“اِلتبس الأمر على اللقلق”: رواية جديدة لأكرم مسلم
صدرت عن “الأهلية” للنشر في عمان ■ تلاحق الرواية قصص مجموعة “أبطال” مهمَلين، يتحركون بمنتهى الهدوء، وأثناء ذلك يبنون بدأب حكاية تغوص عميقًا في إشكاليات بالغة التركيب
“اِلتبس الأمر على اللقلق”: رواية جديدة لأكرم مسلم
>
|خدمة إخبارية|
رام الله: صدرت، حديثًا، عن دار الأهلية للنشر والتوزيع بعمان، رواية “التبس الأمر على اللقلق” لأكرم مسلم، الواقعة في 118 صفحة، و17 فصلاً قصيراً.
تلاحق الرواية قصص مجموعة “أبطال” مهمَلين، يتحركون بمنتهى الهدوء، وأثناء ذلك يبنون بدأب حكاية تغوص عميقًا في اشكاليات بالغة التركيب.
“اللقلق” شخصية منقسمة إلى نصفيْن، ينام شبهَ عار في سرير جده، يتذكر، وينبش في تاريخ جدّ مختلف يجسد تاريخًا مريرًا، ويراجع علاقته الملتبسة مع جدة معمرة، خاصة دورها في تغذية الالتباس الأقسى في حياته، وتقود التباسات اللقلق القاسية المتناسلة الحكاية بكاملها. الرواية محمولة على سخرية موجعة، ومبنية على الانقسام إلى نصفين متساويين، وعلى التباسات كثيرة ومتنوعة الاشكال والخلفيات، وفي إطار ذلك تتكشف تجليات الهيمنة في هندسة الأمكنة والأجساد، سواء في حالة الاحتلال المتراكم على شكل طبقات في المكان وفي الوعي، أو في الهندسة الذكورية المتسلطة التي تشتغل الرواية على تعريتها وترويضها.
وقال الروائي أكرم مسلم عن روايته في لقاء أجراه معه بلبنان موقع جائزة البوكر العربية: “اللقلق ببساطة بطل الرواية، لكنه بطل غير تقليديّ، ينسج بطولته من خيوط غير بطولية.. حياة اللقلق مثل اسمه المكون من شقين متطابقين: لق لق، محكومة الى سلسلة من الانقسامات والحدود المتناسلة، على عدة مستويات، يتداخل فيها التاريخي بالاجتماعي بالسياسي.”
وأضاف: “لكن تناول اشكالية الحدود خاصة في الحالة الفلسطينية يتم عبر محاولة لتفجير “هندسة الهيمنة” جماليا (أقصد هندسة الاحتلال للمكان)، عبر السّخرية المرّة، والتعرية الفجائعية لأثر هذه الهندسة على حياة ناس في منتهى البساطة والعادية والود.”
وكتب ناشر الرواية في كلمة على غلاف الرواية: “لقيت روايات أكرم مسلّم احتفاء نقديا واسعا باعتباره يقدم نصا أدبيا جديدا في منظوره ولغته وبنائه، إلى جانب اقتراحه مداخل مفاجئة لمقاربة السّؤال الجماعي عبر استبطان أزمة المكان وبصماتها الموجعة على مصائر الناس العاديين”.
أنجز مسلّم سابقًا رواية “هواجس الإسكندر”، وصدرت عن مركز أوغاريت في رام الله العام 2003، ورواية “سيرة العقرب الذي يتصبب عرقاً”، الفائزة بجائزة الكاتب الشاب كأفضل رواية عن مؤسسة عبد المحسن القطان، ونشرت عن دار الآداب في بيروت العام 2008، فيما صدرت ذات الرواية بالفرنسية عن دار “آكت سود” العام 2010، وبالإيطالية عن دار “السيرينتيه” العام 2011.
أنجزت رواية “التبس الأمر على اللقلق” ضمن منحة من الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق).
.
ومن الرواية نختار:
“يقسم شبك ضخم زيتيّ اللون القاعة المخصّصة للزيارة إلى قسمين متطابقين، وكان أن سمح جندي للأطفال بالدخول إلى القسم الذي يقف فيه السجناء. انسجم اللقلق مع عمه، وعندما انتهت الزيارة وأعادوه للنصف المخصص للزوّار، ورأى عمّه على الجانب الآخر، التبس عليه الأمر؛ لقد تخيّل أنّ عمّه في الخارج وأنهم أدخلوه هو إلى السجن، كانت تلك لحظات مشحونة علت فيها أصوات الزغاريد والبكاء وامتزجت معاً على نحو مخيف.
اِلتبس الأمر على اللقلق، أخذ يصرخ على نحو هستيريّ، ويتفلت من يدي جدّته، طالباً إخراجه من السجن.
يتسع المشهد على دراميته إلى فسحة للسخرية، لم تفوتها الجدة المولعة بالسخرية، فكررت الحكاية فيما يبدو أكثر مما ينبغي.
لا يتذكر اللقلق التفاصيل تماماً، يتذكر ممرات ضيقة تتوسط أسلاكاً شائكة، وأسقفاً من قضبان حديدية مشبّكة، وجنوداً، وأبراجاً، وصالة يقسمها شبك زيتي اللون إلى قسمين متشابهين، الشبك مكون من فتحات لا تكفي واحدتها لمرور أكثر من إصبعين للمصافحة.
وظلّ يذكر الأذى، سكنه الخوف من التباسات من هذا النوع. وصار يتسمّر عندما يكون في مكان مقسوم، حتى يتأكد أين يقف تماماً، خوفاً من التباس موجع.”