الحب تحت رأس الكاهن/ جورج جريس
|جورج جريس| يعبر العروسان البساط الأحمر في وسط الكنيسة […]
الحب تحت رأس الكاهن/ جورج جريس
|جورج جريس|
يعبر العروسان البساط الأحمر في وسط الكنيسة ويشقان الحبل الفاصل بمقص الزواج، يضحكان ويرفرفان مثل حمامتين منفردتين.
يقفان تحت رأس الكاهن. ُيبدّل الإكليل بين رأسيهما ويجعلهما يتبادلان خاتم الزواج ليجمعهما في روح واحدة، باسم الكنيسة. يرسم إشارات الصليب على وجهيهما ويتلو صلواته على مسمعهما. يجلجل مبخرته ليطيّب أجواء الكنيسة فينبثق منها زواج كنائسي أبديّ.
يطيل الكاهن بصلواته وقراءاته أمام العروسين المنحنيين. ما دمتما تسمعانني فأنا أصلي.. أحنيا رأسيكما. سأجعل زواجكما أبديّا. فما تجمعه كنيستي لا يفرّقه إنسان.
تختفي صلوات الكاهن عن مسمعيهما ويلوذان بنظرات عيونهما المتبادلة. وعبر أثير النظرات تجري ذكريات العشق والقبل، يستمدان منها: ما جُمع بيننا لا يفرقه إنسان!
يُشربهما من نبيذ الكنيسة، فيتوغل دم المسيح في عروقهما ويسمّر باب الزواج اليسوعي.
ينتشي العروسان في غبطة نبيذ العشق ويرسمان جسدًا موحّدًا سرمديًا.
تحت وطأة الصلوات والذكريات يقع سؤال الكاهن المقدس:
- هل ترضى، يا عريسنا، أن تكون زوجا لهذه المرأة؟
يسترسل الكاهن في صلواته من دون أن ينتظر أي جواب. لهذا السؤال جواب مقدس معروف، واحد ووحيد.
يستمهله العريس:
- رقصنا وغنينا وهللنا وذبحنا الذبائح أياما عديدة، قبل هذا اليوم. فما هو سؤالك يا حضرة…
- ما الرقص والغناء سوى طقوس زائلة.. لن ُيخلّد زواجك إلا في كنيستي.
- وهل أدام دم المسيح الحبّ بيننا؟!
يرفع الكاهن مبخرته إلى أعلى وينفضها حتى يتساقط ما كان فيها من رماد وجمرات.
- كنيستي لن تجمع أمثالك!
يستقيم الانحناء الكنائسي. تخمد أنوار الكنيسة. تتبدد روائح البخور. يتهشّم الإكليل. يعوجّ خاتم الزواج.
ويبقى أثير الذكريات يسري في الأنوار الحالكة، بين الرأسين.
• • •
يتفرّق العروسان حتى موعد آخر…
29 أغسطس 2010
لا بدّ وأن تسقُطَ سلطةُ الكهنوتِ يومًا، لا بدّ للحبّ وأن يكونَ المُخلّدَ الوحيدَ الأوحَدْ…
إنسانٌ أرادَ أن يجمَعَ باسمِ الكنيسةِ، ففرّقَ الإنسان.. ولكن حتّى موعدٍ آخر…
شكرًا عزيزي جورج
نصّ لطيف