أثر السيجارة/ راجي بطحيش
في أحد المسلسلات وصل الأمر الى أن يجرّ الممثل الممثلة من شعرها في مشهد طويل ومَمطوط وغير مبرّر دراميًا في العمل وكلّ هذا لأنها أخته وتخرج وتدخل من دون إذنه
أثر السيجارة/ راجي بطحيش
|راجي بطحيش|
كنت قد ابتليتُ في نهاية الأسبوع الماضي بالإنفلونزا الصيفية، تلك التي تعزز لديك الدوافع الإنتحارية ومشاعر التدمير الذاتي في محاولتك للفرار عبثا من حرارة الطقس القاتلة إلى حرارة الجّسد المنهكة وبالعكس. إذًا لا سبيل للهروب من لعنة الحرارة المضاعفة سوى الإستسلام للمصير الأسود والدخول في غيبوبة… وتمثلت غيبوبتي هذه المرة بجلوسي أكثر من 24 ساعة متواصلة كالنبتة الحقيقية لمشاهدة حلقات رمضان المسلسلة (إعتراف: أتابع ثلاثة مسلسلات بشكل يوميّ عبر الإنترنت وهي: “تخت شرقي” و”ذاكرة الجسد” و”الجماعة”. وهي بحق جيدة..”). أما عن تلك الـ 24 ساعة فإليكم ملاحظاتي:
تشكل النساء ملطشة الدراما الشعبوية العربية مثل “زهرة وأزواجها الخمسة” و”الحارة” و”العار”، ولا أستثني هنا دراما البيئة الشامية التي تحوّلت وبصدق إلى تلوّث بيئيّ حقيقيّ في حياتنا؛ ففي بضع ساعات لم أستطع أن أحصي عدد المشاهد التي تحوي مشادّة كلامية تتصاعد وتتصاعد وتفضي إلى صفعة من رجل على وجه إمرأة، ودائما مع كلمة السحر: “إخرسي!”
ولكن في أحد المسلسلات وصل الأمر الى أن يجرّ الممثل الممثلة من شعرها (آسف، باروكتها) بمشهد طويل ومَمطوط وغير مبرّر دراميًا في العمل (أصلا كلّ العمل غير مبرّر دراميًا) وكلّ هذا لأنها أخته وتخرج وتدخل من دون إذنه (وهو عاوز يعمل فيها راجل). وتتوالى الصّفعات والبوكسات والشلاليط؛ هذه لأنها ارتدت لبسًا غير محتشم وتلك على علاقة برجل متزوّج من أربعة وتلك خطفت عريس أخت ابن جيرانها، وتلك خادمة لم تخضع لأوامر سيّدها وتلك لم تستأذن من زوجها الخروج من البيت أو لم تطهُ لزوجها كوسا محشي بالكوارع كما طلب منها (حتى وإن كانت حجتها أنه لم يترك لها مصروفا كافيا لطهي هذه الوليمة). وعندما تذهب المسكينة لتستنجد بأمها وهي مليئة بالرضوض حول عينيْها، يدور الحوار التالي:
- يما مش مبسوطة معاه.
- إيه يا بت، هو بيضربك؟
- يعني حاجة زي كده…
- ما انا عارفاكي.. أكيد طهقتيه بعيشتو… ومش شايفة طلباتو، دانتي تطفشي بلد.
- يما ده حيوان!
- روحي يا بت على بيتك، إحنا معناش بنات تتطلق، لو كان أبوكي عايش كان دفنك بنفسو.
- يما ده بخيل وعينو ناعمة… ومتجوّز عليّ!
- هو راجل وانت ست والشرع محللو.
والمصيبة الكبرى أنّ هذه الأعمال لا تقدم حتى ولو بوعي كتابها الأدنى نقدًا وسخرية من التدهور الاجتماعي وتراجع الخطاب، بل تكاد السيناريوهات المقدمة تعبق برائحة الفخر “بقيمنا” و”تقاليدنا” و”عاداتنا”، الشكلية بمعظمها والكارثية بتطبيقاتها… فالعالم وفق هذه المسلسلات ينقسم إلى خير وشرّ، أسود وأبيض، إمرأة ورجل- ولا مجال للتشكيك أو طرح الأسئلة أو إثارة حيرة المتلقي. فالنساء بمعظمهنّ إما داعيات دينيات أو ساقطات، لا توجد شخصيات في الوسط وهنّ غالبا ثرثارات، شريرات، غبيات، ردّاحات، خطافات رجالة (انتبهوا الرجال هنا هم قيمة نادرة تستوجب الخطف)، كما أنهنّ مدبرات للمكائد هادمات للعوائل ممّا يقتضي ضربهنّ في نهاية كلّ مشهد من مسلسل عربي رمضاني.
ويذكّرني هذا بأثر السيجارة؛ فكل مرة أشاهد فيها فيلما أو مسلسلا أتعاطف فيه مع البطل أو البطلة ومع الموقف عامة ويشعل أحدهم سيجارة، أخرج واحدة من العلبة من دون أن أشعر وأشعلها بسرعة وأمجّها بفتنة ما يحدث أمامي. أما في دار السينما فإنني أكتفي بنقل توقي هذا همسًا لمن يجلس بقربي.
ووفق هذه النظرية، فمن حظ جميع النساء أنني أسكن وحدي.
27 أغسطس 2010
يالله، رمضان كريم.
انشالله تبقى معافى وما تنجبر تحضر هيك تفاهات
26 أغسطس 2010
لكن الملاحظ ان المشاهد يعجب ويقلد ولا يشمئز من هذه لمشاهد
هذا كا نراه في الطرقات وبين ابناءالجيل الجدد من الصغار فدائما هنا وهناك وفي البيت في الطريق من يقلد هذه المشاهد والتصرفات المخزية
25 أغسطس 2010
اعتقد عزيزي ان هدف المخرج والكاتب من كل هذا هو ان يشمئز المشاهد من هذه المناظر ويبدأ بنبذها في تصرفاته
اعتقد انك قرات السطور لكنك لم تقرا ما وراءها مع احترامي الشديد لنقدك اللاذع
25 أغسطس 2010
لايك للقوة 100.