نصّ ثوريّ
إنهم يجنون ثمار الفكر الحرّ ومعاركهم السابقة. ونحن؟ أنا؟.. تفصلنا عن كندا بضع ساعات بالطائرة.. وبضعة قرون!
نصّ ثوريّ
|كويروس|
منذ بضعة أيام وأنا أفكر في كتابة نص؛ لقد أصبحت الكتابة جزءًا مهمًا من نضالنا كمثليين، ويحضرني هنا قول فولتير: “من حمل قلمًا فقد أشعل حربًا”. ولكن فجأة، ولسبب غير واضح، أصيبت هذه الرغبة الثورية بانتكاسة حادّة.
مرّت في رأسي مواقف متراكمة منذ أسبوعين، لا يعقل كم مرة دخلت في نقاشات حول حرية الفرد في الحياة والاختلاف، وكم مرة وصلت هذه النقاشات إلى مشادات كلامية بيني وبين جنود الإله على الأرض. ولا يعقل كم مرة تحاشيت نظرات الشباب والشابات العرب كلما رددت على هاتفي الخلوي وصادف أن تكون المتصلة صديقة عزيزة، فأبادرها بسلام “مثلي” جدًا، فتفترسني النظرات، وأحيانًا الضحكات الصغيرة المستهزئة. ولا يعقل كم أنّ هذا الصراع الصامت يتخذ أشكالاً مختلفة باختلاف المكان والأشخاص والموقف؛ لقد كان هذا الواقع السيء دومًا بمثابة حافز ووقود تدفعني للتمسك بمواقفي وأسلوب حياتي الذي أحب. ولكن شيئًا ما حدث حين جلست أحدق في الورقة البيضاء.
في الأمس تحدثت مع صديق كندي من أصول عربية. سألته فيما سألته عن الحركات المثلية الكندية وطبيعة عملها، تحدثَ عن كل شيء إلا عمّا أسميه بالمعركة. لا معارك هناك، إنهم يجنون ثمار الفكر الحرّ ومعاركهم السابقة. ونحن؟ أنا؟.. تفصلنا عن كندا بضع ساعات بالطائرة.. وبضعة قرون!
ألا يمكنني أن أعيش حياة طبيعية لا حربًا؟
ألا يمكنني أن أسترخي تمامًا من دون أن تراودني جميع النظريات الفلسفية لمحاولة فهم هذا المجتمع المريض؟
ألا يمكنني أن أحب رجلاً من دون معارك؟
ألا يمكنني أن أُسقِط تعريف “مثلي” من هويتي وأعيش من دون أن يذكرني كل شيء بهذه الجزئية؟
ألا يمكنني أن أكون أنانيًا جدًا وأتحدث عن نفسي بصيغة المفرد تاركًا النضالات الجماعية المثيرة؟
ألا يمكنني أن أكتب نصًا لا تفوح منه رائحة البارود؟
لم أكتب نصًا ثوريًا، إن كل ما أحتاج إليه هو جاكوزي!