ألعاب الطفولة/ قسم حمايل

فبراير 15, 2012 مواضيع ساخنة, نثر | 2 comments

"بانغ بانغ"، ريك غارسيا، أكريليك على قماش

.

|قسم حمايل|

قسم حمايل

جيش وعرب:

فتيةٌ يلهونَ بـ”بواريدَ” خشبيةٍ في الحقول. فيهتفُ أحدُهم، «طاخ، طاخ، قتلتك». ويمضي مُخلفاً وراءهُ أحدَ أترابهِ على الأرضِ ملقى، خلفَ متراسهِ الشجرة يستدير، مُنتظراً ضحيةً أخرى. تختلفُ الميتاتُ، ويظلُ السيناريو واحداً. لعبةُ “الجيش والعرب” تسلبُ اللبَّ والوقتَ معاً. لا تختلفُ عن الحقيقةِ في شيء عدا عن أنّ الأمواتَ يعودونَ للحياةِ مرةً أخرى، عندما يَصرخُ المنتصرون: «هي، هي، خلصت اللعبة».

حرب الحارات:

الأطفالُ ينقسمونَ عصاباتٍ حسبَ توزيعِ الحارات، من ثَمَّ يبدأ العدوان؛ أيدٍ تحتضنُ المقالع، وأخرى تحتضنُ ما تيسرَ من عِصي وأزراد، «عليهم، عليهم»، من ثَمَّ يختلطُ الحابلُ بالنابل. «راسي، يلعن إمك». صُراخٌ من أثرِ الضرب، ودماءٌ تسيل، هُتافاتٌ بأنّ الله أكبر، عراكٌ بدائي. أمهاتٌ يقفنَ على الشرفات، يشتمن، ويزعقن. ولا يسمعُ لهُنَّ نداء. صفيرٌ يتناهى إلى المسامعِ من بعيد، لحظةُ سكونٍ تُطبق، “دوريات” الجيشِ تتراءى للجمعِ “متزحلقةً” من رأسِ القريةِ هُبوطاً نحوَ المسجد. يجتمعُ المتصارعون وتدورُ الأرجل، الأيدي تمتلئُ بالحجارة. دقائقُ ما تفتأ أن تمرّ، حتى تَزعقَ معركةٌ أخرى، صراخٌ وسِبابٌ، موتٌ ودماء.

قتل الحيوانات:

جروٌ يُصلب على صفٍّ من الأسلاكِ الشائكة. عِصيٌ تهوي. نباحٌ كسيرٌ يعلو. ماءٌ آسنُ ينسكب، فيرتعشُ الجروُ مُنتصبَ الشعر. نارٌ توقد، الأطفالُ يتحلقونَ بالنارِ دائرة، يدورونَ وأيديهم على أفواههم ترتد: «وو، وو، وو»، يموتُ الجرو حرقاً، أو خنقاً، يُلف بباليات الخرق، ويشيعُ جثمانه، بهتافٍ يتكرر، «لا إله إلا الله، والشهيد حبيب الله».

أذنابٌ تقطع، وقططٌ صغيرةُ تُوأد. يفرّ الفتية من رجل يهرول باتجاههم زاعقاً: «ولك وقف إنتا وياه»، يمسكُ الرجلُ أحدَ الفتيةِ ويشبعه ضرباً.

في البيت:

في البيت أبٌ مستقيمُ الخلقِ من دون نهاية، شديدُ الطبعِ والصّفع، يتباهى بأخلاقِ ذريتيه، ويدمنُ مشاهدةَ الأخبارِ وخلق الغضب. يُقرعُ جرسُ البيت، فينهضُ الأبُ مُتثاقلاً مُتجهاً نحوَ الباب، يَدخلُ الفتى من ثُمَّ يهوي مُتعثراً بنظرةِ أبيه. «ابنك بضرب وبقتل يا أبو فلان» يَقولُ جارهُ شاكياً، فتحضرُ الصَفعاتُ على وجهِ الفتى مطراً.

(رام الله)