سوري معاصر وبين عمل آخر مشابه ويبث في نفس الساعة بعنصر أساسي يتمثل في الحوارات التي تعبر عن الشخصيات. وقد يجتهد المشاهد العادي في اكتشافها ولكنها ترتقي به أو تسقط معه لاحقا الى ابعد الحدود حين كشفها والتركيز عليها
“تخت شرقيّ”: هكذا تكون الحوارات
|راجي بطحيش|
يكمن الفرق بين عمل درامي سوري معاصر وبين عمل آخر مشابه ويبث في نفس الساعة بعنصر أساسي يتمثل في الحوارات التي تعبر عن الشخصيات. وقد يجتهد المشاهد العادي في اكتشافها ولكنها ترتقي به أو تسقط معه لاحقا الى ابعد الحدود حين كشفها والتركيز عليها.
ففي مسلسل “تخت شرقي” تطلق الكاتبة الدرامية يم مشهدي التي يمكن اعتبارها جزءًا من تيار الكتابة الدرامية النسائية الشابة في سوريا، والتي تتمثل بريم حنا ودلع الرحبي والصديقة ايمان سعيد، وغيرهن، العنانَ لشخوصها ليقولوا ما يشاءون وما كنا نرغب بالبوح به وخفنا أو ترددنا طويلا لأنّ هذا درب من الجنون والهبل. ولكن يم مشهدي تقرر في حلقاتها أنّ لا مجال بعد لتأجيل البوح فقد طفح الكيل كما يقولون وهي تتمرّد هنا على القوالب المعدّة سلفا في مثل هذه الأعمال والتي تخنقها المحاذير الدينية والأخلاقية واعتبارات الذوق العام التي لم تتكون سوى في ذهنيات الخائفين من موظفي أجهزة الرقابة العربية.
فـ “تخت شرقي”، وهو مسلسل قد يبدو عاديًا، يدور حول مجموعة من الأصدقاء التي تجمعهم شبكة اجتماعية شائكة في أطراف مدينة دمشق؛ تستمع الى الحوارات فتأخذك ثم تطلب المزيد فتمنح الكاتبة شخصياتها هذا المزيد ممّا خفنا أن نسمعه أو لم نتخيل أن يكون هكذا في مسلسل سوري إجتماعي عادي. فالحوارات في “تخت شرقي” سيدة الموقف وهي عماد العمل وهي مثيرة، مفخخة، تشكيكية واتهامية الى أبعد الحدود. تظهر الشخصيات في أول حلقة وكأنّ غشاء من الزيف يلفها ولكنها سرعان ما تتفكك الى عواملها الشيقة، من خلال ما تنطقه من جمل تتراكم وتتراكم لتحوّل المشاهدة الى أمتع وأهم وتحمل قدرا كبيرا من التأمل. فالشخصيات التي تمثل طبقة عربية وسطى تمارس حرب بقاء يوميّ تترنح على حافة الهاوية وتسخر من كل شيء بطبيعية شديدة كما أنها وعلى الرغم من شبكة الصداقات الشائكة في الحكاية لا تحبّ بعضها البعض بحق بل تتواجد سوية بحكم مكافحة الوحدة واستباق السقوط وهي تنهض كل صباح وترمم ما خلفه دمار الأمس وتحاول أن تمضي مع أنها متيقنة أن لا فائدة.
فالشاب الفلسطيني -مكسيم خليل- لا يكفّ عن التلميح الى التمييز الإفتراضي الذي قد يواجهه في كل مناحي حياته كونه فلسطينيًا يعيش في سورية، أمام سخرية حبيبية -سلافة معمار- التي تفكك علاقتهما الجنسية حواريًا بشكل غير مسبوق في الدراما السورية.
أما الأم سميرة -مها المصري- التي تعيش أزمة الخمسين لا تكف هي وابنتها وابنها عن إهانة أحدهم الآخر حيث تتهم الإبنة أمها بأنها تغار منها ومن جمالها وشبابها ونضارتها، انتقالا إلى سارة التي تقرر ارتداء الحجاب لأنّ الشبان يفضلون هذه الأيام الفتاة المحجبة حيث اصبحت السافرات مثارا للتشكيك بسلوكهنّ، مع ان الجميع يعرف انه يمكن ارتكاب العجائب من وراء الحجاب. أما أماني فهي التي تشكك طوال الوقت بمفهوم الزواج وقداسته والتابوهات التي تحيطه وبإمكانية عيشها هي وابنها لوحدهم بعيدا عن زوجها التي لا تكفّ عن السخرية منه والتنكيل به وبشخصه الشرقي المهزوز. وريما –الريفية- التي تحطمت احلامها بالعاصمة تبث سمها في حوارات رائعة ومستفزة وتعلنها بصراحة أنها تريد ان ترى حياة كل من حولها مدمرة.
في “تخت شرقي” تجلس الشخصيات لاحتساء القهوة سوية فيما قد يبدو مشهدا عاديا من مسلسل عربي بقوالب جاهزة من القيل والقال، ولكن سرعان ما تأخذك الكلمات الى عوالم مفتتة يكسوها العنف والحيرة والحسرة والفظاظة الإستيتيكية ويذكرني هذا بفيلم life during wartime للمخرج السيناريست الأمريكي الرائع تود سولونديز، الذي شاهدته بالصدفة هذا الأسبوع حيث تتحول كل جلسة عائلية هادئة وحالمة الى حرب كلامية عنصرية شاذة وتبعث على الضيق، فتصبح كل جملة حوارية سيتم نطقها بعد قليل بمثابة قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه المشاهد ومن ثم ستضيء له بعضا مما فاته من مجهول.
12 سبتمبر 2010
أعتقد أن الدراما السورية الشابة خاصة بدأت تكشر عن أنيابها وبدأت تنتقل لتعطي الشباب رؤية حقيقية عما نعيش غير الرؤى المصطنعة او الكاذبة لحقبات سابقة.
7 سبتمبر 2010
حلقة امبارح كانت رائعة وخصوصا الحوار بين سمر سامي وسلوم حداد وبين يارا صبري وصديقتها
وجمع جميع الشخصيات بالمطعم
6 سبتمبر 2010
مقال جيد إستطاع أن يسبر الكثير من أغوار هذا العمل الدرامي الرائع. لكن في رأيي الشخصية الأكثر غرابة و تشويقا و إيجابية هي شخصية “يعرب” الذي إستطاع دائما أن يهزم معاناته اليومية بروح الدعابة و السخرية اللاذعة من وضعه، هو يوحي بالامبالات و عدم الجدية و بالطيش حتى، لكنه يفاجئنا من حين لآخر بمواقفه الناضجة و بوعي صعب وجوده في شبابنا اليوم،، أنا أعشق الدراما السورية لكني أمام هذا العمل وجدتني متيمة
2 سبتمبر 2010
nice series great article
2 سبتمبر 2010
والدكتور سامر (سلوم حداد) وزوجته سمر سامي والحوارات الرائعه بينهن…هي المرأه الحالمه الي فقدت الأمل بالانجاب بس بتحلم انو علاقتها مع جوزها تضلها رومانسيه وهو اللي بحاول يرضيها ومش عارف كيف وقصي الخولي وحكياتو النغشات بس الواقعيات..الحقيقه انو كل كلمه مكتوبه مكتوبه باتقان..بتحس ان الحوار طبيعي وعادي وممكن نقولو احنا ونفكر فيه ومش مفتعل زي الحوارات بالمسسلات المصريه…مش غريب على الدراما السوريه اللي عم تتطور من سنه لسنه اكتر واكتر