«سلام أورينت»: لن نكون شهود زور!/ محمد أبو الروس
انسحاب كل من لينا شماميان، وماليكا، وMC Boikutt، ومروان عبادو من «سلام أورينت» النمساوي موقف مشرّف ورسالة سياسية تسهم في رفع مستوى الحساسية السياسية لدى القائمين على المهرجانات في العالم
«سلام أورينت»: لن نكون شهود زور!/ محمد أبو الروس
| محمد أبو الروس |
على خلفية مشاركة السفارة الإسرائيلية في تمويل «سلام أورينت» النمسوي، أعلن الفنانون العرب انسحابهم من المشاركة في المهرجان. في أربعة بيانات منفصلة، أعلنت لينا شماميان، وماليكا، وMC Boikutt، ومروان عبادو، انسحابهم من المهرجان، مؤكدين رفضهم استغلالَ الفنون لتلميع صورة إسرائيل، وأنهم قد لاحظوا متأخرين وجودَ الشعار الإسرائيلي بين المموّلين، ما يدلّ على أنه ضُمّ بعد إبرام اتفاقات العروض معهم. «سلام أورينت» الذي تشهده فيينا كلّ خريف، يُعنى بتقديم الموسيقى والرقص والشعر الشرقي وتأثيراتها على نظيرتها في الغرب.
ويُعدّ فنانون نمساويّون متأثرون بالشرق، مثل تيمنا براور، والياس مائيري، وأوتو ليخنر، ضيوفاً شبه دائمين. وكما يشرح مدير المهرجان نوربرت إيرليخ على الموقع الرسمي، فإنّ المهرجان يستضيف ضيوفاً من مختلف الثقافات المشرقية: تركيا، وسوريا، ولبنان، وإيران…. وإسرائيل.
أما المشاركة العربية، فكان يُفترض أن تشمل هذا العام الفنانة السورية لينا شماميان، ومغنية الهيب – هوب اللبنانية لين فتوح الشهيرة بـ«ماليكا» في ظهور مشترك مع فرقة MC Boikutt الفلسطينية الآتية من رام الله، إضافة إلى الفنان الفلسطيني اللبناني مروان عبادو الذي يظهر كمغنّ وعازف عود مع فرقة آن بينيت وأوتو ليخنر. لكنّ الجديد كان ظهور السفارة الإسرائيلية طرفاً داعماً للمرة الأولى في تاريخ المهرجان. مشاركة السفارة المباشرة في تمويل المهرجان، وظهور شمعدان حكومتها إلى جوار شعارات وزارة التربية والتعليم النمساوية والمؤسسات (غير الحكومية) المشتركة في التمويل والتنظيم ـــ وهي مؤسسات كانت تاريخياً أقرب إلى التضامن مع القضايا العربية ـــ تعدّ اختراقاً جديداً للوبي الصهيوني للمؤسسات النمساوية، وخطوة ذكية للتغطية على جرائم إسرائيل التي تظهر داعماً للسلام وللتبادل الثقافي والعيش المشترك.
في البلدان الناطقة بالألمانية، حيث لا تحظى حركةُ التضامن مع فلسطين، فضلاً عن مطلب «مقاطعة إسرائيل»، بالقاعدة العريضة التي تخرجها من زاوية «التطرف» و«اللاسامية»، ما زالت شروط الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل خارج مجال إدراك المؤسسات النمساوية، وخصوصاً مع اعتماد منظمات المجتمع المدني العربية شبه الكلي على هذه المؤسسات. موازين القوى الحالية لا تسمح للمنظمات العربية بالمطالبة بإقصاء فنانين صهاينة معلنين (كتيمنا براور) أو حتى فنانين إسرائيليين. ولذلك ليس مستغرباً ضعف حساسية المؤسسات الداعمة تجاه المشاركة الإسرائيلية الرسمية في بلدٍ لا يتجاوز فيه سقفُ الجاليات العربية في موضوع فلسطين سقف هذه المؤسسات أصلاً!
الموقف المشرّف الذي اتخذه الفنانون برفضهم المشاركة في مهرجان تموله إسرائيل لا يقلّ شجاعة عن الموقف الذي اتخذه المخرج البريطاني كين لوتش عندما هدّد بمقاطعة «مهرجان أدنبرة» عام 2009 في حال قبول رعاية السفارة الإسرائيلية لعرض فيلم إسرائيلي في المهرجان. والدور الآن على الجمهور العريض في مساندة هؤلاء الفنانين بمقاطعة المهرجانات التطبيعية والمطبّعين، وبتوفير فعاليات بديلة تضع الفنان المناضل في مكانه وحاضنته الطبيعية، قلوب الجماهير. رسالة سياسية كهذه تسهم في رفع مستوى الحساسية السياسية لدى المؤسسات القائمة على المهرجانات، وتسهّل حراك المنظمات العربية والتضامنية ضد إشراك المؤسسات الإسرائيلية والصهيونية. فلا سلام في الـ«الأورينت» (الشرق) مع الواقع الاستعماري هناك، ومع هذا المنطق الاستعماري في التعامل مع الشرق وفنانيه.