على ماذا نراهن وكيف؟/ نائل بلعاوي
|نائل بلعاوي| أزمة تلو أخرى… كارثة هنا وكارثة هنا […]
على ماذا نراهن وكيف؟/ نائل بلعاوي
|نائل بلعاوي|
أزمة تلو أخرى… كارثة هنا وكارثة هناك: على هذا الصعيد وذاك. أفق مسدود تمامًا: لا تفتح ابوابه الافكار والخطوات والجري الحثيث خلف ما تأتي به الأيام وما تجود به الدول الكبيرة والصغيرة وأنواع المنظمات الدولية وهيئات الإغاثة والتضامن. فالحقيقة أكثر صرامة وعنفاَ مما نظنّ، وأكثر تعقيدًا من الأفكار والخطوات والنوايا الطيبة. والقضية أكبر بكثير من دوافع اختصارها في أزمة مالية تمرّ بها السلطة الفلسطينية (مرّت وتمر بها على الدوام)، أو تحديدها في الفشل الذريع (فشل دائم ومقرّر سلفاَ) الذي وصلت اليه مشاريع السلام مع المحتل. كما أن القضية أكبر بما لا يقاس من الاقتراحات السياسية والانقلابية لحماس، وأكبر من الخلافات المريرة لفتح، او تلك الخلافات والاوهام العقائدية لمنظمات اليسار الفلسطيني: تلك المنظمات التي انتهى بها الحال إلى معسكر واحد مع الطغاة وفقهاء الظلام.
القضية اكبر من كل ما ذكر وأكثر تعقيدا مما يمكن ذكره وتحليله، لا لأنها لا تُفسر أو تُحلل، ولا لتحكم قوة اسطورية وغير مرئية بها… فالقوة مرئية جيداَ ومحددة الاسم والصفات وليست اسطورية ابداَ: إنها قوة الاحتلال ومن يسانده. كما أنّ تعقيدات القضية ودروب الفشل التي مرت بها قابلة هي الاخرى للتحليل والتفسير واكتشاف ما خفي من الأسرار والأسباب التي اجتمعت وقادت لما نبكي عليه اليوم من أحوال ومصائب فلسطينية، ولعل حزمة الرهانات الخاسرة التي قبض الفلسطينيون -منذ العام 1948 والى اليوم- على جمرها واحترقوا به، لعلها الواقف الفعلي خلف هذا الدمار الكلي اللعين.
راهن الفلسطينيون على كل ما يمكن للضحية أن تراهن عليه: عرب الجوار ودعمهم المُنتظر؛ عرب المحيط والخليج وما عليهم فعله؛ منظمات الإغاثة الدولية العاملة تحت سقف حقوق الانسان؛ الدول التي تُسمى صديقة وما هي بصديقة؛ الأمم المتحدة وتوصياتها التي لم تُنفذ؛ القوة الذاتية التي تم تضخيمها ثقافيا وإعلامياَ؛ وغير ذلك من رهانات عجيبة سوف تصب جميعها في رهان واحد وخاسر لا محالة: رهان السلام الذي لا يمكن لمنطق الاحتلال وبنيته المتسلطة ان تقبلاه او تعملا على تحقيقه.
راهن الفلسطينيون وخسروا، فقد قاد الرهان الاول على دعم الانظمة العربية (قمعية الجوهر بالمجمل)، إلى سقوط القضية الفلسطينية في فخ الحسابات الذاتية لتلك الانظمة المشغولة بدعم أسباب استمرارها في الحكم وليس الوقوف إلى جانب الشعب الذي فقد مكونات حياته بالكامل، لتكون نتائج ذلك الرهان كارثية بالمطلق: بقاء الانظمة في سدد حكمها (فوق رقاب شعوبها) وتحت شعارات تستفيد من القضية الفلسطينية ولا تفيدها. وتدخل تلك الانظمة السافر في التفاصيل الفلسطينية واللعب بأوراقها الى جانب استهدافها بشكل متواصل وتعقيد مساراتها.
فشل الرهان الفلسطيني على الانظمة العربية الحاكمة؛ كان لا بد له من الفشل، اذ لا يمكن الرهان على انظمة شمولية غير معنية بمصالح شعوبها اصلاَ، فما بالك بدعم قضية لشعب مجاور؟ كما فشل الرهان على الدول التي نسميها صديقة (مشغولة هي الأخرى بمصالحها التي تلتقي مع وجود الاحتلال وليس مع افكار العدالة الغائبة)! وكان الرهان على الامم المتحدة بلا جدوى هو الآخر، فالمنظمة الدولية لا تملك من امرها شيئاَ، هي لا تحل ولا تربط بدقيق العبارة. أما القوة الذاتية التي راهن الفلسطينيون طويلا عليها فقد تم اغتيالها بانتظام وتخطيط سوف يقودان معا لظهور حالة بائسة من التشرذم السياسي والفكري (تشكل حماس اليوم أعلى صوره بلا شك).
من رهان خاسر إلى رهان خاسر.. من فشل إلى فشل تعبر القضية الفلسطينية: لا ضوء في نهاية النفق ولا نهايات سعيدة في الجوار، كل ما يدور من حولها اليوم لا يبشر بقرب حياة جديدة وكريمة، لا يُبشر بسطوع نجم الحرية المشتهاة وزوال شبح الاحتلال. تلك هي الحقيقة. قد تبدو محبطة، كئيبة ، يائسة، ولكنها الحقيقة، وما علينا -لإدراك معانيها- سوى النظر من حولنا وقراءة يوميات القضية في الاراضي المحتلة وغزة ودول الشتات، لنعرف حينها أنّ الحال بلا أفق مرئي أو منتظر… لنعرف أنّ شيئا ما (فجائي الوقع ربما) لا بدّ وأن يحدث، ليعيد الأمور إلى نصابها.. إلى منطقها البسيط، حيث يمكن للفلسطينيّ أن يعيد ترتيب أوراقه، ويكون له ما يمكن الرهان غداَ عليه.
5 أبريل 2012
المشكلة كانت ولا تزال قوة الصهاينة داخل السياسة الامريكية، وتحكمهم بكل الرؤساء الامريكان منذ النكبة وحتى اليوم. الفلسطينيون هنا ضعفاء، نحاول الرهانات ولا ننجح. ما دام الامريكي يخضع لرأس المال القوي وللشركات الصهيونية ولأهوائ المجموعات الدينية الانجلو سكسونية التي تؤمن بتفوق العرق اليهودي، حسب نبوءات العهد القديم، فسيصعب كسب النضال.
الا اذا توحد العرب معا، قولا وفعلا. وانطر يا جديش تيطلع الحشيش.
ليكن نضالنا التشبت والتواصل مع هذه الارض، حتى يوما فعلا “يطلع الحشيش”…