كنافة نابلسية/ سعد جرادات
حدث في إحدى صباحيات المصالحة…
كنافة نابلسية/ سعد جرادات
|سعد جرادات|
إحدى صباحيات المصالحة، بعد سهرة طويلة أمام التلفاز أثر إعلان الأمم المتحدة الاعتراف الكامل بدولة فلسطين، وتخفيض عضوية إسرائيل إلى درجة مراقب في الأمم المتحدة.
هنيّة: إصحى يا عزام، الصلاة خير من النوم، هيّا يا أخي.
عزام: “يا الله، يا الله.. يلعن الشيطان، سأتوضأ وألاقيك.”
(صلّى كليهما جماعة)
هنية: (داعيًا) ربّنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا
(ينظر كل مهما إلى الآخر)
هنيّة وعزّام بصوتٍ واحد: آمين.
هنيّة: أخي عزّام، أنا زعلان منّك، لم أكن أتوقع هذا منك أبدًا.
عزّام: (مستغربًا) الدولة وأعلنّاها، المصالحة ووقعناها، الرواتب وصرفناها!
هنيّة: (وقد علت فمه ابتسامة) لا يا عزّام، هذه الأمور بسيطة، ولكن أين صحن الكنافة النابلسية الذي وعدتني فيه بعد أن نعلن الدولة؟
عزّام: (يضحك) حسنًا، هيّا بنا إلى نابلس إذن.
هنيّة: على بركة الله.
(يركبان السيارة ويتوجهان من رام الله إلى نابلس. يصلان حاجز زعترة، حيث كانت أكثر من 100 سيارة تنتظر أن يسمح لها الجندي بالمرور، يُخرج هنية رأسه من الشباك ثم يشير إلى عزام بأن يتجاوز صف السيارات. يتجاوزهم عزام بمهارة وخفة مُعتادة فيصل إلى بداية الصف. يطلب الجندي منهما الهويّات فيرفض هنيّة أن يقدم للجندي هويته. يُذهل عزام من تصرف هنية ويطلب منهما الجندي الترجل من السيارة. يخرج هنية من السيارة، ثم يصافح الجندي ويصفعه ممازحًا، يهمس هنية في أذن الجندي فينفجر الجندي ضاحكًا. عزّام لا يزال مذهولا.)
عزّام: ما هذا يا هنيّة؟!
هنيّة: إنه شاليط يا راجل، يبدو أنه عاد للخدمة…
عزّام: Really؟ جد والله!
شاليط: (مخاطبًا هنيّة) أين أنت يا راجل، ياه كم كان أيام جميلة. لا أخفي عليك أني أفتقد الطعام الغزاوي.
(يُخرج هنيّة مرطبان شطّة غزّي ويرفع مرطبان النصر فيُذهل عزام وشاليط. شاليط ينظر بكبرياء ولهفة للمرطبان، عزام لا يزال مذهولا)
هنيّة: سأعطيك المرطبان مقابل أن تسمح لنا بالمرور، شطة غزاوية أصيلة وحريفة.
شاليط: همم، كم هو مغري هذا العرض، ولكن ماذا عن الكنافة، أريد كنافة أيضًا.
(عزام يتدارك الموقف ويتصل بمنيب ويطلب منه إحضار سدر كنافة. يتعالى صوت الضجيج وزمامير السيارات وصراخ الأطفال في داخلها. يظهر منيب من خلال الغبار حاملاً سدر الكنافة على رأسه.)
شاليط: حسنًا إذن، هيا بنا، سلّم وأستلم.
هنيّة: لا! وهل يمكن كنافة بدون قطر؟!
منيب: اللعنة، لقد نسيت أن أحضر.
(ينظر عزام إلى منيب مذهولا)
هنية: لا قطر… لا تفاهم!
(يمتد طابور السيارات لكيلومترات عدة على جانبي المعبر، يتحول صراخ الأطفال والسيارات إلى نواح مزعج يختلط برائحة المحروقات والمحركات، تبدأ أسراب الذباب باحتلال الكنافة. يرن جوّال عزّام، يظهر على شاشة المحمول رقم دولي يبدأ بكود الاتصال الدولي لقطر. يجيب عزام، ثم تظهر عليه علامات الذهول. يناول المحمول لهنية، ويذهب الأخير للمحادثة في إحدى زوايا الحاجز، ثم يعطي الجوال لشاليط ويخرجان مبتسمان.)
هنية: حسنًا، سنجد حلا لهذه المشكلة، قررنا أن نأكل الكنافة بالشطة.
(عزام ومنيب مذهولان)
شاليط: هيا يا شباب، فليساعدني أحدكم على إنقاذ ما تبقى من الكنافة من هذا الذباب الآثم.
(يبدأ الجميع بكذ الذباب ويفرغ هنيّة مرطبان الشطة بيد، ويرفع شارة النصر للسيارات التي أطلقت العنان لزماميرها احتفالا بهذا النصر التاريخي. يبدأون بتناول الكنافة بالشطة بنهم أمام عدسات الكاميرا.)
منيب: (لعزّام) ما رأيك بالكنافة؟
عزّام: مذهلة.
*
ملاحظة على هامش الحلم: أي تشابه بين الحلم والواقع من باب المصالحة أو إعلان الدولة هو من قبيل الصدفة الفلسطينية فقط.
5 يناير 2012
@ وسام تحلى ببعض الروح الرياضية ، ما في شي بيسوى !!
@ محمود شوخة تسير المصالحة و إلك احلى صحن كنافة أنت و وسام
4 يناير 2012
يا صديقي أعجبني ابداعك في فن الكتابة وسيناريو الحوار … ولكن استبشروا بالمصالحة خيراً، فالعالم يركع اللآن لإرادة هذا الشعب فلا تجعلوا من إرادته مهزلة …
أخوك محمود شوخة
4 يناير 2012
نص جميل و ساخر الى حد البكاء ،و لكنني أتمنى لك نوما هنيئا في مقر الوقائي لنضحك فيه على بكائك .
في إنتظارك