شعب الثرثرة/ وديع عواودة
في ظلّ فقدان قيادة وطنية جامعة وموحدة تعمل وفق خطة إستراتيجية واحدة، وانحسار العمل الشعبي، دخلت على الخط الجمعيات الأهلية على حساب الأحزاب لكنها لم تحقق اختراقا رغم نجاحات عينية
شعب الثرثرة/ وديع عواودة
.
|وديع عواودة|
يبدو أنّ رد الفعل العربي اللفظي على قانون المواطنة العنصري يجّسد عارضا لورم خبيث في جسد الفعاليات الأهلية والسياسية وهو لا يقل خطورة عن التهديد. الحالة المعتلة وليدة مسيرة متراكمة. منذ قتلت قوات الأمن وجرحت العشرات من المواطنين العرب في هبة القدس والأقصى عام 2000، انتقلت إسرائيل بشكل سافر من سياسة الاحتواء إلى الاستعداء، محاولة إخضاع المجتمع العربي وتطويعه. لا يمكن القول إنها فشلت بالكامل في تدجينه؛ فالعالم من حولنا يثور ونحن نيام.
وازدادت ضغوط إسرائيل، بالمستويين الرسمي والشعبي، على المواطنين العرب في السّنوات الأخيرة نتيجة تفاقم التوجهات العنصرية-الفاشية فيها. تجلى ذلك في تشريعات وتخطيطات واعتداءات متواترة وجاء ردّ فعل المجتمع العربي بشكل عام ضعيفا ومرتبكا وعقيمًا- رغم الصراخ.
يكمن ويبدأ الخلل بقيادات الفعاليات السّياسية العربية في المرحلة الراهنة؛ فهذه باتت تعبد بمعظمها البرلمان وترتوي من حليب ميزانياته الشهرية وتهمل الميدان. “البرلمان مكان للثرثرة”، قال لينين فيما اعترف الراحل توفيق زياد مرة بأنّ مظاهرة شعبية ضخمة أكثر تأثيرًا من عام برلماني واحد. والكنيست أكثر من أيّ وقت مضى مفيد لنوابه العرب أكثر ممّا لجمهورهم، ومع ذلك احتل صدارة النضال.
يشهد العالم بشكل عام تراجعًا في قوة ومكانة الأحزاب الأيديولوجية لكن هذا لا يبرر الحالة المعتلة للأحزاب العربية- فاعليتها، قدرتها على اجتذاب وقيادة الجماهير، صورتها وثقة الناس بها وسلم أولوياتها ونتائج نضالها. الأحزاب، بخلاف عقود مضت، باتت تعوّل على بيانات إعلامية وخطابات برلمانية، تعتمد المبالغة أداة لمنافسة الخصوم وتغطي غيابها عن الشارع بتصريحات نارية وبالمغالاة، بالقليل من فعاليات شعبية ميدانية في معظمها لإسقاط واجب.
يُستدلّ هذا من غياب المثابرة وضعف الاحتجاج والنضال وطغيان الثرثرة ومن النظرة السلبية في الشارع للسياسة والسياسيين، وفي سيل البيانات التي تستغل ضعف وقلة مهنية الإعلام العربي المحلي. لم تبتعد الأحزاب عن الناس فحسب، بل ابتعدت عن بعضها البعض وحرب البسوس الحزبية مُستمرة بين الأخضر والأحمر والبرتقالي والأصفر والمتعدد الألوان. والحركات الإسلامية تحشد عشرات الآلاف من أجل مهرجان الأقصى، لا القدس، وتبعث بعشرة أشخاص فقط لمظاهرة تدعو لها المتابعة.
“المتابعة” لم ترتقِ لتكون قيادة عربية وطنية موحدة وما زالت مظلة ولجنة تنسيق مواقف تبحث عن حلول توافقية، وما يزيد طينتها بلّة أدواتها المتهالكة وعدم تطبيق قراراتها وإفلاسها- وهذه علل لا شفاء منها إلا بانتخابات مباشرة.
تنسحب أزمة الأحزاب على حركات الشبيبة فيها وعلى ضعف الحركة الطلابية في ظلّ فقدان التعبئة والتثقيف والقدوة الحسنة لصالح الجعجعة والانشغال بالذات والتناحرية. بات السياسيون العرب في بلادنا يؤثرون مصلحة الحزب على الوطن وبعضهم مستعد لحرق بيدر البلدة طمعًا بكيلوغرام قمح أو شعير، وهذا يعود كيدا مرتدا عليهم وعلينا جميعًا. نتيجة ما ذكر وغيره، صارت القيادات العربية تنشغل بالمرافعة والتأليب والخطابات والمسارات القضائية لا لجانب الكفاح الشعبي الحقيقيّ بل بدلا منه.
في ظلّ فقدان قيادة وطنية جامعة وموحدة تعمل وفق خطة إستراتيجية واحدة، وإزاء تراجع السياسة التي ساهمت السلطات الإسرائيلية بشيطنتها، وانحسار العمل الشعبي، دخلت على الخط الجمعيات الأهلية على حساب الأحزاب لكنها لم تحقق اختراقا رغم نجاحات عينية.
تدريجيا أخذ المجتمع العربي يبحث عمّا هو سهل ومريح (المسار القضائي) رغم خدعته ومضرته (كالمديح) ويضع معظم بيضاته في سلة محكمة العدل العليا متجاهلا خطورة ذلك. “عدالة” التي أحرزت نجاحات عينية في مسيرتها فشلت في درء مخاطر القانون كما فشلت من قبل بمقاضاة المسؤولين عن القتل في هبة القدس والأقصى وفي قضايا مبدئية أخرى، تسهم في بناء أساس لمواطنة حقيقية لنا.
على الأقل، كان ينبغي على الفعاليات السياسية والأهلية أن تنظم المظاهرات الاحتجاجية قبالة الكنيست ومقرّ المحكمة العليا خلال التداول بقانون منع لمّ الشمل وسط تعاون العائلات المتضررة المحتاجة لمن ينظّمها ويقود نضالها.
رغم التأخير ما زالت هناك فرصة لمنع تطبيق التهديد وهذا يتم فقط من خلال تنظيم وحشد العائلات المتضرّرة من قانون منع لمّ الشمل وكلّ المجتمع العربي وتجنيد المؤيدين في الشارع اليهودي، ضمن نموذج نضالي جديد يعيد للسياسة هيبتها وأخلاقياتها وجدواها كي لا يبقى أصحاب القضايا العدالة عالقين بخطاب المحقين، مكتفين ببيانات صماء مراهنين على “عدالة” وأخواتها فقط.
القضايا المبدئية والوجودية لا تحتمل مثل هذه الطريق، فهي سهلة ومريحة لكنها محفوفة المخاطر ونتائجها في المرحلة المقبلة وهمية بالذات بعد تحييد “العليا”.
بعدما سجلنا نماذج مشرفة في النضال الشعبي ومن قبل يوم الأرض الأول باتت القيادات تهرول لقاعات المحاكم علها تفوز بابتسامة كاميرا. ولنا في النضال ضدّ جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية (بلعين ونعلين وغيرهما) عبرة، كما لنا في هبة الإثيوبيين ضدّ تجليات العنصرية عبرة.
13 فبراير 2012
تعليق المستتر ” عبير” ينم عن نفسية معتلة ونزعة شخصية . فماذا كنت تتوقع أن يقول صاحب المقال ” كل شيء على ما يرام”. أم أنك تعيش في الدانمارك؟ الحق على محرر الموقع مو عليك لسماحه بالتعرض الشخصي وكأن الصحيفة التي يحررها ويغار صاحب التعليق منها هي سبب موت عبد الناصر!
13 فبراير 2012
يييه هاد احمد صليبي بعدو مفكر انو في طاسة.
13 فبراير 2012
استمناء فكري من النوع الرديء. كل الي بوقلو الكاتب أنو الأحزاب وحركات الشبيبة والجمعيات الأهلية ولجنة المتابعة و و و.. كلو فاشل. بحسب الأستاذ الكاتب المشروع الوحيد المفيد عند العرب في الداخل هو صحيفته التي لا يتجاوز عدد قراءها ال 200 في أحسن الأحوال..
13 فبراير 2012
لا تتوقع أخي احمد أي صراحة أكثر مما قيل أعلاه.
نحن دائما نبحث عن الحلول الوسطى المعممة. هذه مشكلة من مشاكل مجتمعنا الفلسطيني، والمقالة بفحواها تعكس محاولة لوصف مشكلة ما من دون ذكر الاشخاص الذين أدوا الى وقوع هذه المشكلة.
12 فبراير 2012
مقال جريء لكن تنقصه صراحة اكبر: يجب ذكر اسماء اعضاء الكنيست في فحوى المقال، وألا يكتفي الكاتب بوصفهم جميعا بنفس الاوصاف وبشكل متشابه.
يجب ان نعرف دقائق الامور، وتفاصيل ما فعل بعضهم وما لم يفعل اخرون، حتى يكون لكلمات المقالة وقع اكبر.
بواسطة التعميم تضيع الطاسة، ويضيع الصالح بعزى الطالح.