صَوت الوطنيّة الصّامتة الأصيل..!/ أسعد موسى عَودة
|أسعد موسى عَودة| مرّة أخرى يَضطرّني الحبّ والحقّ والوا […]
صَوت الوطنيّة الصّامتة الأصيل..!/ أسعد موسى عَودة
|أسعد موسى عَودة|
مرّة أخرى يَضطرّني الحبّ والحقّ والواجب إلى الخروج من كهف اللّغة الطّاهر المضيء، للحديث في معترك السّياسة – المحلّيّة – الحيفاويّة – الكبابيريّة. حيث – وكما كان القول والعمل – تحقّق اكتساح البلد لأبي الطّيّب أيمن عَودة المحامي، إذ حصدت الجبهة الدّيمقراطيّة للسّلام والمساواة – في أجمل مدن الأرض، حيفا – 6,637 صوتًا؛ وجمّع التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ 2,713 صوتًا؛ وكان 718 صوتًا من نصيب القائمة العربيّة الموحّدة. أمّا في (قرية) الكبابير الصّامدة على صدر الكرمل العالي الأشمّ، أوّل كيان مجتمعيّ مدنيّ على الكرمل الحديث، الّتي كانت ولا تزال وستظلّ تمارس وطنيّتها الصّامتة المتجذّرة، بوعي ومسؤوليّة وأصالة وكرامة وشرف، فقد حامت نسبة المصوّتين العرب في صناديق الاقتراع الأربعة فيها حول 67% من أصل 1,153 صاحب حقّ اقتراع عربيًّا. وفيها، أيضًا، وقَبْلًا وبعدًا، كانت حصّة الأسد من نصيب الجبهة الدّيمقراطيّة للسّلام والمساواة، إذ حصدت 571 صوتًا (75%)؛ فيما جمّع التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ 140 صوتًا (18%)؛ وكان 56 صوتًا (7%) من نصيب القائمة العربيّة الموحّدة.
وإنّنا إذ نرجو لنوّابنا المستمرّين والجُدُد والمستقبليّين أن يُوفّقوا في (نضالهم) البرلمانيّ في الدّورة البرلمانيّة القادمة، لفعلٍ حقيقيّ مشترك يُعنى بهمّ مشترك يتهدّد جميعنا على هذه الأرض – سيّدة الأرض، بعد أن حافظ الجميع – في المستوى القُطْرِيّ – على قوّته في الميدان والوِجدان؛ كلٌّ (بأدواته) و(قدراته) و(مقدّراته) وبدون أدنى تأتأة، وبتقدّم البعض وتراجع البعض في ميزان الأصوات القُطْرِيّ (لا القَطَرِيّ)؛ لا بدّ أن يلتفت هذا الجميع إلى نجاحه الخجول ولربّما المصيريّ – في اللّحظات الأخيرة، قُبيل اقتراب موعد إغلاق صناديق الاقتراع – في رفع نسبة التّصويت لدى المواطنين العرب، الّتي وصلت، قُطْرِيًّا، إلى نحو 57%؛ ويجب ألّا نُغفِل – في هذا السّياق – تأثير جامعة الدّول (العربيّة) ممثّلة بأمينها العامّ، الّتي دعت عرب البلاد إلى ممارسة حقّهم في الانتخاب، بالإضافة إلى ما قامت به بعض الأطر والتّنظيمات المحلّيّة غير الحزبيّة من عمل مهْنيّ في سبيل إقناع المواطنين العرب بالتّوجّه إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم. كما لا بدّ أن يلتفت هذا الجميع إلى تزايد ارتفاع نسبة المنادين من أبناء شعبه بخوض هذه الانتخابات البرلمانيّة بتيّار متّحد، وكم هو يسير ذلك لو تحلّى الجميع بشيء من الإيثار وإنكار الذّات، وكم هو عسير بدونهما؛ وفي رأسي، واحدًا من أبناء هذا الشّعب الكبير، أكثر من خُطّة محتمَلة ممكنة التّحقيق للقيام بذلك، تضمن للجميع حقّه ورصيده، هي خُطّة منهجيّة مدروسة ليست مرتجَلة ولا مفتعَلة، أو وليدة اللّحظة، محكومةً بالإعدام مسبّقًا؛ من شأنها أن يترتّب عليها كثير وكبير. وهذان – (تراجع) نسبة التّصويت والمناداة بتيّار متّحد – معطيان ليس من الحكمة في شيء تجاهلهما أو إغفالهما، لا في المدى القريب ولا البعيد.
وبنظرة أشمل إلى نتائج هذه الانتخابات، يُرى إلى أنّها قد أفرزت تحوّلًا مشجّعًا ما سيفرض – أو من شأنه أن يفرض – الكثير من إعادات ترتيب الأوراق والأولويّات والائتلافات في هذه الدّولة المتعثّرة، حيث يأتي ذلك كلّه ونحن نقف عند نقطة فاصلة حاسمة، ذات إحداثيّات حرجة جدًّا في محورَي الزّمان والمكان والحرب والسّلام بشتّى صنوفهما؛ نرجو لمنتخَبينا أن يُحسنوا التّعاطي معها، وأن يُحسنوا فرض ذواتهم وتطلّعاتهم ونشاطاتهم وآمال النّاس المعقودة عليهم، في أن يكون لهؤلاء النّاس تأثير فاعل في صنع مستقبلهم في بلادهم الّتي ليسوا هم حاكميها.
أمّا أنت أخي أيمن، يا حضرة النّائب بعد عام وبعض عام، فإليك تحيّتي وستظلّ تأتيك تهنئتي.. نصيحتي وقريحتي، كلّما طلبتَهما واستطعتُ إليهما سبيلًا..! والحبّ كلّه والتّقدير لكلّ من كانت له أدنى مساهمة في اجتراح هذا النّجاح..!
وأبدًا، هو اللهُ من وراء قصدي، وهو مولايَ وحسْبي، ودونَ اليأس رجائي، وإليه كلّ ولائي.
ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهَدْ!
وحديثنا، أبدًا، عن لغتنا ونَحْن!
(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم ومحرّر لغويّ؛ الكبابير/ حيفا)