رباعيّةُ السَّرير/ طارق الكرمي
أنتِ لمْ تعودي تنامينَ فيهِ/ السّريرُ في سِريرِهِ مُأرّقاً يَتَقَلّبُ/ كأنُّهُ في سريرِكِ لا ينامُ..
رباعيّةُ السَّرير/ طارق الكرمي
| طارق الكرمي |
إلى ابنتي زُليخه
1
سريرُكِ هذا يا ابنتي
إنّهُ مِنْ خشبٍ صَرفٍ (شبهُ عِظامي)
تُرعِدُ الغاباتُ في خشبهِ روائحَ مسكٍ وتسيلُ مِنْ منامِكِ يا ابنتي
الآنَ أنتِ لا تنامينَ فيهِ
الآنَ أنتِ رَحَلْتِ ترحلينَ معَ أمِّكِ طَليقَتي
لكأنني أحسُّ السّريرَ يمشي في حديقةِ الغيابِ
لكأنَّهُ عادَ يعودُ الشجرةَ مَصفودةً بأغصانِها جدائلِكِ
لكأنني أراهُ الشّجرَةَ عرجاءَ في حدائقِ الدّنيا ثُمَّ
أوْرَقْ..
*الظّهيرةُ/ طور كرم – السّهل السّاحلي
2
هو هذا سريرُكِ يا ابنتي
أريكةُ اللهِ ومُستراحُ ملائكةٍ
منذُ هجرتِهِ ترحلينَ مع طليقتي أمِّكِ
الوسادةُ لمْ تعُدْ تشربُ صفِيّةَ نبضي
الشرشفُ تدورُ أوراقُهُ حفيفاً وإنْ كانتْ رسماً على الشّرشَفِ
أنتِ لمْ تعودي تنامينَ فيهِ
السّريرُ في سِريرِهِ مُأرّقاً يَتَقَلّبُ
كأنُّهُ في سريرِكِ لا ينامُ..
*الظّهيرةُ/ طور كرم – السّهل السّاحلي
3
معْ أنّهُ (أي سريرُكِ) يا ابنتي
مِنْ خشبٍ أبسطَ مايكونُ
ليسَ لهُ أعمدةٌ أربعُ
لا نقشَ فيهِ ولا رسمَ ملائكةٍ تُقهقِهُ في حوافهِ
ليسَ لهُ ناموسيّةٌ و
هو ليسَ مركوناً في زاويةٍ في غرفةٍ قصرٍ ملكيٍّ
أعرفُ أنّي اشتريتُهُ مِنْ محلِ المُستعملِ
ليسَ سريرَ اليزابيث الأولى
ولا الدّوقةَ هيلانةَ
لكنهُ سريرُ زليخةَ
إنهُ ولاشيءَ سواهُ السّريرُ..
*الظّهيرةُ/ طور كرم – السّهل السّاحلي
4
منذُ أنْ صارَ سريرُكِ صِفْراً منكِ
منذُ رحلتِ ترحلينَ مع أمِّكِ طليقتي (الحرّةِ الآنَ..)
أنا أدخلُ غرفَتَكِ حيثُ سريرُكِ أخرَسَ الخشبِ (لا يحلمُ..)
على الزّاويةِ أسدِّدُ عينيَّ متآكلتينِ تسيلانِ على خَدِّ اللَّحظةِ
الشّرشفُ شراعاً يخفِقُ
السّريرُ قارباً على موجةِ ما تتلاطمهُ الأنفاسُ
سأوصي يا ابنتي حينَ أغلقُ خلفي بابَ الحياةِ
سأوصي أنْ يكونَ تابوتي
سريرُكِ يا ابنتي
*الظّهيرةُ/ طور كرم – السّهل السّاحلي