القدر؛ صدفة في زمن الأسطورة/ مجد كيّال
فتحت الانترنت لأبحث عن كلمات القصيدة الكاملة، لأختبر ذاكرتي، فصُعقت. من الواضح ان الأمر لا يتعدى كونه مصادفة، ولكن ما الذي يمنعني من اعتبار المصادفة قدرًا في هذا الزمن الأسطوري؟
القدر؛ صدفة في زمن الأسطورة/ مجد كيّال
|مجد كيّال|
منذ سنوات، يسخر الجميع مني حين يعرفون أني أفضل في الصباح، فور استيقاظي، الاستماع إلى الشيخ إمام بدلًا من فيروز أو أي موسيقى “رايقه” أخرى. كما ملّ من يقرأ مدونتي من كتاباتي السريعة عن أن اليوم الجميل هو اليوم الذي يبدأ بتسجيلات الشيخ إمام القديمة. لم أفكر يومًا في التنازل عن هذه العادة، لم أفكر يومًا في التنازل عن هذا الحُب، فما بالك عندما نصل إلى وضع سياسي على أرض الواقع يبرهن أن من كل التحليلات، الآراء، الفكر، المكتوب والمحكي، لم يصدق إلا اثنان؛ الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم.
سهرت ليلة البارحة حتى حفظت التقارير التلفزيونية عن ظهر قلب، فالتقارير ذاتها تتكرر كل ربع ساعة، لكننا نجلس متعطشين أمام التلفاز دون أن نكترث إلى تكرارها. حين استيقظت، قبل أن أنهض من الفراش، وقد باركني الله بآيفون ينقل لي الأخبار من شبكة “رصد”، رأيت خبرًا عن أن الآلاف يتوجهون مشيًا نحو ميدان التحرير.
لا أعرف لماذا تكررت في ذهني قصيدة نجم “ورقة من ملف القضية”، وهي حوار شعري بين شاب متهم بأنه شيوعي يسعى لقلب النظام وبين المحقق من “نيابة أمن الدولة”. بالرغم من أني لا أحفظ القصيدة كلها، إلا أني أحب المقطع في بدايتها:
” - إحنا نيابة أمن الدولة!
- دولة مين؟
- دولة مصر..
- مصر العشَّة ولا القصر؟”
ثم تذكرت جملةً في القصيدة تقول: “إيه مشّاك عند التحرير”.. وفهمت كيف ربط اللاوعي كل شيء بكل شيء.. “إيه مشّاك عند التحرير.”
فتحت الانترنت لأبحث عن كلمات القصيدة الكاملة، لأختبر ذاكرتي، فصُعقت. من الواضح ان الأمر لا يتعدى كونه مصادفة، ولكن ما الذي يمنعني من اعتبار المصادفة قدرًا في هذا الزمن الأسطوري؟
انطلقت الثورة المصرية يوم خمسة وعشرين يناير… 25 يناير… واتضح لي حين سألت، أن 25 يناير هو ذكرى ميلاد الشهيد خالد سعيد، الذي استشهد بعد اعتداء رجال “مباحث أمن الدولة” عليه في تاريخ 7.6.2010، وتعتبر قضيته من القضايا المركزية التي ساهمت في اشتعال ثورة 25 يناير المصرية الأخيرة.
أما في القصيدة، فيصل الحوار إلى سؤال المحقق:
“- يوم خمسة وعشرين الماضي.. إيه مشّاك عند التحرير؟
- تحرير إيه يا جناب القاضي؟
- أنا مش قاضي!
- بكرا تصير…”
هذه القصيدة، كُتبت في شهر يناير 1973.. أي أن المقصود بـ”خمسة وعشرين الماضي” هو خمسة وعشرين يناير. لم أستطع أن أجد إشارة إلى أي حدث مركزي في ذاك التاريخ. ولكننا بعد 38 سنة، نجد النظام والحاكم، يقفون أمام الشاب الذي يمشي “عند التحرير”، عند “ميدان التحرير”، منذ “يوم خمسة وعشرين الماضي..
ليست إلا محض صدفة، ولكن ما الذي يمنعني من اعتبار المصادفة قدرًا في هذا الزمن الأسطوري؟
9 فبراير 2011
المقالة رائعة عزيزي مجد، ومؤثّرة.. كلّ الاحترام
لكن وددت أن أنوّه أنّ خالد سعيد استشهد يوم 6/6
وأنّه ولد بتاريخ 27/01/1982
وأنّ المهمّ في تاريخ 25 يناير، أنّه عيد الشرطة المصريّة، بسبب دور الشرطة في اليوم بحماية الفدائيين في ظل حكومة الاستعمار البريطاني..
1 فبراير 2011
انا مش قاضي – وليش مش فاضي
وجب التوضيح
1 فبراير 2011
هذه المقالة رسمت ابتسامة على وجهي. حلوة الصّدفة، والقصيدة.