على هامش موسم الحصاد.. وقد جاء مُبكِّرًا هذا العام..!/ أسعد موسى عودة
|أسعد موسى عَودة| إنّه لمِن أروِع ما قِيل في مَدْح التّ […]
على هامش موسم الحصاد.. وقد جاء مُبكِّرًا هذا العام..!/ أسعد موسى عودة
|أسعد موسى عَودة|
إنّه لمِن أروِع ما قِيل في مَدْح التّواضع وذَمِّ الكِبْر، قول الشّاعر العربيّ:
مَلْأى السّنابِلِ تنحني بتواضعٍ والفارِغاتُ رؤوسُهُنّ شوامِخُ
غير أنّ حديثي المباشَر لن يكون عنها، سنابل الخير، الّتي تلد الحبّة منها سبعَمِائةٍ حبّة؛ بل حديثي في هذه السّطور يأتي على هامش موسم حصاد من نوع آخر، أعني موسم حصاد الزّعماء الأخير. وقد كان أثار شهيّتي المؤجَّلة لطرحه، مقالُ الكاتب والرّوائيّ الصّاعد الواعد، الصّديق علاء حليحل، في مجلّته الكَهْرَبِيّة (الإلكترونيّة) “قدّيتا”، يومَ الرابع والعشرين من شُباط الفائت لهذا العام، ألفيْن وأحدَ عشَر، بعُنوان: “عباءة القذّافيّ ورداءة قيادتنا”. وهو عُنوان مُختار -بلا شكّ- بوعي أديب وعين شاعر؛ فأراه بكلمة “رَداءة” فيه، يُوحي بعلاقة جِناس غيرِ تامّ بينها وبين كلمة “رِداء” (وهو ما يُلبَس فوق الثِّياب، كالعباءة والجُبّة)، وكأنّه يريد أن يقول: عباءةُ القذّافيّ رِداءُ قيادتنا الرّديءُ. أو أنّها مجرّد إضاءة متواضعة منّي على معنًى قد يكون جديدًا، باعتباري قارئًا لا بُدّ أن يكون مشاركًا في توليد معنًى آخَر للنّص أو ظِلال معنًى، لم يذهب إليه المبدع! فما قولك أخي علاء؟
أمّا ما أردتُ أن أقوله بشكل خاصّ -وكنت قد أجّلت قوله- فإنّه يأتي بصيغة تساؤل، عن كبير الفرق بين القّذافيّ “وِشْكالُه”، وبين كلّ من تسوّل له نفسه أن يُعيد ترشّحه وترشيحه -كلّ مرّة من جديد، وحتّى بعد ضمانه الظّروف الاجتماعيّة والتّقاعديّة الّتي تضمن له عيشًا رغيدًا حتّى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً- للجلوس على هذا المقعد الوثير أو ذاك، عالميًّا، وإقليميًّا ومحلّيًّا، باعتبار أنّ الله -والعِياذ بالله- خلقه ونسِي كيف خلقه، أو “انْكَسَر مَعاه القالِب”. أهي منظومات واحدة، اختلفت مُسمَّياتُها الشّكليّة، إذًا، وما اختلف جوهرها وقاسِمها المشترك: حُبّ الذّات والجاه والمال والسُّلطة والهَيْلَمان؟!
نحن -من نتعاطى اللّغة والأدب- نعلم أنّ الفنّان الحقيقيّ هو مَن يدفع إلى الأمام بفنّه لا بنفسه، ونعلم، أيضًا، أنّ القائد الحقيقيّ، هو من يعرف كيف ينمّي حولَه أناسًا مؤهَّلين أكْفاء، وكيف يُحسِن تفعيلهم، وكيف يجب أن يملك الطّاقة على إنكار ذاته لإحلالهم محلّه.
فلا تكونوا أنانيّين فارِغين فانِين، بل انغرِسوا في الأرض متواضعين، لتكونوا ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبَلَةٍ مِائةُ حَبَّةٍ﴾ (قرآن كريم) فبذلك، حقيقةً، تحيَوْن وتُبعَثون وتخلُدون. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشْهَد!
لُغَتُنا العَرَبِيّة.. حَماها الله..!
اِسْتُشِيرَ رجل في الزّواج، فقال: اِحْذَر أن يعرض لك ما يُعرَض للسّمك في الشّبكة؛ فإنّ الخارج منها يطلب دخولها، والداخل يطلب الخروج منها!
قال أشْعَب لصديقه: أهْدِني هذا الخاتم الّذي في إصبعك لأذكرَك به في سفري! قال: إنّه ذهبٌ وأخاف أن تذهب، ولكن خُذ هذا العود، لعلّك تعود! وأعطاه عود ثِقاب.
قال رجل للمُهَلَّب بن أبي صُفرة: كيف نجحت وبلغت ما بلغت من مركَز رفيع؟ فقال المُهَلَّب: إنّما أدركتُ ما أدركتُ بالعلم وحدَه. قال الرّجل: ولكنّي أرى غيرك لم يصل إلى ما وصلت إليه، وقد تعلّمَ أكثر ممّا تعلّمت؟ قال المُهَلَّب: ذاك علم حُمِل، وهذا علم استُعمِل!
(الكاتب دارس عاشق للّغة العربيّة، مترجم ومحرّر لغويّ؛ الكبابير/ حيفا)