مسرحية “مؤتمر صحفي” لهارولد بينتر

|ترجمة خالد الجبيلي| الصحفي: سيدي، قبل أن تصبح وزيراً ل […]

مسرحية “مؤتمر صحفي” لهارولد بينتر

هارولد بينتر

هارولد بينتر

|ترجمة خالد الجبيلي|


الصحفي: سيدي، قبل أن تصبح وزيراً للثقافة، أعتقد أنك كنت رئيس الشرطة السرية.

الوزير: هذا صحيح.

الصحفي: هل تجد أيّ تناقض بين هاتين الوظيفتين؟

الوزير: لا، أبداً. عندما كنت رئيس الشرطة السرية، كانت مسؤوليتي تتركز بالتحديد على حماية تراثنا الثقافي وصونه من القوى الهدامة. كنّا ندافع عن أنفسنا ضدّ الدودة. ولا نزال.

الصحفي: الدودة؟

الوزير: الدودة.

الصحفي: عندما كنتَ رئيس الشرطة السرية، ماذا كانت سياستك تجاه الأطفال؟

الوزير: كنا نعتبر الأطفال تهديداً إذا – كانوا أطفالاً ينتمون إلى أسر مخرّبة.

الصحفي: وكيف كنتم تطبقون سياستكم عليهم؟

الوزير: كنا نختطفهم ونربيهم تربية صالحة، أو كنا نقتلهم.

الصحفي: كيف كنتم تقتلونهم؟ ما الأسلوب الذي كنتم تتبعونه؟

الوزير: كنا ندق رقابهم.

الصحفي: والنساء؟

الوزير: كنا نغتصبهن. كان كلّ ذلك جزءاً من عملية تربوية، كما ترى. عملية ثقافية.

الصحفي: ما طبيعة الثقافة التي كنتم تقترحونها؟

الوزير: ثقافة تستند إلى الاحترام وسيادة القانون.

الصحفي: وكيف تفهمون دوركم الحالي كوزير للثقافة؟

الوزير: تلتزم وزارة الثقافة بالمبادئ ذاتها التي تحمي الأمن القومي. إننا نؤمن بفهم صحيّ، قوي، ورقيق لتراثنا الثقافي والتزاماتنا الثقافية. وبشكل طبيعي، تشمل هذه الالتزامات الولاء للسوق الحرّة.

الصحفي: وماذا عن التنوع الثقافي؟

الوزير: إننا نلتزم بالتنوع الثقافي؛ إننا نؤمن بتبادل الآراء بصورة مرنة وقوية. إننا نؤمن بالخصب.

الصحفي: وماذا عن المعارضة النقدية؟

الوزير: إن المعارضة النقدية مقبولة – إذا ما بقيت في البيت. إن نصيحتي هي ــ اتركها في البيت. ضعها تحت السرير. مع وعاء البول.

يضحك.

الوزير: (يتابع) أي في مكانها المناسب.

الصحفي: هل قلت وعاء البول؟

الوزير: سأضع رأسك في وعاء البول إن لم تكن حذراً.

يضحك. يضحكان.

الوزير: (يتابع) دعني أوضح فكرتي جيداً. إننا نحتاج إلى المعارضة النقدية لأنها تجعلنا متأهبين، متحفزين، متيقظين. لكننا لا نريد أن نراها في أسواق مدننا العظيمة أو شوارعها وميادينها. لا نريد أن نراها في أيّ مؤسسة من مؤسساتنا العظيمة. نكون في غاية السعادة إذا ظلت في البيت، وهذا يعني أننا نستطيع أن نمدّ رؤوسنا في أي وقت نشاء ونقرأ ما يقبع تحت السرير، ونناقشه مع الكاتب، نربت على رأسه، نصافحه، وربما نركله ركلة بسيطة على مؤخرته، أو على خصيتيه، ونضرم النار في المكان كلّه. وبهذه الطريقة نحمي مجتمعنا لكي لا تنتشر العدوى. لكن الطبع، هناك دائماً غرفة الاعتراف، الانسحاب، والتوبة.

الصحفي: إذن أنت ترى أن دورك كوزير للثقافة حيوي ومثمر؟

الوزير: مثمر للغاية. إننا نؤمن بطيبة جاك* الفطرية وطيبة جيل الفطرية. هذا ما نريد حمايته. نريد أن نحمي الطيبة الأساسية في جاك العادي وجيل العادية. إننا نفهم ذلك على أنه التزام أخلاقي. إننا عازمون على حمايتهم من الفساد والتخريب بكلّ ما لدينا من وسائل.

الصحفي: سعادة الوزير، أشكرك على كلماتك الصريحة.

الوزير: هذا من دواعي سروري. هل أستطيع أن أقول لك شيئاً آخر؟

الصحفي: أرجوك تفضل. نعم أرجوك. نعم!

الوزير: حسب فلسفتنا… المفقود موجود. شكراً لك!

تصفيق. الوزير يلوّح بيده ويخرج.

تطفأ الأنوار.

(* جاك وجيل: أنشودة مقفاة للأطفال)

(مترجم سوري، نيويورك. عن موقع “كيكا”)

المحرر(ة): مدير الموقع

شارك(ي)

أرسل(ي) تعقيبًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>