دجلة: قومية النهر، والمكان أمة منتحرة
“شعرت وللمرة الأولى في حياتي، بأني فقدت لا صيف النهر وحده، إنما فقدت ذاكرتي أيضاً، لقد فقدت صيف النهر إلى الأبد وفي أول خطوة للمنفى، وإن النهر لن يعوض النهر، وأنه ضاع مثلما ضاعت طفولتي التي أمضيتها كلها تقريبا على شميم المنازل والكبائن التي يتم تشييدها على الشواطئ”
دجلة: قومية النهر، والمكان أمة منتحرة
|علي بدر|
بغداد هي صنيعة النهر، وعلى الأقل نسبة للتاريخ، فهي صنيعة النهرين؛ ميزابوتاميا مثلاً، هكذا وردت عند هيرودتس في تاريخه، مثلما مصر هي صنيعة النيل عند هيرودتس، وهو يقف في نهر آخر، نهر في أوروبا الشمال، وقد وصل الموج الطفيف إلى قدميّه، تاركاً خيطاً فضّيًّا، لامعاً، رقيقاً، لا ينحسر ولا يجفّ.
غير أنّ النهر الثاني في بغداد، هكذا أسميه “الثاني”، هو الفرات، هذا النهر لم يكن يعني لي أيّ شيءٍ على الإطلاق، لا في ذاكرتي ولا في طفولتي في بغداد، وما خلا الاسم الذي يرن في أذني قوياً، صلداً، صادماً، فهو لا يعدو أن يكون مثل ضباب الصباح وهو يتلاشى على صفحة النهر مع أول شعاع للشمس، يذهب رقيقًا وهو يلمع، حتى يتقطع ويذوب شيئاً فشيئاً.
هكذا أجده وهو يتلاشى رويداً رويداً في ضميري وذاكرتي، وهو أمر غير مستغرب نسبة لي أبداً، مثلما لا يعني دجلة أيّ شيء على الإطلاق نسبة للكثيرين ممن أعرفهم، مثلما يعنيهم بطبيعة الأمر الفرات، أو النيل مثلاً، أو الدانوب نسبة لكاتب مثل كلوديوس ماغرس، والذي أثر بي كتابه عن الدانوب أثراً بالغاً، وأقول أثراً بالغاً، إلى الدرجة التي كنت أستبدل فيها كل مرة وأنا أقرأ كلمة الدانوب بدجلة، وأرحل مع كلاديوس ماغرس، كمؤرخ خطير لنهر دجلة لا للدانوب، ولا يهمّني أن يكون الإيطالي الذي وُلد في روما في العام 1939، أستاذاً مرموقاً للأدب الألماني لا للأدب العراقي، ومراسلاً شهيراً لصحيفة “كورييري ديلا سيرا” لا لغيرها في بغداد، أو في مكان آخر من العراق، وكتابه الشهير “الدانوب” الذي صدر في الإيطالية العام 1986، وقد أضاف عليه مترجمه الإنكليزي بحق جملة شارحة، وهو أجلى تعبير للمعنى الكنائي للكتاب: “الرحلة العاطفية للنهر من المنبع إلى البحر الأسود”.
هذا الكتاب هو أعظم كتاب كتب عن مجرى نهر، فهو رحلة بأكملها تتطوّر إلى قماشة ثرية، متشابكة، ملوّنة، عن التاريخ الأوربي وتعدّد ثقافاته، أكثر ممّا هو طريق يربط بين أوروبا وآسيا؛ فنهر الدانوب نسبة لماغرس هو الرمز المغذي للمناطق النائية، الجرمانية، المجرية، السلافية، اليهودية، كما أنه يتتبع النهر من تلال ولاية بافاريا إلى البحر الأسود، يتابع امتداده في القرى، في القلاع، في مقاهي فيينا، في الآثار القديمة، في المقابر، وهناك على الدوام، وعلى امتداد الكتاب، ذلك التأمّل المحض في التوتر العنيف بين اليونانية التوتونية والحضارة الرومانية.
حين أنظر اليوم إلى مسيرة دجلة أستعيد في الوقت ذاته ما كان يفعله ماغرس، بكلّ دقة، في تتبع الجذور الفكرية والفلسفية التي أنتجت بصورة فجّة الإيديولوجيات الفاشية كلها على ضفتي الدانوب، ولكن لماذا؟
ذلك ربما لأنّ ضفتي دجلة كلتاهما قد شهدتا في الثلاثينيات والأربعينيات جذور الفكر العراقي وهو يتحوّل عبر التاريخ، من نازية العقداء الأربعة في العام 1941 إلى إقفال مرحلة كاملة من الفكر القومي الذي كان مشبعاً بخطابات الأمة الألمانية لفيختة، ونشوء الفكرة الشوفينية في العالم العربي.
وهكذا كنتُ أقرأ ماغرس على ضوء التاريخ العراقي، وتتصادى الأسماء في ذاكرتي، فعبد الكريم قاسم كان تجسيداً للقومية النهرية، وأنا هنا أستعيد واحدة من أفكار ماغرس اللامعة وهو ينفذ إلى ألغاز العائلة الهابسبورغية، وكنت أتذكّر صورة لعبد الكريم قاسم ووراءه النهر: كانت عيناه تلمعان مرحاً، وشفتاه الحمراوان برغم تعبه، مزمومتان وناتئتان في بسمة عابثة.
كان أهم روائيين عراقيين، وهما غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي، لا تخلو أية رواية من رواياتهما من هذا الوشيش الذي يجري طوال الحياة، طوال الرواية، طوال الزمن
ومثلما يؤكد ماغرس عبر النهر، وبصورة لا لبس فيها، صعود النازية، كنت أؤكد في بغداد وعبر ضفتي دجلة صعود الأفكار القومية الملتهبة، ذلك أنّ النهر ضامن حقيقيّ لنشأة أمة قوية، فهو يربطها لا بالمُوصلات فقط ولكنه يجمعها بالفكرة وبالأساطير أيضاً، ومثلما كان البحث عن الذات والذي أدّى إلى التدمير الذاتي الذي شهدته الأمة العراقية على النهر، هذا الانتحار الأخير هو ذاته انتحار الأمة السلافية في بحثها الدائم عن الذات، وهكذا غرقت مرة أخرى عبر دجلة في تسلسل اللوحات الفخمة الغارقة في الثقافي والتاريخي معا، ومثلما غرق ماغرس بما وصفه كافكا للنهر، وكيبلر، وهايدن في موسيقاه، وهايدغر، وإلياس كانيتي، وفاسكو بوبا. كنت أبحث عن صورة النهر في أدب آخر، السّياب أول المعبّرين عن النهر بوصفه ثورة جماعية، والجواهري الذي خصّ دجلة ببيان أشبه ما يكون بالعصيان المُسلح، وبين سعدي يوسف الذي ألبس دجلة أحذية رصاصية، وتدخل التكرلي الباهر في الوجه الآخر الذي جعل أحداث رواياته تدور على مبعدة أمتار من نهر دجلة.
•
ولكن لماذا وأنا أقرأ هذا الكتاب وأغرق في جمله الحية النابضة، كنت أشعر بصفحة النهرين واحدة؟
كنت أتذكّر كلّ طفولتي على النهر، حيث منزل جدي هناك على الضفة، ومن نافذة المنزل الكبيرة كنت أطيل النظر إلى سطحه السّاكن والمشعّ، وهو يترقرق أبيضَ في وهج ضوء الصباح، وفي البعيد ينتهي بزبد شفاف، أسمعه من عند نافذتي وهو ينسرب في الرمل بوشيش رهيف.
هذا الوشيش يعرفه كلّ من عاش قريبًا من النهر، وكانت مارغريت دورا تخصّ روايتها “العاشق” بهذا الصوت الذي يهدر طوال الرواية، والذي يعلق عليه ناقد لامع مثل رولاند بارت بأنه صوت الزمن الذي يجري في النهر والذي يتوافق مع تيار الوعي الذي يتفجر عبر الرواية، وهكذا كان أهم روائيين عراقيين، وهما غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي، لا تخلو أية رواية من رواياتهما من هذا الوشيش الذي يجري طوال الحياة، طوال الرواية، طوال الزمن.
•
هكذا كنت أنظر النهر، حينما كنت صبيا أعيش في منزل جدي، حيث شعاع الشمس في الصباح يمرّ بمرحلته الذهبية، ثم يهبط شيئا فشيئا من خلال السّتائر المُوسلين ويرتمي على الأثاث في الصالون؛ هذه الصورة لا تفارقني أبدا، ولا تفارقني أبدًا حياة العائلة هناك وكأنّ النهر بوشيشه وبلحظات زمانه الجارية كان يجمعها: صورة الجد والجدة والأب والأم والأعمام والعمة التي كانت شابة في العشرين من عمرها، أراها في الصباح وهي تتحرك بخصلات شعرها الشقراء، وابتسامتها التي ما تزال مخايل الطفولة بادية عليه، تتحرّك قرب المرآة برشاقة رهيفة، المرآة الراقدة أبداً في الصالون، والتي كانت تعكس وجوه صبايا العائلة وهن يضعنَ عوداً من الآس على مقدمة الشعر.
صعد صدام حسين إلى السلطة، فتدمّرت العائلة، دمّرتها مواضع سياسية ملتهبة، مثل كلّ العراق، وراحت طمأنينة المنزل إلى الأبد، وانتهت العائلة إلى مقتولين وسجناء ومنفيين، وتحوّل النهر إلى أداة بيد سلطة المراقبة والمعاقبة
وفي الضحى يصُر باب بيتنا الكبير على مشهد العمل النهاري المهيب؛ عشرات من أبناء القرى في البساتين المُطلة على النهر يجمعون سعف النخيل، وتفتح عنابر الهري والتبن حين تخور الأبقار وهي تطلب حالباتها، ومن عند أعمدة الجّسر تحلق النوارس شائهة على الأفنية والشرفات، وصبية الفلاحين في تلك الساعة من الصباح يقودون مواشيهم إلى المراعي القريبة من بساتين النهر. وحينما أرى جدي يتهيأ لنزهته الصباحية أهرع لأمي كي تبدّل ملابسي وأهبط سريعا لأرافقه في نزهته، حيث نرقب الحمام على الرصيف وهو يلقط الحَبّ، والنحل الأشقر على صفوف أزهار الجوري المشيدة بين النخيل وأشجار الحامض، وهذا العالم الباستورالي الرعويّ المهيب الذي يمُور أمام عيوننا كأنه مسرح.
•
هذا هو دجلة، ولكن لماذا كنت أحس وأنا أقرأ كتاب ماغرس أنّ لهما قصة واحدة؟
•
الدانوب مثل دجلة، هكذا يعتقد الأوربيون؛ كان هبة الطوفان، طوفان نوح دون شك، وقد بقي عبر السنين الطويلة نهر النداوة اللينة تحت أقدام المُبحرين، وهواؤه المبلول على الوجوه منذ غابر السنين، غير أنّ دجلة في الحكاية الشعبية البغدادية هو الآخر هبة الطوفان، مثلما بغداد هي هبة دجلة، أو هبة النهرين.
•
كان دجلة هبة نزوع الموج، حينما كانت الجودي ترتمي على الشاطّئ مفتوحة اليدين، والنهر كان اندفاع الماء، من الشمال إلى الجنوب، غير مستنفد، إلا حينما راح الطوفان محسوراً إلى عرض البحر العريض، فبرز النهر أسطورة البابليين الأولى إلى أعلى، أسطورة البابليين أولاً بطبيعة الأمر، ومن ثم أسطورة الموحّدين، وهكذا كنت أحسّ نفسي وسط أسطورتيْن لنهريْن، لجغرافيتيْن، وثقافتيْن، وهي واحده، وهواء النهر على بعده كنت أشعر به واحداً، يأتي إلى وجهي رطبًا، محملاً برائحة الماء الشذية العذبة.
لقد أضاءت أسطورة الدانوب أعمدة النور في التوراة، هكذا يقول كلاديوس ماغرس، ودجلة الذي يعيد أسطورة الطوفان، يضمّ إلى نفسه البقع الوهّاجة ذاتها إزاء لون داكن الزرقة، يقول سعدي يوسف عنه إنه يرتدي أحذية رصاصية، ويصفه وهو يمتدّ وفي طرفه احتراق الغروب.
ولكن التوراة هي صنيعة الآراميين بطبيعة الأمر. والآرامية لغة مقدسة صنعتها دجلة، حينما كانت شعوبها السّامية تسود بالتدريج، وشعاعها المهتز يمرق في التاريخ بصمت وسرعة خاطفة، وهكذا يلتقي دجلة والدانوب عند منعطف الطريق إلى الله، مُستَنْفَداً بعد رحلة العمر، ينتشر ثم ينحسر، ولا يفتأ يعلو ثم ينحسر، ثم ينتشر من جديد.
•
بعد سنوات شهد النهر التحول التاريخي ذاته للعراق، بصعود صدام حسين إلى السلطة، فتدمّرت العائلة، دمّرتها مواضع سياسية ملتهبة، مثل كلّ العراق، وراحت طمأنينة المنزل إلى الأبد، وانتهت العائلة إلى مقتولين وسجناء ومنفيين، وتحوّل النهر إلى أداة بيد سلطة المراقبة والمعاقبة، تحول العراق إلى مصحّة عقلية ومستشفى وسجن ومؤسسة عسكرية، وانتهت طمأنينة النهر، وانتهت الضفة القريبة منا كمسرح، ذلك أنّ الضفة الأخرى كانت قصراً للسلطة المستبدّة.
والقصر هنا ليس مرتكزَ النهر فقط، إنما هو رمز الاستبداد النهريّ أيضاً، فلا تقوم سلطة الدولة بالاستحواذ عليه حسب، إنما يصبح النهر رمزاً لسلطتها وسيادتها، وبه تعبر بشكل رمزيّ عن سياساتها، فيتخلى النهر أن يكون مسرحاً، وتضمحلّ صورته كمغزى للأحلام الرومانتيكية الإيروتيكية التي عبدتها ألف ليلة وليلة في ثقافة أجيال من المثقفين في بغداد، وتحوّل إلى عقار السلطة المستبدّة بصورة لافتة، تحوّل وبشيء من الرأسمال الرمزيّ للسلطة الحاكمة على الدوام. فطوال تاريخ العراق كان القصر الحاكم يُشيد على الطرف الغربي من دجلة، ومنذ كنت طفلاً كنت أنظر إلى الجهة الأخرى بوصفها حقلا للهيمنة، فهنالك قصر نوري السعيد الذي حكم العراق في الخمسينيات، وقصر شعشوع الذي قطنه الملك فيصل أول وصوله إلى بغداد، وقصر الرحاب وقصر الزهور، وفيما بعد أصبح قصر الرئاسة، لكنه في الثمانينات دجّجته السلطة الحاكمة بغابات النخيل والأسلحة، ووسّعت مجاله ليشمل النهر كله.
•
على الدانوب وقفت بعد أن تجازوت الثلاثين من عمري، فهبت عليّ أنفاس وحشة باردة، فاستوحشت، ذلك أنّ عتمة المغيب في دجلة لها رنين شجيّ ومتلاحق، تمّحي مع غابة النخيل التي كنت أشم سخونة جذوعها التي صهدتها الشمس طول النهار، والعصافير المنتفضة تصطخب في سياج المزارع والحضائر التي تسود المكان، إذ تزقزق كلها في وقت واحد، وتنطلق مضطربة نحو أعشاشها.
بينما ليل أوروبا الشمال مختلف؛ فيكاد لا يكون ليلٌ بل مساء متريث، يأخذ في العتمة شيئاً فشيئاً، ببطء رفيق في أثناء تريثه، فيمرّ من أول المساء بزرقة بنفسجية رقيقة كلّ الرقة، ثم تصعد بإيقاع رخيم شيئا فشيئا حتى تنتهي بلونها. هكذا قرأت وصف الليل في أوروبا بعد سنوات، وفي واحدة من روايات ميهاي بابيتش، بل واحدة من أجمل روايات كتاب أوروبا على الإطلاق، ومن يشكّ بكلامي، فيلحتفظ برأيه حتى يقرأ رواية إبن فرجيل تايمار، وهي التي أطلقت عليها الصحف ذلك الوقت بأوركسترا الخريف.
طبعًا لم يكن منفاي نوعاً من السياحة المكثفة، وعلى الرغم من أن ترحّلي صار مهنة، ولكن ماذا أفعل إذا كانت جذوري العاطفية والسياسية في مكان آخر؟ لحظة شديدة القوة تبدأ مع النهر، هكذا وجدت نفسي قرب النيل مثلاً في القاهرة، في زيارة لها في العام 2007، ففكرتُ أنّ المنفي لا يعود فيجد بيتاً، لكنه ربما يجد نهراً، وأنا أتحدث هنا عن المنفى كتشرد دائم رغم صعوبته، التشرد الذي يتحدث عنه لوكاش والذي يحدث تصعيداً في نوع ما من الثقافة، فلم تكن لديّ ذات متعالية مطلقاً؛ ولكني كنت تلك اللحظة أحاول استعادة التاريخ بالمعنى المفخم لكلمة تاريخ، استعادة المفهوم الغرامشي للتاريخ، وهو مفهوم ذو طبيعة جغرافية وإقليمية متعلقة بالأرض. إنه التاريخ المصنوع من العديد من التضاريس المتداخلة المتشابكة بحيث أنّ المجتمع يصور بوصفه أرضا تتقاطع عبرها العديد من الصور والاستعارات، وهكذا يتحوّل النهر لا باستعارته السياسية فقط، إنما باستعارته الثقافية كحالة إعجازية. فلا يتعلق الأمر بحيازة الماء والضفة والبساتين وطرد الناس منها، إنما يتعلق الأمر بالتطويق، والاحتجاز والتقييد، وكل ما يتصل بالنهر من أفكار متضمنة.
هكذا وجدت نفسي بلا مكان تقريبًا؛ منفيّ أشدّ النفي، مبعد وغريب، بل شعرت لحظتها، لا بالخسارة فقط، إنما بالخديعة أيضاً.
ذلك أني شعرت وللمرة الأولى في حياتي، بأني فقدت لا صيف النهر وحده، إنما فقدت ذاكرتي أيضاً، لقد فقدت صيف النهر إلى الأبد وفي أول خطوة للمنفى، وإن النهر لن يعوض النهر، وأنه ضاع مثلما ضاعت طفولتي التي أمضيتها كلها تقريبا على شميم المنازل والكبائن التي يتم تشييدها على الشواطئ، وأن هذه الذكرى لن تذوب أبداً، وستظل تعذبني مثل موسيقى رتيبة لا تنتهي ولا تزول، وسوف تبقى في ضميري ملحة، جامدة، صلدة، لها صدى خاص، تثب كل مساء، مثل دوري محلق في المساء أعلى فأعلى، يظل يعلو جذلا بالمغيب حتى تبلغ النشوة ذروتها، بينما أنا صامت، مرتبك وحزين، أشعر بشيء من الخسارة، بشيء من الخديعة، وبشيء من الكرامة المهدورة.