لبنان: تغييرات شكلية على تشغيل الفلسطينيّين واستمرار منع التملك
تباينات لبنانية في الصحافة هذا الصباح (الخميس): “الأخبار” ترى في التعديلات القانونية بخصوص اللاجئين الفلسطينيين “فأل خير” عليهم، بينما اعتبرتها “السفير” ذرًا للرماد في العيون!
لبنان: تغييرات شكلية على تشغيل الفلسطينيّين واستمرار منع التملك
فاصل
|خدمة إخبارية|
أقرّ مجلس النواب اللبناني، أمس الأربعاء، اقتراحات قوانين لإقرار الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين، تقدم بها النائب وليد جنبلاط.
وكتبت صحيفة “الأخبار” هذا الصباح: “كانت “الثالثة ثابتة” مع النواب اللبنانيين. استطاعوا أخيراً، في الجلسة التشريعية الثالثة، الاتفاق على إقرار اقتراحين من أصل أربعة مقدمة من كتلة اللقاء الديمقراطي لإقرار الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين. هكذا، تمكن النواب في جلستهم التشريعية، أمس الأربعاء، من الانتهاء من ثلاثة من أصل أربعة مشاريع قوانين، بعدما كانوا قد أنهوا في الجلسة التشريعية السابقة مشروع قانون متعلق بالسماح للفلسطيني بالتقاضي أمام مجلس العمل التحكيمي.”
وفي المقابل، كتبت صحيفة “السفير” اللبنانية صباح اليوم الخميس أنّ “ما أقرّ للفلسطينيين بالنسبة إلى حق العمل لم يكن عمليا سوى ذرّ للرماد في العيون، ولم يتعدَّ حدود التمويه اللفظي الذي يعكس التوازنات اللبنانية الممجوجة، من دون أن يلبي المتطلبات الفعلية والمُلحّة للاجئين”.
أهم الانتقادات على التشريعات:
- الإبقاء على التمييز في التملك
- إبقاء الأجير الفلسطيني رهن مزاجية وزير العمل
- فلسطينيون: تغييرات شكلية
وأضافت “السفير”: لقد خضع هذا الملف، كما غيره، لـ “قواعد الاشتباك” الداخلية التي تفرض في العادة توافقات وتسويات غالبا ما تلحق الغبن بالذين يُفترض ان تنصفهم. وهكذا فإن “الضرورات” أفضت الى امتصاص اندفاعة المتحمسين للحقوق المدنية والانسانية ونجحت في تجويفها من مضامينها الحقيقية واختزالها ببعض الفتات الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وبالتالي فإن شيئا جوهريا لن يتغير في الواقع المرّ الذي يرزح تحت وطأته اللاجئون منذ عقود، وأغلب الظن أنّ معظم هؤلاء لن يشعروا صباح اليوم أو غد أو بعده بأنّ تبدلا قد طرأ على حياتهم. وحقيقة الأمر أنّ حق التملك بقي خارج البحث، وأنّ هوامش العمل أمام اللاجئ الفلسطيني ظلت ضيقة، وأنّ التقديمات التي منحت له هي في الأساس جزء من المترتبات او الواجبات المستحقة على رب العمل في علاقته مع الأجير، سواء في ما يتصل منها بتعويض نهاية الخدمة او طوارئ العمل.
كما ان التقطير او التقنين في منح الحقوق يتعارض مع حقيقة ان الحقوق الانسانية والاجتماعية هي كل لا يتجزأ، لكونها في طبيعتها متكاملة ومتصلة ببعضها البعض، وأي تجزئة لها ستؤثرعلى فعاليتها ومفاعيلها.”
وقد التقت اوساط فلسطينية حقوقية عدة على التأكيد لـ«السفير» ان ما تحقق شكلي ولا يلامس جوهر المعاناة التي تواجه الفلسطينيين، مشيرة الى ان اللاجئ المقيم في لبنان ما زال في حصيلة الامر «كائنا ملتبسا»، فلا هو ُيعطى حقوق اللاجئ المنصوص عليها في القوانين الدولية، ولا يُمنح حقوق الأجنبي المنصوص عليها في القوانين اللبنانية. واستغربت الابقاء على إجازة العمل التي تعني ان اللاجئ سيبقى أسير مزاجية وزير العمل واستنسابيته في منحها او حجبها، تبعا لميوله وأهوائه السياسية.
وقال النائب وليد جنبلاط لـ “السفير” إنّ ما أقرّه مجلس النواب للفلسطينيين يشكل خطوة متواضعة في طريق الألف ميل، لكن لم يكن ممكنا أفضل مما كان في ظل الجو الداخلي المشحون، شاكرا الرئيس نبيه ببري على إصراره على اعتماد مبدأ التوافق في معالجة هذا الملف. وأكد جنبلاط انه سيواصل السعي والضغط لإقرار بقية الحقوق مهما كانت الطريق طويلة ووعرة.
ومن جانبه، كتب رئيس تحرير “الأخبار” خالد صاغية: “أقرّ لبنان، أمس، إعطاء بعض الحقوق للفلسطينيّين المقيمين على أرضه. هي حقوق منقوصة من دون شك. لكنّ مجرّد إقرارها يمثّل خطوة إلى الأمام، بانتظار جولات جديدة. فالمهمّ في الأمر أنّ ثمّة محرّماً قد كُسِر. ولا بدّ أنّ المتمسّكين سابقاً برفض أيّ نقاش في موضوع الحقوق المدنيّة للفلسطينيّين، قد انتبهوا إلى أنّ الأرض لم تزلزَل تحت أقدام أحد يوم أمس، وأنّه ما من وحش يدعى التوطين اقتحم أبواب المجلس النيابي، وأنّ فلسطينيّي لبنان ما زالوا متعلّقين بحقّهم الأساسي، وهو حق العودة إلى فلسطين. وبالمناسبة، لا يزال “العيش المشترك” على حاله أيضاً.”
وكتبت “الأخبار” في معالجة تفصيلية للعملية الطويلة لهذا التشريع: “هنا، لا بد من العودة بالذاكرة قليلاً إلى لحظة طرح هذه القوانين في المجلس النيابي. ففي الجلسة التشريعية الأولى، عند طرح القوانين الأربعة للمرة الأولى، انقسم المجلس عمودياً بين مؤيد ومعارض لتلك الاقتراحات التي قدمت حينها بصيغة “معجل مكرر”. أُجِّل التصويت عليها إلى جلسة أخرى، على أن تُحال على لجنة الإدارة والعدل، بشرط ألّا تموت في أدراج اللجنة، وأن يُعاد طرحها مجدداً بعد شهر في الجلسة التشريعية الثانية. في الجلسة الثانية، رأى النواب أنهم أحرزوا تقدماً، وخصوصاً بعدما وجدوا أنّ أحد هذه الاقتراحات، المتعلق بالسماح للفلسطيني بالتقاضي في حال نشوب خلاف مع رب العمل أمام مجالس العمل التحكيمية، لا يحتاج إلى إقرار. لماذا؟ لأنه ببساطة، بإمكان العامل الفلسطيني الشرعي أن يتقاضى أمام تلك المجالس من دون الحاجة إلى القوانين التي تنظم هذا الشقّ، لذلك أسقط هذا الاقتراح من الاقتراحات الأربعة لأنه مطبّق في الواقع، وليس بحاجة إلى قانون خاص لتنظيمه. هكذا، مثّل إنجاز الجلسة الثانية حافزاً للنواب للمضي قدماً في هذه الاقتراحات، مؤجلين الاقتراح الرابع المتعلق بحق التملك إلى حين تقديم تكتل التغيير والإصلاح مشروعه المتعلق بتملك الأجانب ككلّ، فقرروا تأجيل باقي الاقتراحات لمدة شهر آخر، أي إلى جلسة يوم أمس، وذلك لكي تحظى هذه الاقتراحات بدراسة أدقّ وبإجماع النواب كي لا يجري “سلقها” كما قال حينها بعض النواب.
“هكذا، بعد دراسة دامت شهرين في لجنة الإدارة والعدل، أقرّ النواب أمس اقتراحين سيبدأ العمل بهما فور نشرهما في الجريدة الرسمية. لكن إقرار هذين المشروعين لم يكن بالطبع بالسهولة المذكورة. إذ سبقتهما، على مدى الشهرين الماضيين، سجالات حادة بين النواب المختلفين على موضوع الحقوق المدنية للفلسطينيين. كانت تصريحات معظم النواب مع إقرار هذه الحقوق، لكن بالصيغة التي يرونها الأفضل لتوجّهاتهم السياسية. هناك من رأى أنه لا يجب أن تُعدّ هذه الحقوق توطيناً مبطناً، وهناك من أراد أن تكون هذه القوانين ميثاقية وأن يُصوَّت عليها بإجماع الثلثين، وهناك من تخوف من أن يكون إقرار هذه القوانين باباً لعدم تمسك الفلسطيني بحقه في العودة إلى دياره.”
كانت تصريحات معظم النواب مع إقرار هذه الحقوق، لكن بالصيغة التي يرونها الأفضل لتوجّهاتهم السياسية. هناك من رأى أنه لا يجب أن تُعدّ هذه الحقوق توطيناً مبطناً، وهناك من أراد أن تكون هذه القوانين ميثاقية وأن يُصوَّت عليها بإجماع الثلثين، وهناك من تخوف من أن يكون إقرار هذه القوانين باباً لعدم تمسك الفلسطيني بحقه في العودة إلى دياره
وتابعت “الأخبار”: “ومع ذلك، لا أحد يمكنه أن ينكر أنّ للنواب اللبنانيين، في جلسة 17 آب، المبادرة الجيدة التي اتخذوها تجاه اللاجئين؛ فقد صدّقوا أمس على اقتراح القانون الرامي إلى تعديل المادة الـ59 من قانون العمل اللبناني بعدما عُدِّل في لجنة الإدارة والعدل ليصبح على الشكل الآتي: “يتمتع الأُجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون شرط المعاملة بالمثل، ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل. يستثنى حصراً الأُجراء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقاً للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات -مديرية الشؤون السياسية واللاجئين- من شرط المعاملة بالمثل ورسم إجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل”.”
وبعيداً عن اللغة القانونية الجافة، ما يرمي إليه هذا القانون هو السماح للفلسطيني بمزاولة جميع المهن، إلا تلك المحصورة بالمهن الحرة، وأن تُلغى الرسوم المستحقة لاستصدار إجازة عمل. هذا يعني عملياً أنّ ما قام به النواب، مشكورين عليه، هو إلغاء دفع 450 ألف ليرة، هو رسم إجازة العمل. لكن العائق الأساسي الذي كان وسيبقى أمام الفلسطيني ليس كلفة الرسوم، بل إيجاد كفيل، رب عمل، ليسهّل له استصدار هذه الإجازة. وعند السؤال عن الأجير المُياوم الفلسطيني الذي يعمل في مهن ليست بحاجة إلى ربّ عمل، مثل سائق عمومي أو عامل بناء، فهل هؤلاء بحاجة إلى كفيل لاستصدار إجازة عمل؟ يجيب وزير العمل بطرس حرب، خلال جلسة أمس، بأنه سيتخذ “تدابير وإجراءات إدارية لتسهيل الحصول على إجازات العمل وأنه سيمنح الحرفيين الفلسطينيين إجازة عمل، وإن كان عمله منفرداً من دون صاحب عمل”. إذاً، صوّت النواب أمس على هذا الاقتراح، لكن ليس بالصيغة التي أرادها النائب أنطوان زهرا، أي الثلثين، وذلك “لكي نحصل على إجماع وطني بخصوص هذا الموضوع”.
السهولة التي مرّ بها قانون العمل لم تنطبق على اقتراح القانون المتعلق بالضمان الاجتماعي الرامي إلى تعديل المادة 9 من قانون الضمان، وهو تعديل الفقرة الثالثة من المادة 9 بإضافة بند سادس جديد يكون نصه على الشكل الآتي: “يخضع اللاجئ الفلسطيني العامل المقيم في لبنان والمسجل في مديرية الشؤون السياسية واللاجئين -وزارة الداخلية والبلديات- لأحكام قانون العمل دون سواه لجهة تعويض نهاية الخدمة وطوارئ العمل”. التعديل المقدّم لم يشمل الفلسطيني من جهة تعويض نهاية الخدمة لقانون الضمان الاجتماعي وأبقاه في إطار قانون العمل، أي إلزام ربّ العمل اللبناني بدفع تعويض نهاية الخدمة، رغم أنّ العامل الفلسطيني الشرعي يدفع شهرياً للضمان من دون أن يستفيد من خدماته. أما بالنسبة إلى إصابات العمل، فطلب الوزير حرب أن تتولى “الأونروا مسؤولية العناية الطبية، لأنه إذا حملنا الضمان الاجتماعي العناية الطبية، نكون نحل محل المجتمع الدولي”. كذلك طلب حرب من النواب العمل على أن يستفيد العامل الفلسطيني من تعويض نهاية الخدمة من خلال “صندوق خاص لا علاقة له بالضمان الاجتماعي ولا بالدولة، ويكون حساباً خاصاً مستقلاً”.
إنتهى النواب من حقوق اللاجئين الفلسطينيين، على أن يُقدَّم حق التملك لاحقاً. وبالإضافة إلى حقوق الفلسطينيين، أقرّ المجلس النيابي اللبناني عدداً من القوانين التي كانت موضوعة على جدول الأعمال، فأقر اقتراح قانون تعديل المادة 22 من القانون رقم 665/97 المتعلق بالجامعة اللبنانية. وأجاز للحكومة إبرام اتفاق الذخائر العنقودية، فيما امتنع نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” عن التصويت، طالبين “تسجيل ذلك في المحضر”. وطرح اقتراح القانون المعجل المكرر لإنشاء قرية جديدة في قضاء المنية الضنية- محافظة الشمال تعرف باسم قرية دبعل الغربية، فصُدق.