اِنهضوا أيها الفنانون..
لم يكن غريبا علينا دخول البغال والجمال والحمير المحمولين على المتظاهرين الأبطال، ولكن ما كان غريبا علينا هو الانقسام بين صفوف الفنانين المصريين بين مؤيد ومعارض لهذا النظام المركب من حية على علقة على بلهارسيا على خنزير على ثور عجوز
اِنهضوا أيها الفنانون..
|محمد بكري|
أحد الدروس التي تعلمناها في المسرح هي زيارة جنينة الحيوانات ومراقبة الحيوان وحركاته، ونقلها وتقليدها، لأنّ كلّ حيوان يحمل صفات تميّزه عن الآخر، وكثيرًا ما تجد في الحيوان صفات إنسانية.
وعلى العكس- كثيرًا ما تجد في الإنسان صفات حيوانية.
فلو أخذنا على سبيل المثال الحية، سنجد فيها البرود والنعومة واللولبية في حركاتها تشبه إلى حد كبير رجال المخابرات المُندسّين بين صفوف شباب مصر البطل المتمترس في قلب قلب مصر ميدان التحرير.
هؤلاء “الحيات” الذين يحاولون الالتفاف على هؤلاء الأبطال الشباب الذين يشبهون وإلى حد بعيد الفهود السود، هؤلاء الحيات هم السم في الدسم وهم الذين يراوغون ويحاورن بإيعاز من الثور الكبير المتمترس في جلد خنزير على فيل على جاموس على دب على ضبع على قنفذ على درفيل- وكل هذه الحيوانات تجتمع في شخص واحد يخشى نور الشمس ونور التحرير ولا يريد أن يرحل قبل أن يحرق مصر كما فعل نيرون روما.
لم يكن غريبا علينا دخول البغال والجمال والحمير المحمولين على المتظاهرين الأبطال، ولكن ما كان غريبا علينا هو الانقسام بين صفوف الفنانين المصريين بين مؤيد ومعارض لهذا النظام المركب من حية على علقة على بلهارسيا على خنزير على ثور عجوز على طين بارد على ضبع على حرباءة.
القضيه ليست حرية التعبير والرأي والرأي الآخر؛ فالشمس لا تغطى بعباءة أو كما نقول في فلسطين: الشمس لا تغطى بغربال.
ثلاثون عامًا من التجويع والإذلال تكفي لكي لا نقبل النظام ولا نقبل الحوار مع النظام واتباع النظام من الحيات المميتة التي تنفث السم في الدسم.
فانهضوا أيها الفنانون وقولوا كلمة الحق فأنتم معدودون على ضمير الأمة: ضمير الفهود السّود في ميدان التحرير.
(الكاتب فنان مسرحي وسينمائي)