أقرب من “الجزيرة” وأبعد من تفاحات نيوتن!/ مرزوق الحلبي
يكفي أن نقرأ سيرة حياة نزار قباني وأدونيس والماغوط وميشيل كيلو وصبحي حديدي ورياض سيف وهيثم مناع وهيثم المالح ونزار نيوف لنعرف!
أقرب من “الجزيرة” وأبعد من تفاحات نيوتن!/ مرزوق الحلبي
|مرزوق الحلبي|
كأنه لم يكن عالم قبل “الجزيرة” و”العربية”. كأنه لم تكن سياسة ووقائع سياسية! كأنه لم تكن مجتمعات وأنظمة! كأنه لم يكن بمقدورنا أن نتخذ موقفا أو نُصدر حكما! كأنه لا توجد معرفة خارج نطاق الفضائية أو الشاشة ولا رغبة فطرية بالمعرفة لدى الإنسان. لا يُمكن للوجود أن يكون “خارج الفريم”، فلا نحن نحن ولا الدنيا دنيا إلا إذا تحوّلنا معها إلى آيتمات في نشرة “الجزيرة” و”العربية” وسواهما. هذا ما يُمكن أن نستدلّه من إيميلات طائشة تصيب بريدنا من حين لحين أو ادعاءات خائبة غير عقلانية البتة في إطار توصيف الحاصل في سورية. وهو ما يؤشّر على تحوّل الإنسان العصري -والعصري هنا تسمية زمنية وليست قِيَمية- إلى إنسان “ميديوي” أو إعلامي بامتياز. ينوجد بالإعلام أو لا ينوجد، يحضر داخل “الفريم” أو ينعدم خارجه! وهناك مَن يريد لنا أن نستكين لهذا المآل المتخيّل وأن نضرب سلامًا أو نخرّ ساجدين كما في أنظمة الانصياع والامتثال المطلق لمجرّد أنهم أرسلوا لنا صورة أو مقطعًا أو خرافة تعزز رواية نظام الأسد وشبيحته وبكّاءاته هنا!
منذ عقود خمسة في أقلّ تقدير ونحن نعرف ما يحصل لسورية من أفواه وأقلام مثقفيها ومبدعيها وكتابها وناسها وفنهم وإبداعهم. ونعرفه من شهادات سوريين في منافيهم. ونعرفه من مثالب النظام وممارساته في أزقة المدن والرّيف وما يتركه منذ عقود في نفوس السوريين وأجسادهم. نعرفه من المعتقلات التي صارت أكثر من المدارس ومن التيار الكهربائي الذي يكوي أجساد السجناء السياسيين وأقفيتهم قبل أن يصل الضِيَع. نعرف كم وطنيا أصليا قبع في السجن لمجرّد فكرة أو جملة اعتبرها النظام “إضعافا للشعور القومي”! نعرف ما يحصل في سورية من تراكم هائل لمعطيات وشهادات تنغّص عيشنا من سنين طويلة قبل الوفرة الإعلامية وخداعها.
لم نكن بحاجة لوسائل إعلام عصرية لنكتشف سورية ومأزقها. لنعرف أن آلافا من السوريين دخلوا السجون ولم يخرجوا منها، وأن الشعب السوري في غالبيته عاش مقطوع اللسان بسبب من القمع والقهر. لم نكن بحاجة إلى إعلام عصري وفضائيات لنصدّق شهادات شيوعيين ويساريين ووطنيين سوريين ألقت عليهم المنافي أمانها عوضا عن ظلم “الوطن” وسياطه وظلام زنازينه. تلقاهم في باريس وبرلين وفي مونتريال وتعجّ بهم فنزويلا والبرازيل- وكانت عجّت بهم وبرواياتهم المنهكة للروح العواصم الاشتراكية سابقا. لم نكن بحاجة إلى العربية ولا الجزيرة حتى نعرف كيف حاصر النظام السوري أكراده ومارس ضدهم العزل المكاني وحرمهم من الجنسية ومن الممتلكات والأرض لصالح مشاريع توطين سواهم من مجموعات موالية للنظام! لم نكن بحاجة لفضائيات لنكتشف أنّ النظام فاسد من رأسه حتى أخمص قدميه، وأنه يستأثر ورجالاته بخيرات البلد ومكوسها وجماركها عبر ممارسة الخاوة والرشوة والسطو والمافيا. هل ينبغي أن تتكرّر مجازر حماة في كل مدينة وريف لنقنع بأنها حصلت وأبقت ندبة عميقة في كيان المجتمع السوري والعربي؟
ألم تكن كل هذه المعلومات وأكثر معروفة لنا جميعًا من دون استثناء؟ ألم نتحدث فيها ونتضامن مع ضحاياها ونتحسّر لوجودها؟ يكفي أن تقرأ كتاب مصطفى خليفة “القوقعة” لتعرف! ويكفي أن تقرأ محمد الماغوط لتستدلّ! ويكفي أن تشاهد “كاسك يا وطن” أو “غربة” و”ضيعة تشرين” لتستقرّ على حقائق ووقائع. يكفي أن نقرأ سيرة حياة نزار قباني وأدونيس والماغوط وميشيل كيلو وصبحي حديدي ورياض سيف وهيثم مناع وهيثم المالح ونزار نيوف لنعرف!
نعرف ما خلّفه النظام السوري في لبنان من خراب وضحايا في أقبية عنجر واغتيالات في وضح النهار وتجبّر ودوس للحقوق والكرامات ومصادرة روح بلد عربي جار! ونعرف عن آلاف اللبنانيين الذي اختفوا في غياهب صحاري هذا النظام ومجاهيله. ونعرف كيف اغتال كمال جنبلاط ودكّ تل الزعتر ولاحق القيادة الفلسطينية في نهر البارد والبداوي محاولا الاستيلاء بالقوة على قرارها وتطلعها وقضيتها! لم يكن صعبا معرفة الداخل السوري من وضع الفلسطينيين هناك!
لم نكن بحاجة لأكثر من وقفة صدق لنعرف كل هذا قبل “الجزيرة” وبعدها، قبل العربية ورغما عنها، قبل الدعاية السورية وقفزا عمّا هو مستفزّ في مضامينها ومفرداتها! لم نكن بحاجة لأكثر من الرغبة في المعرفة لندرك أن الثورة الشعبية الآن هي محصّلة عقود من قهر الإنسان وانتهاك حقوقه وكرامته، وأنها تجربة إنسانية إضافة إلى كونها سورية حصل قبلها في مواقع أخرى وسيحصل بعدها حيث يتمادى الطغيان ويتمدد. لم نكن بحاجة لأكثر من ذرة استقامة لنقف موقفا واضحا مع الشعب السوري في وجه كل هذا وفي وجه تشويه نضاله وثورته وكفاحه وتضحياته بأحاديث نظام ما صدق يوما من قبل. لكن بيننا، في الحارة وفي الصحيفة والشارع المقابل والعيادة وقسم “باء” من المستشفى وعلى الطاولة المجاورة في حفلة عرس أو مقهى مَن اختاروا ألا يعرفوا كلّ هذا. ولهم في خيارهم هذا استراتيجيات وتكنولوجيا وتبريرات صارت ممجوجة تماما لبؤسها، ولكنها تغلّث على المنافس.
تدلّنا إلى أي منغلق ومنزلق يُمكن أن يصل الإنسان “العاقل”، الطبيب والمدرّس والقائد الحزبي والكاتب والناشطة النسوية والعامل المتقاعد! هو الإنسان يعرف ويحرف!
يسقط الحجر بحكم قانون الجاذبية ويسقط الإنسان بخيار منه! يسقط المنافحون عن النظام السوري بكامل “قواهم” و”وعيهم” بمواقف صارت تهين العقل وتحزّ في الروح. إنه خيارهم أن يناقشونا في سورية ونزف أهلها وطغيان جنرالاتها من خلال ما تنشره الفضائيات أو لا تنشره! لقد تنازلوا بمحض إرادتهم عن حقّ المعرفة خارج الفريم والدوغما، خارج العُقد والقوالب الإيديولوجية لتبرير موقفهم المُعيب من مجازر يقترفها النظام بحق ثورة عادلة وشعب خرج يطالب بكرامته وحلمه!
أن تعرف هو واجب أخلاقي أحيانا وليس نزعة فطرية فحسب. أن تقصد ألا تعرف أو “أن تعرف وتحرف” هو ممارسة أخلاقية لكن باتجاه سقوط تفاحات نيوتن وأبعد!
3 أكتوبر 2011
كل عمرك يا هيام ضد السلفيين شو عدا ما بدا ؟؟اسا صرتي تدافعي عنهن؟؟؟
مالك ومال مصابنا شو مصابك انت ؟؟
اسم الله عليكي شو منفتحة انت …و مجساتك للمعلومات هيك شو لاقطة الحقيقة والمنطق اشي غير شكل!!
فلفستك بتنفعش وين ما كان ومع مين ما كان!
13 سبتمبر 2011
لا فض فوك, فشة خلق عن جد, وكأن لا دماء تهراق على مذبح الحرية, وكأن الشهداء يهبطون في الساحات من المريخ, وكأن السجون تغص بمخلوقات لا تمت لسوريا بصلة, مؤامرة وسلفيين وارهابيين وهذا هو ,يصاب من لا يريدون المعرفة بالرهاب ويفقدون مجساتهم للمعلومات والمنطق.
10 سبتمبر 2011
قال النبي الكريم: “سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة.”
عاشت سوريا الاسد.