نشاز/ جودت عيد
|جودت عيد| هكذا أنا… أبيضٌ أحياناً أو قمحيّْ ألبس […]
نشاز/ جودت عيد
|جودت عيد|
هكذا أنا…
أبيضٌ أحياناً أو قمحيّْ
ألبس عباءةً في عزّ الحرِّ
وقبّعةً في المطرْ
أقيم في حواسي
وأحلم في بلدٍ
في نغمٍ
في شمسٍ
في ضوء قمرْ
هكذا أنا…
حالةٌ كونيّة
تحمل ألف اسمٍ
مع كل الإضافات
مع كل الإختزالات
تحمل ألف هويّة
ورقمْ
ولا أحمل أي هويّة
فبطاقتي… معالمَ غير واضحة
في لوحةٍ سريالية
أنا خاصٌّ جداً !
أنا نشاز
إني واقع مفروغ منه
للبعض غير مرغوبٍ فيه
عند بعضٍ آخر
ما زال قيد البحث
أو غير مفهومٍ كُنههُ
مرٌّ للبعض… أو بدون نكهة
احيانا أنا كل شيء…
أو لا شيء
صليبيّْ، فينيقي، عربيّْ
فلسطينيّْ، كنعانيّْ، ارهابيّْ
عرب الداخل… إسمي
ولا يدعني أحدٌ للداخل!
وليس باليد حيلة
غير أني أمرٌ واقعْ
رغماً عنْ
رغماً منْ
حالةُ استنفارْ
حالةُ اشمئزازْ
حالةُ تاريخٍ في علبة
حالةُ انسانٍ يجولُ
بين كرت بلاستيك
إلى آخرْ
بين هلوسةٍ إلى
شيزوفرينيا…
انتمائي شتات أبيض
وزمنى زائفٌ كالمكان
وحضوري كشتاتي
فاضحٌ، صارخٌ
وأحيانا… حزينٌ صامتْ
قهوتي مُرّه للغاية
وسكّرها زيادة
كلماتي غير معرّفة
انا مع ذاتي
لذاتي… بدون بوصلة
أنا نشاز
أومن في وطنٍ واحدْ
وبامرأةٍ غير كل النساءْ
حضنها حوض ياسمين
شعرها يتدلى
عند مشارف الكرمل
حتى أبواب الميناءْ
عيناها… عينان
عينٌ في بلدٍ مسبي
وعين في بلد العذراء
جسدها معطر
بعبق برتقال ساحلي
امرأةً تحمل في رحمها
جديد الحلمْ
وفي يدها معولْ
وقصفة زيتونٍ
وحبق التلال
وقلمْ!
أولادي…
أكبرهم في المهجر
ثانيهم في المهجر
في المهجر ثالثهم
ورابعهم وخامسهم
وسادسهم
وأنا أحلّقُ بين أسراب الحمامْ
ما بين الدار
ورؤيا الغمام
أتعاطى التجوال والسفر
وأحومُ في المكان
هكذا…
أنا نشاز !
شخصياًّ!!! لا ألهث وراء العناوين
ولا الصّور
وأنا لست جندياًّ في بلاط الملك
ولا في نياشين الجنرالات
أحلامي عاديّة
في أرضٍ مستحيلة
والصحيفة لا تتعدى
أكثر من عنوانْ
أو أي خبرْ
عن ناسٍ وناسْ
يرقصون… يلبسون…
يضيفون… يأكلون…
يقفزون… يعبثون…
بدون دوزانْ
وأنا!!!
لا أملك شيئاً
لا أملك الشارع… لا ولا العمارات
لا أملك بئر بترول
ولا حتى برميلْ
لا أملك الأطيانْ
أو أي شيء في المكان
لا الليل ولا التراب
أو الشّجرْ
لا أملك النهارَ ولا الأنهار
أو القمرْ
لا أملك شيئاً
غير بيتٍ في حلمِ ماردٍ
يتقلب ليحطم سجن مصباحِهِ
فأسافر إلى ذاتي المنفيّة
في أرضٍ تُنكر الشمس والنجوم
في مساحات فضائيّة
تنكر أحلاميَ
منثورة فوق سطوح الضوء
وأعناق الزهور البنفسجية
أسافر
أجمع الشرائع الجديدة
…بعبثية
وأحمل بيتي في حقيبة
رغم أن الشوارع تنكرني
وعيونَ الناسِ والريحَ الخماسينية
أجد نفسي…
متهماً في كل الحالات…
من هو الجاني؟ من هو البريء؟
لا يهم!
فكل التعريفات… مجرد أوهام!
أجد نفسي…
حضوراً أمام الانتهاكات
في زمن “العدّ الأفقي”
أمام بوابةِ البحرِ
حضوراً عارياً
من زيف الزمان…
يحملني جنيناً في العقد الثالث
لألوّن سماء الأفقِ
بطيورٍ “ليلكية”
فأملك كل شيء
كل الحب
أنا حالةُ إمتداد للجلِِّنار
حالة إمتداد للحريق
حالة إمتداد لزمانٍ بدون
زمان…
أنا حالةٌ من انسانٍ…
بعد التنقيحْ…
أنا نشازْ… أنا نشازْ… أنا نشازْ…
حتى إشعار آخر
وبكل فخر!