صغيرة بس دايما كبيرة
قررت إذا هني ما خافوا من الموت وكانوا يحاربوا عشان الأرض، أنا راح أحارب
صغيرة بس دايما كبيرة
|بقلم: DI|
من زمان بتذكر لمن كنت أحلم حلم مش حلو كنت أفيق وألاقي إمي حدي… كانت تقعد حدي، أسألها أسئلة لحديت مَأتعب وأرجع أنام! دايما كان عندي كتير أسئلة ودايما كان عندي كتير أحلام “بتخوف”. كنت أحب أحضر أفلام رعب مع أخوتي.. مكنتش أخاف، بس شكلو كانت تعلق الأفكار بعقلي جوّا وتطلع تتجول بس لمن أكون تعباني وخارجة عن السيطرة نوعا ما.
بتذكر هديك الليلة فقت ولقيتها حدي. ريحتها كانت تكفينيي، بس أشمها أرتاح؛ كنت كتيرأحبها. بتذكر بوقتها سألتها:
“ماما قرب عيد البابا؟ّ”
قالتلي:
“مزبوط يا إمي قرب.. بصير عمره 52″.
قلتلها:
“شو يعني؟ يعني قرّب يموت البابا؟ّ”
إشتبك حاجباها ببعض وطلت من عينيها نظرة حزينة. إتطلعت فيي وقالتلي:
“بعيد الشر، أبوكي بعدو شاب!”
بوقتها كان عمري 6 سنين، اليوم صرت 20 وأبوي.. أبوي بعدو شاب!
اليوم بعدني بحلم.. دايما عندي أحلام، منها حلوة ومنها بتخوف. بس اليوم بس أحلم حلم مش حلو بفيق وبلاقي حالي لحالي. بتطلع بسقف الغرفة وبلاقيه فاضي فيوش ولا نجمة ولا أيا قاضي! لحالي مع أسئلتي… لحالي مع مشكلتي… وكل هاد عشان صرت كبيرة.. بس ليش؟! ليش هو بعدو شاب وأنا.. أنا بطلت صغيرة؟ ليش أنا كل يوم قضيّتي بتكبر وأنا معها بكبر.. و”بالغرفة” بضلني علشاني خايفي من الحكَام تتظلمني! وأمي وأبوي بعاد.. نعم بعاد وأنا بحاجة لإلهن يضلهن قراب! شوي قراب!
بجيل 16 بُستها.. قربت عليها وبُستها. مفكرتش كتير بس حسيت… هاي واحدة من الشغلات اللي منقدر نسمح لحالنا نعملها بس بجيل 16.. مسموحة بس لما النضوج بعده مش جاي.. بس لما الطفولة رمتنا بعيد عن أحضان أهالينا وجبرتنا نوقف ونواجه شو الدنيا عندها تحكيلنا! بعد ما بستها تذكرت. رجعت خطوة لوَرا وفكرت. عشان أنا ولا مرّه عنجد كنت 16.. عشان أنا.. ولا مرة سمحت لحالي أزور السّما.. كل مرة كنت أجرب كنت دغري أتذكر أديش كبيرة أنا وأديش عيب اللي عم بعملوا.. وأديش مش ملائم اللي اخترته، وأديش غلط مين أنا!
بس هيي بوقتها كانت 15، هييي كانت عنجد 15.. نيالها.. أديش كان بدي أكون 15. قرّبَتْ علي اتطلعت بعيوني ضحكتلي ضحكة بتجنن ورجعوا شفافها عانقوا شفافي بدون تفكير زي كأنه فش حدا حوالينا. بكل جرأه وبدون خوف حسينا! نعم حسينا! وأنا.. أنا وقعت.. بعرفش وين وقعت.. اللي بعرفوا اني وقعت وأمي مكنتش حدي تتوعيني من هاد الحلم اللي كان مخوفني كتير.. اللي كان مسيطر على كل كتاباتي.. على كل ساعاتي.. وعلى كل دفتر مذكراتي. وأبوي كان بعدو هناك.. كان بعدو شاب.
هيك أهالينا، إحنا منكبر وهني بضلهن هناك، مع ولادهن الصغار.. المشاكل بتكبر والأحلام اللي بتخوّف بتزيد وهني من شي سبب ما بعودوا يقدروا يواجهوها. وبصيروا يرددولنا: “صرتوا ناضجين! بطلتوا صغار!” هيك بخلق فراغ كبير بين أهالينا وبيننا. إحنا الأولاد الكبار!
بوقتها بلشت الحرب بين لبنان وإسرائيل.. بلشت حرب على الأرض.. للحظة فكرت انو ممكن تكون هاي الحرب أهم من الحرب الموجودة بداخلي. للحظة تخليت عن حبي وتركت كل إشي بحسّوا.. عشان خفت أكون مثلية.. عشان خوفي إني عربية بدولة يهودية كان للحظة أكبر وأهم من إني أعيش مين أنا بحرية.
وقتها كانت أختي لازم تخلف، وخلفت. خلفت بدون أي تأخير. وساعتها فهمت انو الحياة هيي لعبة غير قابلة للتأجيل، وإنها بتكمل.. بتكمل لو شو ما صار.
بتكمل حتى لو كان الدرب مليان حجار.
وقررت.. قررت إذا هني ما خافوا من الموت وكانوا يحاربوا عشان الأرض، كانوا يحاربوا عشان التراب والشجر، كانوا يحاربوا من أجل كل حجر، يحاربوا بإسم التاريخ.. أنا راح أحارب؛ راح أحارب عشان حريتنا، راح أحارب عشان صوتنا ومثليتنا، راح أحارب عشان المساواة، راح أحارب باسمي، وباسم نسويتنا!
اليوم مستعدي أتخلى عن مساندة أبوي بس عشان يضلوا شاب.
اليوم بعرف انو أنا ولا مرة بطلت صغيرة وانو دايما بدي اكبر.. أكبر أكتر وأكتر ليجي اليوم اللي أوعى فيو من الحلم واتطلع بالسقف وأشوفوا مليان نجوم. وخلال أكمّن ثانية أرجع أنام كأنه ولا شي كان ولا شي راح يكون، عشان كل اشي بكمل.
اليوم بعرف إنو حبي لصبية في إلو شرعية.. وهداك الحلم اللي كان مخوّفني كتير بطل يخوفني اليوم. اليوم فخورة بمين أنا؛ فخورة مع إني بعرفش إذا أنا إسرائيلية أم فلسطينة! فخورة مع إني بعرفش إذا أنا كاتبة أم محامية! فخورة مع إني بعرفش شو بتعنيلي الهوية. فخورة.. فخورة بالأنوثة اللي فيي. فخورة بالصبية وبالطفلة الأبدية. فخورة بال 20 سنة الي بكوَنوا حياتي مع كل غلطاتي وكمان انتصاراتي. اليوم بسمح لحالي أزور السما.. بسمح لحالي أكون مين أنا…
إمرأة.. عربية.. نسوية.. أبدًا ودائمًا: الإمرأة الفولاذية!
(أصوات- نساء فلسطينيات مثليات www.asawtgroup.org)
31 أكتوبر 2010
ما كتبها غير علاء حليحل
29 سبتمبر 2010
عزيزتي رنا،
ما هي معالم او مميزات النص الجيد والنص ال”ليس جيد” بحسب رأيك؟ حسب رايي قوة النص تكون بالاماكن التي يأخذ القارءة اليها… وبحسب رايي استطاع هذا النص ان يطرح مواضيع طالما نتسائل حولها فيما يتعلق بعلاقتنا باهالينا ومسؤولياتنا نحو تغيير واقعنا وآمالنا نحو مستقبل افضل نستطيع أن نعيش به بحريّة.
23 سبتمبر 2010
حضرة الكاتبة
المقالة ممتازة
نترقب المزيد
22 سبتمبر 2010
لا تستعجلي النشر. هذا النص ليس جيدا, لا اريد ان اقول سيء, لكنه ليس بالجيد. حتى لو كان المضمون لا بأس به, وكلام منطقي, الا انه يجب عليك ان لا تستعجلي النشر.